مناجيات مع كازانتاكي
11
في ذكرى ميلادك تخصص اليوم كله لمحاسبة ضميرك وتقدم تقريرك الى الله عن مسيرتك المتوحدة وعما فعلته طوال عام انقضى من عمرك ، تنظر إلى الماضي وتهتف " كلا ، كلا ، مافعلته غير كافٍ ، لٌقد بددت قواي وكان بوسعي أن أنجز الأفضل ، لحسن الحظ أن امامي عشرين سنة اخرى أعيشها لأنج".
تقول إيليني : كان نيكوس يصدق ذلك ويجد فيه عزاء، وكنت أتوقع لحظات الوهن الدورية العنيفة والقصيرة التي تنتابه ، وأعلم أنه بعد اليأس المضني يأتي الانفجار الخلاق.
كنت تردد دوما : تكفيني ورقة بيضاء وقلم ومتسع من الوقت وعزلة مكتملة وضحكات متبادلة مع شخص محبوب لتولد روائع أدبية جديدة..
رغم انهماكك في الترجمة والكتابة الابداعية ، تفكر بالمهاجرين من القرويين الأميين الذين طردتهم المجاعة والحرب من اليونان ووصلوا إلى أميركا فتقدم مشروع معهد للثقافة اليونانية من أجلهم ، لكن الحكومة اليونانية ترفض ذلك والمهاجرون الفقراء وجدوا انفسهم في نوع من الرفاهية واللصوصية الفريدة التي أوجدها إله المال ويقولون ماجدوى أن يتعلم ابناؤنا لغة آبائنا؟..لانريد ان نتذكر قرانا المخربة وفقرنا المخزي ولانريد سوى الاندماج في المجتمع الجديد ، ماذا نفعل بلغة بلادنا ؟؟
عندما رفضت الحكومة فكرة المشروع – منعت في الوقت نفسه تجديد جواز كازانتزاكي وهو في فرنسا وأصبح ضحيةً لدسائس عديدة من قبل بعض الأدباء ،وصار النطق باسمه خطرا في اليونان وهو الكاتب المغضوب عليه.
- كانت ثمة فكرة لترشيح كاتبين يونانيين لجائزة نوبل ، أنت وشاعر صديق سنة 1947 ، ماذا كتبت لصديقك كاكريذس الذي دعي لالقاء محاضرات في الجامعات السويدية ؟
- قلت له : لقد بعثك الرب هذا العام الى السويد حيث يمكنك ان تتحدث عن حياتي وكفاحي الروحي ، اعتقد انه من العدل تشريف رجلين من اليونان بلغا ذروة النضج والعطاء، واستغرب الناس أن يسعى كاتب حر مثلي الى الجائزة ، كنت اريد بعض استقلال مادي وان لا اضطر لكتابة مالايرضيني تماما من أجل العيش ، وأن أساعد أصدقائي وأسافر لآكتشاف هذه الارض العظيمة.
- كيف كنت ستتحرك وانت بلا جواز سفر؟
- تطوع اصدقاء فرنسيون ويونانيون لترشيحي لليونسكو في مشروع ثقافي عظيم اقترحه الدكتور شارل مالك مندوب لبنان في الامم المتحدة لترجمة جميع الاعمال العظيمة في كل العصور الى مختلف اللغات الاجنبية، الادب والفلسفة والعلوم الطبيعية وغيرها ، ووضعت الخطة في انتظار ان يوافق الاعضاء عليها.
- من دعم ترشيحك لليونسكو؟
- دعمني وزراء اليسار وجورج باباندريو وشخصيات يونانية كبيرة اخرى واعترض وزير الخارجية اليوناني بشدة ووبخ سفير اليونان في باريس لانه سمح بفضيحة ترشيح عدو الحكومة كازانتزاكي .
- وهل واصلت العمل في هذا المشروع ؟
- رغم انني بدأت العمل توا انهالت كتابات أدباء اليونان ضدي معتبرين عملي في اليونسكو مكرسا لخدمة شهرتي في العالم وذلك غير منصف اذ لم يكن يعرف هذا الرجل اليوناني النحيل صاحب اللكنة - في اليونسكو - سوى عالم اسباني ومسيو مايو.
- هل عملت طويلا في اليونيسكو؟
- بل قدمت استقالتي حالما انهيت تنظيم مشروع الترجمة.
- لماذا ؟
- لم يعد لدي وقت للكتابة والقراءة ، وكدت اختنق حسرة ، أنا تكفيني ورقة بيضاء وقلم ومتسع من الوقت وعزلة مكتملة لأكون سعيدا وقد أتت الساعة المباركة لأدخل فردوس العزلة .
يتبع