محمد الذهبيلم يكن اليمين الاسلامي بمعزل عن التأسيس للقضاء على الثورة التي ولدت من رحم الثورة الاسلامية، فقد هيأ اسباب القضاء على كل صوت معارض لايديولوجية جديدة لم تكن من صميم ما اتى به الرسول (ص)،
وانما صنعت داخل الفكر الاسلامي الجديد من الملاك القدامى، او الذين اعتنقوا الاسلام للوجاهة واكمال مسببات السلطة حين استقر امره، اما حين كان فكراً مرتبطاً بالعبيد والفقراء فقد كان يدعو الى مايريد له سادات قريش. لقد انفصل الخط الثوري وانطوى على نفسه حين رأى كبار قريش يتوافدون على الرسول لاعلان اسلامهم بعد ان ضعفت شوكتهم واصابهم الوهن وبعد ان اعلن الرسول (ص) ان الفكر فكر عالمي لايقتصر على امة العرب او قريش، ولذا بدأت الطبقات تنمو والتجمعات تأخذ حيزاً كبيراً والرسول يحاول ان يعيد المياه الى مجاريها مرة عن طريق القران واخرى عن طريق الاحاديث النبوية التي تساوي بين جميع المسلمين ولا تفضل احداً على احد حيث اعلن مراراً ان ميزان التفاضل في الاسلام هو التقوى، لكن اليمين الذي اعتاد على السلطة وتسلم مقاليد الحكم حيث ابدل من وجهة نظره على الاقل دار الندوة بمسجد الرسول، بدأ يحوك المؤامرات لتنحية الثوريين الحقيقيين عن تسلم السلطة وما نفي ابي ذر الغفاري الا واحد من الامور التي اوضحت طريق اليمين الجديد في الاستحواذ وابعاد الاصوات العالية خصوصاً وان ابا ذر كان لا يخشى في الله لومة لائم وكان معارضاً من الطراز الاول. اذن ابتدا الامر بالتهميش والنفي والارغام وانتهى ان تتقلد وجوه قريش التي كانت تسود في الجاهلية مقاليد الامور من جديد، لكن هذه المرة وصل الامر الى تنحية ال بيت النبي، وابتدأ الامر بتقوية شوكة معاوية في الشام وتوليته الشام بعد اخيه يزيد بن ابي سفيان وكأن الشام حكر على ال ابي سفيان، واصبح الامر لايعدو عن كونه ثارات لبطن من بطون القبيلة الممتدة (قريش)، فقد رفع معاوية قميص عثمان وطالب عليا (ع) بدمه ايغالاً منه بالجرأة على الاغلبية التي اجمعت على تولية الامام علي الخلافة وهو زاهد فيها. ووصل الامر الى ما وصل اليه حيث تبع الحسين العبيد والمسحوقون حين اعلن ثورته ضد خلافة يزيد التي دعي اليها بحد السيف والاكراه والتصفيات. ان التاريخ اعاد نفسه فقد حكم ابو سفيان في الجاهلية وكان الرسول معارضاَ واعلن ثورته ومن ثم عاد الحكم الى يزيد فاعلن الحسين ثورته في كربلاء التي استشهد من اجلها والتي اراد منها (بيرسترويكا جديدة) ولكن صوت اليمين في الاسلام كان مرتفعاً ليعلو على صوت اليسار في كربلاء. ويقينا لو ان اقطاب التجبر القريشي الذين كادوا للرسول وحاولوا افشال دعوته لو كانوا لم يزالوا احياء خلال ثورة الحسين لوقفوا بصف يزيد لمعرفتهم ان ما جاء به الرسول ( ص) يحمله الحسين في وجدانه، ان نظرة سريعة لما جرى في كربلاء يدلل على ان صناع الثورة ، يبقون اشد حرصا عليها من غيرهم ولذا يحاولون جاهدين ابعاد الشوائب عنها ، من مثل ماجرى من دعوة الى تسجيل الاسلام باسم تيار معين او طائفة معينة، واعلان كسروية الخلافة الاسلامية التي ابتدأت بالانتخابات لتنتهي وراثية ، بعيدة عن الشعب وعن همومه الكثيرة.
على الارجح: ثورة في الثورة
نشر في: 28 ديسمبر, 2009: 07:21 م