الكتاب:بلد يسمى أميركاتأليف: عالية مالكترجمة: ابتسام عبد الله هناك مشهد، كما تقول المؤلفة، شاهده المتفرجون عدة أسابيع، يتناول حياة الضابط الاميركي برتبة لواء، نضال حسن الذي قتل 13 جنديا في قاعدة فورت هود- تكساس، في الشهر الماضي،
مركزا على كونه مسلما وعلى مشاكله النفسية وانتمائه الى الاسلام الراديكالي. ان النقطة المهمة في الموضوع والتي يتم التركيز عليها باستمرار هي كونه مسلما، وإعادة تكرار تلك العبارة مرات عدة في اليوم، بحيث ان تلك العملية أثارت تساؤلات عدة فيما ان كان مرادف المسلم كونه إرهابيا!وعودة الى عام 1995، انفجرت عربة خارج المبنى الفيدرالي في مدينة اوكلاهوما، وقتل مئات المواطنين، ولكن مرتكب الجريمة غير معروف وتستضيف قناة CNN عضوا سابقا في الكونغرس ويقول، "رد الفعل الاول بالنسبة لي هو ان هناك علاقة ما بين المجموعات الاسلامية والحادث".وتبين فيما بعد خطأ ذلك الاعتقاد، اذ كان مرتكب تلك الجريمة الاميركي تيموثي ماكفي، ولكن المسارعة في توجيه الاتهام، وحصر الامر في المسلمين بالدرجة الاولى، أثار الخوف والريبة فيهم. بل ان العديد من المسلمين أرادوا في ذلك اليوم الخروج ومساعدة الآخرين في الانقاذ وانتشال الضحايا، ولكنهم تراجعوا عن ذلك قابعين في دورهم، بعد معرفتهم ان رجال الشرطة يبحثون مع كلابهم وأسلحتهم عن رجل له ملامح وسمات الشرق الاوسط.وتكرر الامر في تكساس مع الفارق ان مرتكب الجريمة كان مسلما بالفعل، ولكن الرغبة في ربط الاسلام بالعنف، او ادراك ماهية العنف بربطه بالإسلام له جذوره في قصة أقدم من هذه. انها قصة العلاقة بين اميركا والعرب الأميركيين، والتي تتناولها المؤلفة وتلقي الضوء عليها بقوة.وفي كتاب، "بلد يدعى أميركا"، تسجل عالية مالك حياة عشرات من الاميركيين العرب وتعود هذه القصص الى الوراء الى لعبة كرة قدم تاريخية جرت في ألاباما عام 1948، وتمر بالاضطرابات التي حدثت في ديترويت في الستينيات، والتوتر المحفوف بالمخاوف حول القضية الفلسطينية في اعوام الثمانينيات، وحتى انتخاب جورج و. بوش.ونجد في الكتاب، ان كل فصل فيه متكامل تقريبا، يدور حول عائلة ما، ارتبطت حياتها بشكل من الاشكال بالأحداث السياسية لمرحلة معينة وما تسبب ذلك في معاناتها، كغرباء او دخلاء في المجتمع الاجنبي الذي يعيشون فيه. والمؤلفة، بين فصل وآخر، تملأ الفراغات التاريخية بتلخيص التغييرات السياسية في الشرق الاوسط او بتقديم التغييرات التي طرأت على سياسة الهجرة والتي تجدها ضرورية لتفهم التالي.والمؤلفة تنظر الى اميركا عبر أعين الاقلية التي ينظر اليها في الغالب على انها عدوة. ومع تقدم المراحل التاريخية، تبدأ قصة جديدة في التكون. ومع اشارات رقيقة من المؤلفة، يبدأ القارئ بمشاهدة صورة المسلم وكيف تعود على المشاق مع مرور الاعوام. لقد اعتبر المسلمون على الدوام دخلاء على المجتمع. وفي اوائل القرن العشرين، ذهب السياسيون بعيدا في تحديد نوع الوافدين الجدد من العرب بكونهم غير بيض، كشكل من اشكال الاقتصاد ولكن مع اقتراب اعوام الثمانينيات اصبح الدخيل الآخر، "الداكن البشرة" والشرير الذي يرتدي العمامة في افلام هوليوود ولا يهم ان كان ذلك الشخص من السيخ وهم غير مسلمين. ولا يتناول الكتاب قصصا سلبية فقط ففي نهاية القرن، كما تكتب المؤلفة، "اصبح الأميركيون العرب واضحين باطراد" يرحب بهم في المجال السياسي، لهم حضور متزايد في الكليات، وتواجد ملحوظ مطّرد في الشؤون السياسية الأميركية الداخلية. ولكن مع احداث الحادي عشر من ايلول، عاد التوتر، واحنت العديد من الاسر العربية رؤوسها آملة ان لا يمكن مشاهدتها.ان رحلة العرب في اميركا غريبة، وعالية مالك توثق يومياتها بشكل جيد ولكن أفضل القصص في كتاباتها هي الشخصية ومنها ما يتعلق بـزوجة سياسي عربي ناشط سياسيا، يخشى على سلامة عائلته، او حاجب في فندق يتخلى عن اسمه العربي من اجل الحصول على عمل.وفي تلك القصص السياسية منها او الشخصية، تمتزج الشخصيات ولكن ليس بشكل مفتعل او من اجل الكتاب بل ان تلك العلاقات تنشأ بشكل عفوي بينها، فلا توجد امرأة عربية في اميركا تريد ان تخسر زوجها في قضية ما كما لا توجد ام ترغب بالانعزال عن ابنائها الذين ولدوا في اميركا على الرغم من حنينها الى الوطن الذي تخبو صورته تدرريجيا في ذهنها.ان الحياة الاميركية تتألف من قصص مختلفة، تكون في مجموعها صورة المجتمع، إنها قصص شخصية او سياسية وبعضها عامة وكتاب عالية مالك يذكرنا بمرحلة معينة شهيرة لم تكن فيها هذه القصص تبدو بسيطة او مقبولة، اما فيما يخص اميركا والاميركيين، فهم لا يدركون تماما ما يفعلونه في بعض الاحيان.والمؤلفة اختارت ان تكتب كلمة "أميركا"، كما يلفظها العرب، "امريكا".عن النيويورك تايمز