في الـ 75 من عمره، ما يزال آل باشينو متقداً، محباً للحياة، التمثيل والقهوة غير الثقيلة وهو يجلس بهدوء منتظراً ببدلته المدنية، بدلة سوداء، وربطة عنق. وهو بعد أربعة عقود من الزمن من العمل الجيد، فهو ببساطة يمتلك وقتاً ليفعل اللاشيء على الاطلاق. ويقول
في الـ 75 من عمره، ما يزال آل باشينو متقداً، محباً للحياة، التمثيل والقهوة غير الثقيلة وهو يجلس بهدوء منتظراً ببدلته المدنية، بدلة سوداء، وربطة عنق. وهو بعد أربعة عقود من الزمن من العمل الجيد، فهو ببساطة يمتلك وقتاً ليفعل اللاشيء على الاطلاق.
ويقول: "لقد اعتدت ان اكون ناسكاً لعدة اعوام، والآن بدأت اظهر بشكل افضل. انا احب الناس، وعندما اذهب الى المطاعم، ويحاولون وضعي في غرفة، على انفراد، اقول، انتبه، انا لا افعل ذلك في بيتي".
ووقود آل باشينو شيئان: التحمل متقداً كالبركان التمثيل والقهوة، وكأنهما الاوكسجين الخاص به. وكان امامه وهو يتحدث قدح للكابوشينو على المنضدة وقدح القهوة الامريكية السوداء، في قدح آخر. ويقول :"هكذا كان نظامي عندما كنت احتسي الشراب في السبعينات".
احتسي البيرة، ثم المارتيني، والبيرة مرة اخرى، وبعدها المارتيني ايضاً. والمسؤول عن البار يقول: "بحق الجحيم من أنت؟!".
فيلم "سيربيكو" عن سرقة البنوك التي قام بها سيربيكو، سارق البنوك الذي تحول بفضل وسائل الاعلام، الى بطل في فيلم، "الظهيرة يوم الكلاب".
وتتالت افلامه عبر اعوام الثمانينات ولكنه كان قد فقد بريقه آنذاك، وتحدث عنه النقاد، في تلك الاعوام، وربما لكونه القدر الكبير عن خشونته آنذاك.
ويقول عن ذلك بقول: "لا يمكن العودة الى الوراء بل السير نحو الامام. والادوار الضخمة، مثل قصص الحب الكبيرة، وهي القوى الضخمة تريد البقاء حيّة، ولا تتشابه الموضوعات. فهناك موضوعات يوّد الفنان القيام بادوارها الجيدة. وهناك ايضا موضوعات لا يميل المرء الى القيام بها. وهناك حالات نادرة للحصول على دور يثير الاهتمام ويدفعك الى تأديته.
وقام باشينو بادوار في حوالي 100 فيلم وترشح لجائزة الاوسكار ثماني مرات وفاز بها عام 1993 عن فيلم "رائحة المرأة، وكذلك عدد كبيرمن جوائز الايمي والفولدن كلوبيز. وجائزتان(توني)، وثم ومع ذلك الاهتمام الذي يلقاه، نجده ضجراً، ويدق جرس هاتفه مرتين. كانت كاثرين تيرنر، ثم ظهرت عند المائدة. ويبدو وكان كل واحد يريد قطعة من باشينو واعتذر باشينو، منها بحرارة ومعنويات عالية.
وبعد قليل تغيرت لهجة كلامه، مدركاً ضجري وانتظاري الطويل، وامضى عدداً من الساعات في الاستماع اليّ باهتمام، وانا اطرح عليه اسئلتي، على الرغم من انه ليس متحدثاً جيداً في هذا المجال.
وباشينو على وشك حرماني سواء في افلامه او في حياته، فهو ممثل قدير. اجل انه يمتلك مفتاح المحادثة، وقد يحس ان باشينو قد نسي كونه ممثلاً، لا يقدر حتى على اغماض عينيه امام العدسة، حسب اتفاق تم بينه والجهة المنتجة لتلك الافلام، حيث اصبح هو ودي نيرو وجهان يحتلان الاماكن المخصصة للاعلانات، وكان ذلك في خلال المرحلة الذهبية من تاريخ السينما الامريكية، واصبح الملصق الاعلاني، الخاص للافلام وكانت تلك الافلام جيدة، ومنها على سبيل المثال "الاب الروحي" الجزءان الاول والثاني، وجاء بعده تكريمه عن دوره في مسرحية "تاجر البندقية" في برودواي عام 2010.
وآل باشينو لا يهتم بالكلمات بقدر اهتمامه باهمية النص. وفي ذكرى ميلاده الـ(75 سنة) قبل اسبوع، واقامت له صديقته، لوسيلا سولا (36 سنة) واطفاله التوأم اوليفيا وانطوان، حفلة بالمناسبة.
وهو لا يهتم بالتقدم في السن، لانه عادة يفضل المرحلة التي يمر بها. وقد فقد في عام 1910عدة ملايين، وتبين بعدئذ ان مدير اعماله، كان يختلس من امواله.
وفي الكوميديا الجديدة داني كولينز، يقوم بدور نجم روك اندرول، اشبه بـ(رود ستيوارت)، والذي اعتبر عبقرياً في مجاله آنذاك.
ويقول باشينو، "السبب في اختياري الدور، لان رود ستيوارت، آنذاك، كان من الممكن مقارنته بـ" بوب ديلان" وقد تأثر جداً لاختياره لتأدية الدور وتدور الاحداث حول رود ستيوارت، وقد تقدم في السن واصبح مدمناً، يعيش على المخدرات والجنس وقصة الفيلم تشبه حياة المغني البريطاني الشعبي (ستيف تيلستون) ،وكنت آنذاك قريباً من الممثل جارلي لوفتون، وكان مدمناً جداً على الشراب، وبعد ان وجد لوفتون طريقا لترك الشراب، حاول اقناعي بذلك، وكان عليّ بعد ذلك تقمص الشخصية التي امثلها. وبقيت معي شخصية (كورليون) عدة اعوام.
ونصحني لوفتون بترك تلك العادة، لانني بذلك ادمر نفسي.
وبعد 40 عاماً من "الأب الروحي" فان تلك الشخصية ما تزال معه، وكان في طفولته اكثر قربا من جدّه، اما والدته فكانت تحتل المرتبة الاولى في نفسه، وتعمل في دار للسينما، وكانت احياناً تأخذه معها الى العمل.
ويبدو ان باشينو كان متعلقاً بوالدته، ويسميها آفا، لانها كانت تشبه آفا غاردنر.
وفي الـ 16 من عمره، انتقل الى القرية الغربية للعمل وجمع النقود لمدرسة الدراما.. وفي مسرح في المقهى التقني بـ لوفتون، الذي اقترب منه، وكان عوناً له في تلك الاعوام، مع تتالي الاحداث والمصائب، عند وفاة والدته وكان آنذاك في الـ (21) من عمره، وتلاها بعدئذ جدّه.
والايام الحزينة تلك، اعطته دفقاً من المشاعر عن انتمائه الى "ستوديو الممثلين". وكان في الثالثة والعشرين من العمر، وكان المشرف عليه "لي ستراسبيرغ" الذي نصحه ان يكون واقعياً في ادواره، وانضم الى مسرح برودواي، وشخصية داني كولينز "تعتبر نسخة من الرجل الذي كان سيكون ان لم يمنع في شبابه من الافراط في الشراب، كما فعل ديلان الشاب. وكان باشينو في شبابه، يعيش في جنوب برونكس، اصبح بعدئذ مثلا مسرحيا، لم يهيئ نفسه لتلك الشهرة التي جلبها له فيلم "الاب الروحي" في عام 1972.. ويقول: "كان ردّ فعلي غريباً.. والناس في هذه الايام تتقبل الشهرة بسهولة، لان اجهزة الافلام تتحدث عن الامر".
ويضيف: "ولكني احسست ان قنبلة انفجرت في حياتي، والناس تتقرب منه في الشوارع، واصبحت اكثر معرفة بنفسي اذكرها باستمرار، لان (غرباء) في الشوارع ينادونني به.ويقول باشينو: "كنت غير اجتماعياً ومتوحداً، شديد الحساسية". وهو ما يزال كذلك، او كما يقول لا يعرف ما هو مطلوب منه.
لقد نسي اعوام السبعينات، التي كانت عنيفة، انها تبدو مثل بقعة ويعود ذلك الى كونه مدمناً للشراب، ويقول: "كنت مدمناً للشراب، بعد تقمص تلك الشخصيات التي مثلتها، وكان بعضها يبقى متمسكاً بي عدة اعوام، كما كان الامر مع شخصية "كورليون" التي بقيت معي طويلاً.
في عام 1969، ثم الى عالم الافلام بعد عامين، وكان عليه السير في طريق شاق، وقد راجع دوره في شخصية مايكل كورليوني، ثلاث مرات امام المخرج فرانسيس فورد كوبولا، الذي وقف بجانبه في حين ان شركة بادامونت كانت تريد روبرت ريدفورد او وارين بيتي. وكان التمثيل بالنسبة لباشينو، تحرير المشاعر العميقة، والسماح لها بالظهور، وعند ذلك يكون التمثيل حقيقياً.
وفي عام 1973 عندما كان يمثل دور الملك ريتشارد كان منتميا تماما الى تلك الشخصية، في المسرحية، وربما وكما يقول، انه كان قد احتسى الشراب، وكان ايضا مبتعداً عن العالم، وفسر شخصية ريتشارد بقوله: "انه ممثل – ملك وقد يتحول الى شخصية فاسدة عبر القوة.".
ويوصف باشينو "الذئب المتوحد"، فهو لم يتزوج اي واحدة من صديقاته، وهن يشكلن قائمة طويلة ومنهن جان تارانت، التي انجبت له جولي التي تبلغ الان 26 عاما، وكذلك الممثلة بيفرلي دانجيلو، والدة اوليفيا وانطوان.
ويقول باشينو، "لم اكن اعرف شيئاً عن الزواج، ولكنك عندما تحب، فانك تصل الى قمة مشاعرك، وكان عليّ الزواج عدة مرات، في السابق".
ويدق هاتفه الخلوي عند ذاك، انهما التوأمان يريدان التحدث اليه من الشاطئ الغربي، ما بين لوس انجلس ونيويورك، ويتسلل الى الخارج ولكنه إثر عودته وبعد عودته يرينا بفخر صورهما في هاتفه. ويقول ان اولادي جزء من بقائي، وعندما يكون لديك اطفال عليك ان تختار ادوار جيدة. إنهم في الدرجة الاولى، وانه قد رتب جدولاً للبقاء مع ابنائه بعد عدة اشهر بسبب ارتباطه حاليا بالعمل مع ديفيد ماميت "الدمية الصينية" على مسرح بروداوي في فصل الخريف. وهو حاليا مرتبط بجولة حول العالم في عمل باسم "في مساء مع آل باشينو، اما فيلمه القادم "مانغليهورن" ويلعب فيه دور "صانع اقفال"، ويعرض في شهر آب، كما تحدث نص فيلم بعنوان "ايام بونابرت الاخيرة" .
وقد تأخر باشينو ولكنه يطلب الاتصال به مجدداً. ويلّح لدفع قائمة الغداء قائلاً: "قل للصحيفة، ان آل قد دفعه. وفي اليوم التالي، وعندما اتصل به، كان في خضم الحشود التي في الشارع. ويقول بصوت عالٍ "انني نيويوركي، واقود مثل سائق سيارة للاجرة ويقول انه قد شاهد في الليلة السابقة مسرحية "هاملت" ويقول "انها مسرحية هائلة، لقد قرأتها عندما كنت صبياً، ولا انا بقادر على تخطيها، وبامكاني مشاهدتها الف مرة سنوياً، انها متعة ، ان كنت امثل فيها أم لا. إن المسرح يجذبني باستمرار وهو يومض امامي بضوء، منذ اعوامي الاولى. وانا اليوم لست في مرحلة الطفولة، ولكنني مازلت ألعب".