تعلو البسمة محيا أمين بك قيطاس وهو يردد بفخر «بعد عشرة اعوام سيصبح عمري 150 عاما»، امل يرسم ذلك المشهد الجميل لأحد اكبر المعمرين الموجودين على الارض حاليا.
ففي قرية «مهدي آباد» في محافظة ايلام الحدودية مع العراق- وهي احدى موا
تعلو البسمة محيا أمين بك قيطاس وهو يردد بفخر «بعد عشرة اعوام سيصبح عمري 150 عاما»، امل يرسم ذلك المشهد الجميل لأحد اكبر المعمرين الموجودين على الارض حاليا.
ففي قرية «مهدي آباد» في محافظة ايلام الحدودية مع العراق- وهي احدى مواطن الكرد الفيليين- وداخل بيت بسيط، غرفة يخيم عليها صمت غير مألوف من قبل عشرات السنين عندما كان امين بك الكردي الفيلي صاحب الـ140 عاما زعيما لقريته وقبيلة بنجستون.
دخلنا على «امين بيك» وهو جالس على فراشه واضعا المذياع امام جبهته، كي لايبقى وحيدا في ايام الوحدة والنسيان ليضحي المذياع أنيسه ونديمه.
بعد اداء التحية لفتني برودة غرفته لأسأله عن السبب. اكتشفت انه لايستخدم المدفأة للاحتماء من برد الشتاء القارس ولم يعود نفسه على اجهزة التبريد ليقي جسمه النحيف من حرارة الصيف القاتل كما يقول.
يحمي جسمه بارتداء ملابس داخلية متعددة، في حين بردوة الغرفة كانت لاتطاق بالنسبة لنا, «امين بيك» احد اكبر معمري العالم لم يعرف المرض قط كما يقول.
ويقول عن سر سلامته وصحته في هذه المرحلة العمرية «عندما كنت اعمل في مزرعتي، كنت ازرع كل شيء بشكل طبيعي دون الاعتماد على الاسمدة الكيمياوية لتأمين غذائي اليومي، صدقوني لحد هذه المرحلة العمرية لم اتجنب تناول اية مادة غذائية، وبسبب عملي الدؤوب ونشاطي المستمر، لم اتمرض ابدا».
يظهر لنا اسنانه بسعادة ويقول «لقد نمت اسناني الساقطة من جديد، لقد وهبني الله سبحانه وتعالى الخبز والاسنان، جدي كان ايضا معمرا وظهرت اسنانه من جديد».
قال «رزقني الله 13 طفلا ولكن بقي منهم خمس بنات وولدان فقط, احدى بناتي توفيت عن عمر ناهز التسعين عاما، في الوقت الحاضر اكبر اولادي يبلغ 80 عاما واكبر احفادي 60 عاماً».
وأضاف, «على الرغم من كوني زعيم قبيلة وكان الناس يتمنون تزويجي بناتهم، لكن قناعتي كانت ولاتزال ان يتزوج الرجل مرة واحدة فقط. كنت اكن لزوجتي التي كانت من اقاربي كل الحب والاحترام، ولكن بعد سنوات من الحياة المشتركة توفيت وتركتني وحيدا والان احس باللوعة والألم لزوجتي الثالثة التي مازالت على قيد الحياة ولكنها مقعدة».
وبرغم بلوغه نحو قرن ونصف من العمر، لكنه اجاب بخجل كشباب جيله، وتغير لون وجهه حين سألناه هل اختار زوجاته وأجاب «انه سؤال لايمكنني الاجابة عنه .. الحب .. يبتسم».
وسألناه على ماذا يأسف في حياته؟ فأجاب وقد غالبته الدموع «عندما اتذكر الايام التي كنت فيها نشطا وزعيما لقريتي، كانت زيارات اقاربي واهل القرية والاصدقاء لا تنقطع، عندما اقارن وحدتي اليوم مع الامس حيث كان بيتي يعج بالضيوف اتأسف واتألم كثيرا، نظرا لعمري الطويل كان لي اصدقاء كثر وكان ذلك امرا ايجابيا ولكنني مشتاق جدا لاقربائي واصدقائي واعزائي الذين فقدتهم، اتذكرهم دائما واقضي لحظات من وحدتي مع تلك الذكريات».
سؤالنا الأخير كان ماهو الدرس او العبرة الذي اخذتها من حياتك الطويلة؟
فقال "ان ارى الله سبحانه وتعالى دائما واحترم الكبار والاستفادة من تجاربهم".
قراءة رواية الشاهنامة الكردية تدل على ذاكرته ومقدرته الخارقة، على الرغم من ان تألمه من الانزواء والوحدة اصابه بنوع من فقدان الذاكرة ولا يمكنه ان يتكلم بطلاقة، لكنه مازال يحفظ الكثير من القصص والقصائد الشعرية وذكريات الماضي بحلوها و مرها ويتذكر جيدا ماحدث قبل قرن من حياته.