أعربت الطبقة السياسية في بريطانيا، أمس، عن صدمتها للوفاة المفاجئة التي غيبت الزعيم السابق لحزب الليبراليين الديمقراطيين تشارلز كيندي أول من أمس عن 55 عاما في منزله باسكوتلندا. ولم يعلن عن سبب الوفاة، فيما قالت الشرطة إنه لا توجد شبهات جنائية. وبدورها
أعربت الطبقة السياسية في بريطانيا، أمس، عن صدمتها للوفاة المفاجئة التي غيبت الزعيم السابق لحزب الليبراليين الديمقراطيين تشارلز كيندي أول من أمس عن 55 عاما في منزله باسكوتلندا. ولم يعلن عن سبب الوفاة، فيما قالت الشرطة إنه لا توجد شبهات جنائية. وبدورها، قالت الأسرة في بيان إن تشريحا للجثة سيجري. وكان كيندي قد اشتهر خصوصا بمعارضته لحرب العراق، وقاد الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي يوصف عادة بكونه القوة السياسية الثالثة في بريطانيا، من عام 1999 إلى عام 2006.
وقال زعيم الحزب المستقيل نيك كليغ، الذي سيتنحى من منصبه كزعيم لليبراليين الديمقراطيين الشهر المقبل، إن كيندي «تمتع في الأيام الجيدة بموهبة تفوق مواهبنا جميعا. لقد كرس تشارلز حياته للخدمة العامة، وتمتع بنعمة غير عادية للحديث في السياسة مع حس فكاهي وتواضع أثر في عالم يتجاوز عالم السياسة».
وبدوره، قال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في تغريدة على «تويتر»: «إنني حزين للغاية لوفاة تشارلز كيندي. لقد كان سياسيا موهوبا، وقد وافته المنية في سن مبكرة جدا. أفكّر فيه وفي عائلته»، في حين وصف رئيس الوزراء الأسبق توني بلير وفاة كيندي بـ«الخسارة المطلقة». كذلك، اعتبرت زعيمة الحزب القومي الاسكوتلندي نيكولا ستيرجون السياسي الراحل بأنه «واحد من أكثر السياسيين الموهوبين في جيله. لقد رحل في سن مبكرة». كما قال بادي آشداون الذي سلم قيادة الحزب لكيندي عام 1999: «تشارلز كيندي في عصر سياسي غير مثقل بالابتهاج والحس السليم، أحضر لنا الطرافة والحكم والمبادئ والأخلاق». يذكر أن حزب الليبراليين الديمقراطيين كان جزءا من الائتلاف الذي حكم بريطانيا خلال السنوات الخمس الماضية، مع حزب المحافظين، قبل أن يتعرض لهزيمة ساحقة في الانتخابات العامة التي جرت الشهر الماضي. ولد تشارلز كيندي في أنفرنيس بشرق اسكوتلندا في25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1959، وأتم دروسه في جامعة غلاسكو الاسكوتلندية، حيث انتسب إلى صفوف العماليين قبل أن يتخلى عنهم مفضلا ما كان يعرف باسم الحزب الديمقراطي الاجتماعي. وفي عام 1982، عمل صحافيا في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في اسكوتلندا قبل أن يغادر إلى جامعة إنديانا الأميركية للدراسة، بعد حصوله على منحة في إطار برنامج «فولبرايت» الأميركي. وسنحت له الفرصة بينما كان في الولايات المتحدة للترشح عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي عن دائرة روس وكرومارتي وسكاي الاسكوتلندية؛ ففاز بالمقعد عام 1983 ليصبح في الثالثة والعشرين من العمر، أصغر نائب سنا في تلك الفترة. وفي أغسطس (آب) 1999، خلف تشارلز كيندي بادي آشداون على رأس الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي تشكل في الثمانينات بعد الاندماج بين الحزب الديمقراطي الاجتماعي والحزب الليبرالي. قاد كيندي الحزب ليحقق أفضل نتائج له في الانتخابات التي جرت عام 2005، على خلفية معارضته لحرب العراق التي كانت بدأت قبل ذلك بعامين. وفي تلك الانتخابات رفع الحزب عدد نوابه من 10 إلى 62.
واشتهر كيندي خصوصا بمعارضته لحرب العراق، وبكلمته التي ألقاها خلال الجلسة البرلمانية التاريخية التي خصصت لمناقضة موضوع العراق وتوجت بإقرار مشاركة بريطانيا رفقة الولايات المتحدة في عمل عسكري ضد نظام صدام حسين. وقال كيندي في كلمته تلك في مارس (آذار) 2003: «قبل شن هجوم على العراق، أليس من الأفضل انتهاج سار نزع السلاح على أرض الواقع في ظل وجود المفتشين الدوليين عن الأسلحة؟ مهما تكن التكنولوجيا الحديثة، ألا تعد عملية تفكيك الأسلحة عبر المفتشين أدق من استخدام ما يوصف بالقصف الدقيق في محاولة لإخراجهم من هناك؟».
لكن رغم فوزه الكبير في انتخابات عام 2005 وتصاعد شعبيته، اضطر كيندي للتنحي عام 2006 إثر اكتشاف أمر خضوعه للعلاج بسبب مشكلة شربه الكحول منذ فترة طويلة. وشكل اعتراض كينيدي، زعيم الحزب المفترض أنه يقف موقفا وسطا، على حرب العراق، مقابل حمل حزب العمال (اليساري) مشعل تلك الحرب، رفقة «المحافظين الجدد» في الولايات المتحدة، مفارقة لدى السياسيين وعامة الشعب البريطاني. وبذلك، جنح كيندي بحزب الليبراليين الديمقراطيين تجاه موقع أكثر تناغما مع موقف غالبية الشعب البريطاني الذين كانوا معترضين على الخيار العسكري.
عززت تلك التطورات طموح الليبراليين الديمقراطيين تجاه التحول إلى «حزب حكومي» يشارك المحافظين والعمال السلطة. لكن مشكلات كيندي مع الكحول عجلت بتنحيه، وجاءت بخليفته نيك كليغ الذي ملأ الفراغ، وتمكن بسهولة من لعب دور ريادي في انتخابات عام 2010، مما مكنه من الدخول كشريك أصغر في الائتلاف الحكومي مع المحافظين. لكن كيندي صوت داخل حزبه معترضا على المشاركة في الائتلاف الحكومي، ووصف تلك الخطوة بأنها «تترك البوصلة السياسية للحزب مختلطة».