TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عراق "الفرفشة"

عراق "الفرفشة"

نشر في: 3 يونيو, 2015: 09:01 م

بفضل الاصدقاء الاميركيين وحكمة البيت الابيض فصلت النسخة الديمقراطية في العراق على مقاسات الاحزاب والقوى المشاركة في الحكومات المتعاقبة، وبفضل زعماء وساسة ما بعد عام الفين وثلاثة، حصلت القواعد الشعبية على وظائف رسمية في مؤسسات الدولة، بدءا من عامل الخدمة الى الوزير ووكلائه، والمديرين العامين، اعتمد نظام النقاط في توزيع المناصب والمواقع فتحولت الوزارت الى واجهات حزبية، او ماركة مسجلة باسم التنظيم السياسي المعروف بنضاله الطويل ضد الديكتاتورية، علما انه عقد مؤتمره التأسيسي بعد خمسة اشهر من الغزو الاميركي للعراق، انتخب امينه العام ومكتبه السياسي، وتلقى برقيات تهنئة من قوى سياسية محلية واقليمية تبارك التأسيس، والمشاركة في العملية السياسية "المضروبة بجم" بحسب تعبير اصحاب ورش تصليح السيارات، المنتشرة في العاصمة بغداد.
زعماء الاحزاب وقادة التنظيمات السياسية، حصلوا على استحقاق تمثيل جماهيرهم في الجهاز الحكومي، فاصبح عدد الموظفين اكثر من ستة ملايين، كانت لهم الحصة الاكبر من الموازنة التشغيلية، رواتب ومخصصات ايفاد واقامة شعائر دينية، وغيرها تتطلب صرف الكثير من الاموال.
بيانات وزارة التخطيط اكدت في اكثر من تقرير ان البطالة المقنعة في العراق تكلف الحكومة مبالغ مالية ضخمة، الوزارة المعنية بوضع الخطط بعيدة وقريبة المدى المتعلقة برسم الخطوط العريضة لاجراء تنمية اقتصادية وبشرية، شخصت وجود اعداد كبيرة من الموظفين يتقاضون الرواتب والمخصصات، من دون بذل اي جهد يذكر.
زيارة احدى الدوائر الرسمية تعطي مؤشرا حقيقيا لظاهرة البطالة المقنعة، موظف في الاستعلامات مكلف بتسلم اجهزة الهاتف من المراجعين، وآخر يحمل جهاز اتصال لاخبار مسؤوله بوصول زائر كبير، وثالث كلف بمهمة مراقبة سيارة المدير العام لتفادي وضع عبوة لاصقة اسفل العجلة ذات الدفع الرباعي، الفطور الصباحي في معظم الدوائر يستغرق ساعات، فتح البريد الالكتروني والرد على الرسائل وكتابة التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي تستغرق اكثر من ساعة ثم بعد ذلك يتفرغ الموظف لانجاز معاملات المراجعين.
في سنوات سابقة كان العراق يحمل اسم بلد الصمود والمواجهة ونقطة انطلاق تحرير القدس من الصهاينة، اليوم اصبح بلد الفرفشة والاسترخاء بفضل الوصفة الاميركية في اقامة النظام الديمقراطي، حين حصلت الاحزاب على الوزارات طبقا لاستحقاقها الانتخابي، تحولت المؤسسات الرسمية الى منتجعات سياحية، توفر الاسترخاء لمنتسبيها من الموظفين والموظفات، مكاتب مزودة باحدث اجهزة التكييف المركزي، خدمة انترنيت، عصير ومرطبات على حساب الحكومة، وفرفشة في اعلى مستوياتها اثناء متابعة موقع اليوتيوب.
دولة الفرفشة والاسترخاء تحققت بوجود آلاف المستشارين، قانونيين، اقتصاديين، اعلاميين، لشؤون الصحوات، وتحقيق المصالحة الوطنية يعملون بمكاتب الوزراء، اما المستشارون العاملون في سفارات العراق في الخارج فمهمتهم تتلخص بنقل صورة "عراق الفرفشة" الى المجتمع الدولي ليتعلم اصول الاسترخاء الرسمي من التجربة العراقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram