3
لطرد البؤس من الطرقاتفي الفصول الفقيرة،في صباحاتِنا المضطربه ونومِنا المنكسر،كان عجباً ان يصلنا خبرٌ ساريجتازُ الارض الخَلِقهوالهواءَ الذي بسيره ينفض ثيابَهُ من غبار اليباس .عَجبٌ ان تظهري بفتنة لا يستوعبها فقرُناونظل باهتْين لاشكِالك بالغة العذوب
3
لطرد البؤس من الطرقات
في الفصول الفقيرة،
في صباحاتِنا المضطربه ونومِنا المنكسر،
كان عجباً ان يصلنا خبرٌ سار
يجتازُ الارض الخَلِقه
والهواءَ الذي بسيره ينفض ثيابَهُ من غبار اليباس .
عَجبٌ ان تظهري بفتنة لا يستوعبها فقرُنا
ونظل باهتْين لاشكِالك بالغة العذوبة
في المشية والجلسة والضحكة والالتفات
ناظرةً الينا بمغزى!
تاتين بهِباتٍ خارجَ توقّعِنا،
كم تُبهج ابتسامتُك بين حشد النساء
ويخفق حضورُك عابرةً بيننا،
الهواء غير الهواء ونحن لسنا
والارض اختلجتْ بانتباهٍ جديد
فالربيع وجَدَ فرصةً ليتأكد من سلام الارض.
لكنني خفتُ على ندْرتِكِ،
على مثالكِ الذي أربَكَ فقرَنا
خفتُ ان يمسَّك الشرُّ المزمن عديدُ المخالب،
هذا الشائهُ المعمِّر في الحقول والبيوت،
ان يخمش نعومةَ رقّتِكِ العسلية
وان يخالط الأسى ابتسامتَكِ وتتراجعُ القبلات
خساراتُنا ستكون كثيرةً
لكن خسارةَ السرِّ في عينيك
تبقينا أسرى الجَوْرِ الذي ورثناه....
نحن بانتظار اشراقِك، ايتها المبجّلة والمثيرة
والتي تطرد البؤسَ عن الطرقات....
اصطحاب الضيف
ندورُ او نساوم خطَّ المنع، ننضح مالاً وشوقاً وسلاماً،
هو ذلك المسعى
وحينما اعود فزّاعةً في الطريق الخالي
والحبيبةُ ليست، والمجدُ ليس،
والشعرُ لتسلية من لا يُحِب،
أقبعُ مثل شيخٍ ادرك انه لم يعد يعرف العالم.
كيف كان إذن يعيش فيه؟
لستِ مسؤولةً عن خطأٍ فانت مثلي تدورين، تنحرفين،
تساومين خط المنع
ومثلي تخسرين على أملٍ، ثم تقبعين في حجرتك
تحاولين دفعَ التبعاتِ بأصابع ناحلةٍ وتدركين انكِ
ما عدتِ تعرفين العالم وماعرفتِهِ كان متاهةَ مسعى.
في هذه الليلة الباردة تذكرتُ كلَّ تفاصيل قصتي
اخفيتِ الكثيرَ عني لتربحي الصفاءَ الحلو، لتحتفظي بي
وانا اكتشفتُ الكثير وأخفيتُه عنكِ لتألفي الملاذ.
كان ذلك عبئاً اخر..
اسمع الان اعترافاتٍ بطقطقة النارِ في الموقد،
اراكِ كما أنتِ في نار الليلة الباردة
كلانا ضحيةٌ ويحمل حصّتَهُ من حزن الارض.
لا باس وقد تكشّفَ كلُّ شيء،
الشمس غدا في الحديقة!
ضرورة الحب
تضعُ الرغبات في الأُصص. جميلةٌ هي وتريدُها تزدهر
لكن القبضات تزدهر ايضا باكتمالها
اكتمالِها عملاً
اكتمالِها شِعْراً
اكتمالِها مواجهاتٍ لا تكلُّ
عدا هذا سيظل الفقرُ فقراً وتظل القرابين
في المزارع والطرق وفي المصانع ولا ندري .
ليس للفقراء الا الوقوفُ حشداً ضد الفقر.
هذا كان جوابي على اللوم. النصرُ يغيّر تفاصيلَنا
لتكن انتصاراتٍ صغيرةً. المهم الا تظل الخيبةُ مطلقة،
الا تكون مديدة.
نجعلها اوصالا. نكسر هيبتَها واستقرارَها
الحب واحدٌ من هذه النضالات أيضا.
هو لايترك اليباسَ يتحجر
ضرورة الحب قائمة !
امس ما عاد بيتي حجراً. الشعر أوصلَهُ بالعالم.
وقلبي توحّشَ فرحُه يريد سعادةً اكثر،
يريد فرحاً من كل شيء حوله: المقعدِ،
الطاولةِ، طبقِ الطعام، ومن الشباكِ والحديقة وراءه.
هو هذا الخميسُ العذب.
وانا الان أُحاول تثبيتَ تلك الافراح لكي لا تغيب،
أُحاول ان اظل كما أنا.
ظلت نظراتكِ متشككةً. متعاطفة.
انت بحسّكِ الاموميّ ، بعيدِ الصلات بحقائق الارض،
بعذابات العيش، عذاباتِنا،
ايقظتِني.
القلم، استفاق قبلي. بدأ وتوقّف،
اطاع الحقيقةَ. مهذباً كان، لم يستمر.
عاقلاً رأى كلَّ شيءٍ قد تغير
ولم يتغير البيتُ والشارعُ ونوعُ الخبز!
"الكذب الجميل يظل غيرَ مريح".
هذا ماقاله قلمي وقد توقّفَ
ينظر لي وكأنْ ليوقف التحريض!
ذَهَبٌ وفرح
شبابٌ ساطعٌ بالقوة، بإرادة الفعل الجديد
بابتداءاتٍ حامية،
أحسُّ فيهم فيضَ رغبات وشموساً تريد ان تشرق.
وانا أرصد بعينين مبتهجتَيْن
الحيويةَ الصاخبة للخارجين للعمل،
العملِ بأجر يوميٍ والعملِ حراثةً وزرعاً
والعملِ بنقل الحمولات التي رُزِمَتْ أمس.
النساءُ اللواتي تغلِّفُهن عباءات،
يخاف الرجالُ من انوثتِهنَّ أن تثيرهم.
لا ترى شعورَهن وراء الحُجُب المخملية،
لكن ترى ابتساماتِهِنَّ الفاتكات،
ترى الرغبات تمسُّ وتنفذ الى أقصاكَ المُحَصَّن،
ترى العطشَ رؤيةَ العين
والنداءاتِ التي يريدَنّ اطلاقَها و يخشَيْنَ ان تُسْمَع!
واحدةٌ منهن، وجهٌ واضح وعينان قويتان،
صريحتان، عذبتان، تفيضان سروراً،
مرتْ بينهم بخطى ترصِّعُ ذهباً وافراحاً.
خطفتْ مثل رغبةٍ. مثل انفلاتٍ من
فرصة عناق في غير مكانها،
مثل قبلةٍ اكتملت خَطْفاً واختفت،
احتَضَنَها هواءُ الدنيا، فرِحَتْ بها الحياةُ
فركضت بها...
انغمرتْ في ذاك الجَمْع
في المجرى البشري الطافحِ على الارصفة،
بعد تلك السنوات
هي في ذاكرتي،
ما تزال في اول يوم مرّتْ و بكل العنفوان،
بكل الارتياح ورغبة التمكّن والتماسِّ الحميم،
بالوجود على الارض بين الناس..،
ما تزال كأنها طلعت صباح اليوم
كاني اليوم أراها،
وكأني تسري بي الهِزّة القديمةُ الاولى.
هل هي تصنع معجزةَ الحضور
ام هي ذاكرتي التفّتْ عليها
كما أردتُ حينها ان التفَّ لأمضي بها
وليس مهما الى أي المحطات نصل!