TOP

جريدة المدى > عام > خلف الجدار في عصور الضوء الخافت ليوجين روجه

خلف الجدار في عصور الضوء الخافت ليوجين روجه

نشر في: 1 يونيو, 2015: 12:01 ص

رواية يوجين روجه حول برلين الشرقية، الحاصلة على جائزة وفي قائمة الكتب الأكثر مبيعا في المانيا، ليس من المحتمل أن يكون لها نفس الأثر على القرّاء مع استثمارها القليل في مشروعها التصحيحي أو ضعفها لـ ’’ الاوستالجيا ‘‘ [ تعبير ألما

رواية يوجين روجه حول برلين الشرقية، الحاصلة على جائزة وفي قائمة الكتب الأكثر مبيعا في المانيا، ليس من المحتمل أن يكون لها نفس الأثر على القرّاء مع استثمارها القليل في مشروعها التصحيحي أو ضعفها لـ ’’ الاوستالجيا ‘‘ [ تعبير ألماني يشير الى الحنين الى أوجه الحياة في ألمانيا الغربية وهو مركّب من ’ اوست ‘ ( شرق ) و’ نوستالجيا ‘ ]. لكنها يمكن أن تثير نوستالجيا من نوع مختلف، تكون مدخلا واقعيا في الإسلوب، بورتريه ميكروكوزمي [ عالمي مصغّر ] عن عصر، ازدهر فيه سابقا الروائيون الانكليز.
فعلت الرواية حسنا بعنوانها الفرعي – " قصة عائلة " – عارضة مشهدا عن الحياة في الجانب الخطأ من ’’ الستارة ‘‘ ( وفيما بعد ’’ الجدار ‘‘ )، وهي في قوة تعبيرها أقرب الى يوميات سيمون غارفيلد "حيواتنا الخفية " منها الى فيلم الاوسكار " حيوات الآخرين " [ " داس ليبن دير أندرن "، فيلم الماني، 2006، إخراج فلوريان هنكل فون دونرسمارك ]. هذه هي الدي دي آر [ جمهورية ألمانيا الديمقراطية ] مشاهَدة في مطبخ منزل ضواحيّ اكثر مما هي في أروقة السلطة، مع تحضير كرات عجين ثيرنجية [ نسبة الى ولاية ثيرينجيا في وسط المانيا ] ( (( أنت تحتاج الى بطاطا نيئة ومقلية، على النصف، او بالضبط بطاطا نيئة أكثر قليلا من المقلية )) ) مستقبَلة بمستوى من التفحص يتفق سابقا مع التنصّت على الهاتف.
لكن روجه ينجح أيضا، الى جانب الكشف عن قصة آل أومنيتزر، بالكشف عن قصة دولة، مستخدما نفاذية العام والخاص، الدبلوماسي والملبسي. خارجا مع فتاة في 1973، يفكّر الكسندر أومنيتزر مليا بأن طقم لباسها البرّاق كان ممكنا فقط بسبب ’’ المعاهدة الأساسية ‘‘، التي تعترف بموجبها الجمهوريتان الفيدرالية والديمقراطية ببعض – متيحة للأخوات بإرسال المعاطف الجلدية والتنانير القصيرة (( على نحو لافت للنظر )) عبْر الحدود الداخلية الالمانية. وبفضل المستوردات الأخرى – الأساليب البورجوازية الغريبة – تصرّ صديقة أخرى من صديقات الكسندر، الزائرة لمنزل آل أومنيتزر في يوم الكريسماس 1976، على خلع حذائها عند دخواها، تقليد تعتبره والدة الكسندر (( تافه وريفي )).
ليس فقط في السيناريوهات الاجتماعية يجعل التاريخ من نفسه محسوسا. إذ يُفتَتح الكتاب، في 2001، يكون الكسندر مصابا بورم لمفاوي. يُترَك القارئ في شك قليل من أن المرض هو نفسي المنشأ، نتاج صراع أبدي طوال الحياة – من التوق الى الحريات الذي تظُهر له أسرته احتقارا.
بناء الكتاب معقد وغير مرتب في خط مستقيم، الشخصيات المولودة في أزمان متباعدة، بين 1889 و1977، تكون موصوفة في سرد متوازٍ. بتحويله دراميا فصول متعاقبة من أحداث نقع في عقود منفصلة، ينجز روجه ملحمة معالَجة كرونولوجياً، لكنه يحجم عن استغلال فوائد السرد الإحتمالية، كإجازة لإرجاء التفاصيل. ارتداد الكسندر عن الغرب في نهاية الثمانينات مكشوف تقريبا من غير قصد، في فصل مبكر. وبينما يكون هناك عنصر بوليسي في رحلته الى المكسيك، يكون روجه منشغلا جدا بزيارات غير متوقعة لفترات أخرى بحيث تختفي هذه الرحلة عن أنظاره.
الترجمة تتطلب براعة فائقة أقل من مهمات سابقة لأنثيا بيل [ المترجمة ]، مع أفكار الكسندر على الصفحة الافتتاحية، (( كانت السماء زرقاء، وماذا بعد؟ ))، موفرة مؤشرا مبكرا للاهتمام بالوصف الطبيعي. لكن إن يكن روجه يقتّر على القارئ ببعض المتعة، فذلك لأنه مخلص لمجموعة شخصيات منهمكة بالقيام بدور طيور لتحليقات غنائية.
هو الكسندر، الشخصية الأقرب في العمر والتجربة لروجه، الذي يوفر صورة أكثر وضوحا لقواه – الاستخدام البليغ للتفاصيل سريعة الزوال، القدرة على القبض على التاريخ عبْر انتقالات ذهنية. ثمة لحظات في مشهد الكريسماس، عندما لا يستطيع الكسندر، وهو يشهد عِناد صديقته واستهجان أمه، أن يقرر ما إذا كان عليه خلع حذائه. في النهاية يختار أن يخلع حذاءه، لكن حياة محددة بالتمرد هي أخيرا ليست حرّة أكثر من حياة امتثال. حتى بعد عقد من الخلل، ما تزال أفكاره مستهلكة بصدمات الماضي، ما تزال معبَّرا عنها بتعابير: (( هو يشتري قبعة كي يتبرّأ من والده. هو يشتريها ليتبرّأ من كل حياته حتى هذه اللحظة، الحياة التي لم يكن يرتدي فيها قبعة. ))

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

فيلم
عام

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

ترجمة: عدوية الهلالييعرض حاليا في دور السينما الفرنسية فيلم "الجدار الرابع" للمخرج ديفيد أولهوفن والمقتبس من الكتاب الجميل للصحفي والكاتب سورج شالاندون - والذي يجمع بين حب المسرح والعيش في مناطق الحرب في لبنان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram