TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > زيارة الحريري والعلاقات الإيرانية السورية

زيارة الحريري والعلاقات الإيرانية السورية

نشر في: 28 ديسمبر, 2009: 05:54 م

حازم مبيضينينتظر بعض المحللين نتائج إقليمية كبيرة من زيارة رئيس الوزراء اللبناني لدمشق،ويعتبرون اجتماعاته مع الرئيس بشار اﻷسد نـواةً لمرحلة جديدة،ينطلق فيها قطار إحياء التضامن العربي، لأن هناك قــوانين جديـدة فــي سـياق تحقيــق هذا الهدف،
ولأن قـرار تطبيــع العلاقات بيــن دمشـق والــرئيس الحريــري،اتخــذ علـى مستويات دولية وإقليمية، تمنع أن تعترضه أية قضية،مهما كبر حجمها وتنوعـت أهــدافها، لكن واقع الحال يدعو إلى دراسة إمكانية أن تتخلى سوريا عن تحالفها التاريخي مع طهران،وهو الذي لم يهتز لعدة عقود بالرغم من عدم تخلي دمشق عن شعاراتها القومية . صحيح أن الملف اللبناني لم يعد محلياً،وأنه كان إقليمياً بامتياز كعادته دوماً،وأن الخارجية الأميركية أقفلت مكتبها الذي كان مختصاً بمتابعة الوضع اللبناني،وأن تشكيل الحكومة اللبنانية جاء بمباركة سورية،لم تكن متاحة قبل عودة المياه إلى مجاريها مع الرياض،التي تسعى لجذب دمشق بعيدا عن دائرة النفوذ الإيراني،لكن الصحيح أيضاً أن التوجهات السورية باتجاه دوائر القرار العربية لم تدفع صانع القرار السوري لإعلان القطيعة مع طهران،التي يمتد نفوذها المستقل إلى الخاصرة السورية،من خلال حلفائها في لبنان،الذين يشكلون حليفاً لسوريا طالما ظلت سمناً على عسل بين طهران ودمشق،إضافة إلى أن العلاقات السورية الإيرانية تأخذ طابعاً استراتيجياً بنيت تحت خيمته الكثير من المصالح التي يصعب التخلي عنها . السوريون الذين غادروا لبنان بغير رضى،لم يتخلوا عن طموحهم بالعودة إليه،على أسس جديدة مختلفة كلياً عن ما كان سائداً،بعد استخلاص العبر من تجربة قوات الردع،التي استطالت فترة إقامتها من عدة شهور لعدة سنوات،لم تكن مرضية لكل اللبنانيين،وهم يعرفون جيداً أن لإيران ذراعاً طويلة في الساحة اللبنانية يصعب لويها،ويدركون ضرورة التعامل مع هذه الذراع المسلحة بايجابية إن هم رغبوا في الحصول على دور في تلك الساحة التي تبدو ضرورية لتعظيم دورهم الإقليمي،لكن عليهم هنا أن يقرءوا بإمعان تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد،التي يؤكد فيها أن لبلاده اليد الأعلى في الشرق الأوسط،وبما قد يعني أن السياسات السورية خاضعة للمصالح الإيرانية،وهو ما نعتقد أن دمشق ترفضه ولا تقبله على عاصمة القومية العربية كما تحب أن ترى نفسها. ليس في الأفق أن تتخلى دمشق عن حليفها الإيراني،حتى لو كان ذلك مطلباً يتبناه بعض العرب،وتصر عليه الدوائر الغربية،لكن ذلك لا يمنع من ملاحظة استقلالية القرار السوري بالنسبة لعملية السلام مع إسرائيل،الذي تجاهر الجمهورية الإسلامية برفضه،وتعمل على إسقاطه،عبر أذرعها العربية المتمثلة بالأحزاب الدينية،ودمشق تستعين بتركيا لتحقيق السلام،واستعادة الجولان المحتل،ضمن صفقة إقليمية دولية كبرى،تضمن لمنطقة الشرق الأوسط الهدوء،ولإسرائيل جواراً يتعايش معها،بالطبع بعد حل القضية الفلسطينية،وبما يضمن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني،وعنوانها بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. على الذين يتوقعون انفكاك الترابط بين طهران ودمشق،أن يتمعنوا في الصورة من كل جوانبها،وعدم النظر إليها من زاوية مصالحهم،فلدمشق مصالح كبيرة في استمرار تلك العلاقة،ولابد أن يكون التعويض مجزياً لتتخلى عنها،فلغة السياسة في آخر الأمر هي لغة المصالح وليست لغة الشعارات كما قد يتوهم البعض.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram