TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء في شبك: (يقرون الممحي)

هواء في شبك: (يقرون الممحي)

نشر في: 28 ديسمبر, 2009: 07:30 م

عبدالله السكوتيعُيَّن احد الولاة لولاية بغداد اثناء الحكم العثماني ، وبلغه وهو في الاستانة ان اهل بغداد يعرفون الاوامر الرسمية قبل وصولها الى ايدي المسؤولين فاستغرب من ذلك وحين وصل الى بغداد تبيّن له صحة ما سمعه وان الناس يتناقلون الأخبار الرسمية قبل ورودها من الاستانة، وصعب عليه معرفة سر ذلك ،
 فاراد ان يختبر البغداديين في هذا الشأن وذات يوم ارسل الى صاحب البريد وابقاه في قصره مع بغله ، وبعد منتصف الليل سلّمه الوالي خرجا مملوءا وضعه على البغل ثم اخرجه الى خارج السور، وامره بأن يدخل بغداد في صباح اليوم التالي ليعلن عن وصول البريد. بث الوالي العيون والارصاد في طريق البريد لاخباره بما يتفوّه به الناس عند مرور البريد بهم ، وفي الوقت المحدد اجتاز صاحب البريد سور بغداد من جهة باب المعظم واخذ يقرع الجرس المعلق بعنق البغل وينادي بالنداء التقليدي : "بوستة كلدي" يعني وصل البريد وعند مروره من امام احدى المقاهي سمعه احد روادها ، وهو ينظر الى البغل وقال 🙁 ولك وين اكو بوستة انت شايل كاغد ابيض )، فسمعه احد الاشخاص الذين بثهم الوالي لهذا الغرض ، فنقل الى الوالي ما سمع وكان الوالي قد وضع في الخرج ورقا ابيض ، فاستغرب من معرفة ذلك الرجل ، حينها قال : (أهل بغداد يقرون الممحي). ها نحن نقرأ الممحي ولذا صار بنا ما صار ، الذي يجهد فكره متأملا باحتلال حقول الفكة ولماذا صار هذا الامر بهذا الوقت بالذات سيقرأ الممحي ، ويعلم ان للدعاية الانتخابية شأن في ذلك ، وسيعلم بعد حين ان احدهم سينبري لحل هذه الاشكالية المصطنعة وبعدها يجاهر بالقول انا احقهم فاتبعوني لولاية الدولة لأني وضعت النقاط على الحروف ، انه صراع مصطنع ليس له وجود ، حين تحركت بعض القطعات الايرانية لتسيطر على حقل الفكة ، او بالاحرى انه امر يراد به التغطية على امر اخر كأن يكون تصدير الأزمات مثلا ، وهذا شأن دول الجوار جميعها فقد دأبت تصدر أزماتها الداخلية الى العراق فهو خير ساحة لتصفية الحسابات ، وهذا الامر يعرفونه اهل العراق فهم يقرأون الممحي ، والممحي هذه المرة لم يكن ورقة بيضاء كما فعل الوالي العثماني وانما بئر نفطية في حقول الجنوب . لقد انتهينا من ازمة اقرار قانون الانتخابات بصعوبة بالغة وبعد تنازلات وتدخلات عديدة كي لا نعكّر صفو الديمقراطية الفتية ، فاستيقظنا على تفجيرات الثلاثاء التي دعت مجلس النواب ان يضيّف الوزراء الأمنيين والقادة الامنيين ، وما ان فرغنا من الخروج بتوصيات لجنة الأمن والدفاع حتى وقعنا في مأزق اكبر منه هذه المرة هو حقل الفكة ، الى اين يراد بنا ونحن الذين نقرأ الممحي واية اجندة خفيّة ستعبث بأمن هذا الشعب المسكين ولا نستبعد تدخلاً امريكا عن قريب ليصبح العراق ساحة حرب جديدة وساحة مضافة لتصفية حسابات قديمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram