TOP

جريدة المدى > مواقف > ذوبان الجليد يفتح ممرات تجارية هائلة ويعزز التسلح

ذوبان الجليد يفتح ممرات تجارية هائلة ويعزز التسلح

نشر في: 30 ديسمبر, 2009: 02:40 م

عن وكالة/ آي بي أس أجري التحقق تدريجيا من أن معدل ذوبان القمم الجليدية، سواء في القطب الجنوبي أو القطب الشمالي، يفوق كثيرا كل ما كان مقدرا ومتوقعا، بما يشمل انصهار الأنهار الجليدية وأعالي الجبال الشاهقة الارتفاع التي عرفت بثلوجها الدائمة. وثمة حالة دالة، ألا وهي أن بعثات التحقق الروتينية الأخيرة قد كشفت أن أجزاء من حدود جبال الألب بين سويسرا وايطاليا قد اختفت مؤخرا
بعد أن كانت موجودة على الخرائط منذ 1861. من حسن الحظ أن الأمر يتعلق بدولتين تمتعتا بفترات طويلة من التعايش السلمي، ومن ثم تتناولان القضية بصورة منطقية وودية، عبر لجنة فنية متخصصة. لكن العواقب التي يمكن أن تترتب على مشكلة من هذا النوع في مناطق جغرافية أخرى تمثل مصدرا كبيرا للقلق. فمن شأن قضية من هذا الضرب علي الحدود بين الهند وباكستان أن تأتي بعواقب هائلة، خاصة في كشمير وسياشين حيث لقي 3000 جندي من البلدين حتفهم في نزاعات مسلحة منذ 1984. وينطبق نفس القول على الحدود الصينية الهندية المتوترة، وكذلك على تلك بالغة التعقيد بين أفغانستان وباكستان، حيث ستساهم سرعة ذوبان الجليد في زيادة مساميتها مؤدية إلى زيادة عدم الاستقرار في هذين البلدين اللذين يعدان ضمن أقل دول العالم استقراراً. وثمة تداعيات أخرى كبيرة لارتفاع درجة حرارة الارض، ألا وهي سرعة فتح ممرات شحن عالمية كبرى في مناطق كانت سابقا غير سالكة بسبب الجليد، سواء في الشمال الشرقي أو الشمالي الغربي، فمؤخرا ولأول مرة في التاريخ، بدأ استخدام الممر الشمالي الغربي على طول شمال روسيا، الذي يقصر المسافة بين موانئ الصين واليابان، وكوريا، وهامبورغ، روتردام، وجنوب هامبتون، بمعدل 4،000 كيلومتر، أما في حالة ممر الشمال الشرقي، أي بالإبحار عبر شمال كندا، فيكون هناك موضع مماثل بين موانئ «مصنع العالم» والسواحل الشرقية الأمريكية. والخلاصة هي أن فتح هذه الطرق الجديدة سوف يغير ديناميات التجارة العابرة للقارات تماما، بل وقد ينزع أهمية تلك الممرات التي تعتبر حتي الآن أساسية من المنظور الجيو ستراتيجية الأساسية، كقناة بنما وقناة السويس. إضافة إلى هذا، سيؤدي انحسار الجليد إلى تسهيل الوصول إلى الاحتياطيات الهائلة من المواد الخام المقدر توفرها في منطقة القطب الشمالي (قدرت وكالة الأنباء الروسية تاس أن احتياطي المنطقة من النفط وحده يفوق 10,000ملايين طن)، ما قاد بالفعل إلى سباق تسلح وتوترات، خاصة بين روسيا، النرويج، الدنمارك، المملكة المتحدة، كندا، والولايات المتحدة. لقد أطلقت هذه الظاهرة بالفعل سباق تسلح في المنطقة، ففي حالة كندا وحدها تمت الموافقة على ميزانية غير عادية قدرها 6,900 مليون دولار، لتعزيز تواجدها العسكري في منطقة القطب الشمالي الواقعة داخل حدودها. أما روسيا، فقد استأنفت الرحلات التكتيكية لقاذقات قنابلها النووية في المناطق القطبية. كما يفسر هذا إلى حد ما، مدى تعجيل الاتحاد الأوروبي بالتشجيع على انضمام أيسلندا المفلسة من أجل ضمان مواقع جيدة في المفاوضات والمطالبات الإقليمية في المنطقة مستقبلا، على ضوء إمكانية مشاطرة «كعكة القطب الشمالي». وفي نفس الوقت، يعتبر ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي السبب الرئسي وراء ارتفاع منسوب مياه البحار، وهو ما يأتي بدوره بعواقب أخرى إقليمية واجتماعية واقتصادية لا رجعة فيها، ومنها اختفاء عدة دول-جزر في المحيط الهادي في مستقبل منظور، كالمالديف، ساموا، كيبيباتي، وغيرها. من الواضح أن كل هذا ينطوي علي تداعيات متعددة، كالأوضاع السياسية والقانونية للدول دون أراض، تضاف إلى المآسي الشخصية والبيئية والثقافية والقومية المترتبة على ذلك، كما يشكل إرتفاع منسوب البحار خطرا حقيقيا علي البنيات التحتية الأساسية في العالم كالموانئ، والمطارات، ومحطات تكرير النفط، والمنشآت النووية وغيرها، التي توجد في كثير من الأحيان بالقرب من البحار أو على مستواها، يضاف إلى كل هذا وذاك، أن الجانب الأعظم من سكان الأرض يقيمون في مناطق قريبة جدا من البحر، في مدن ضخمة كمومباي ولندن ونيويورك وشنغهاي وطوكيو وبوينوس أيريس، وكذلك في مناطق كثيفة السكان كدلتا نهر جانز في بنغلاديش، حيث تسبب ارتفاع منسوب مياه البحر بالفعل في كوارث متعاظمة جراء تلوث المياه ضمن غيرها. وتشير دراسات حديثة إلى تقديرات ارتفاع عدد اللاجئين لأسباب بيئية في السنوات المقبلة، ما سوف يزيد الضغوط البشرية والتوترات ويؤجج النزاعات القائمة أو الممكنة، لقد قدم المنتدى الإنساني العالمي تقريرا هذا العام، يبرهن بصورة قاطعة على أن عدد الأفراد الذي يلقون حتفهم سنويا بسبب التغيير المناخي يبلغ 300,000، في وقت تشير فيه التوقعات على المديين المتوسط والطويل إلى ارتفاع ملحوظ في هذا العدد. في هذا الشأن، يرتهن مستقبل السلام بحتمية العمل السريع لمكافحة التغيير المناخي، ما يلزم المجتمع الدولي على العمل خاصة على ضوء فشل قمة كوبنهاغن، يتعلق الأمر بالمناخ، ولكنه يتعلق أيضا بالسلام وبالكثير من الأرواح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية
مواقف

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية

ترجمة : عمار كاظم محمد كانت أسماء شاكر، أحد المرضى الراقدين في مستشفى الأمراض النفسية في  بغداد، تجلس على بطـّانية مطبوع عليها صورة نمر ، كانت عيونها متثاقلة، فقد بدأ مفعول الأدوية بالعمل ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram