اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > ريبورتاج..أزقـة البتاويـن .. وشناشيلها الايلة للسقوط ...

ريبورتاج..أزقـة البتاويـن .. وشناشيلها الايلة للسقوط ...

نشر في: 8 يونيو, 2015: 12:01 ص

في استراحة على مصطبة شارع النضال، بعد اطلالنا و"بكائنا" على اطلال شوارع البتاوين، وحالة عمارتها المزرية الآن،وهي التي كانت دوما مميزة ورائدة، بل وحتى مؤسسة للحداثة المعمارية في بغداد وفي العراق عموماً. هذا نص ما كتبه المعماري د. خالد السلطاني على صفح

في استراحة على مصطبة شارع النضال، بعد اطلالنا و"بكائنا" على اطلال شوارع البتاوين، وحالة عمارتها المزرية الآن،وهي التي كانت دوما مميزة ورائدة، بل وحتى مؤسسة للحداثة المعمارية في بغداد وفي العراق عموماً. هذا نص ما كتبه المعماري د. خالد السلطاني على صفحته في (الفيسبوك) تحت صورة جمعته مع صديقه هيثم خورشيد سعيد ذات زيارة الى بغداد. كلام السلطاني بحد ذاته إدانة كبرى لما حدث ويحدث لتراث بغداد العمراني والمتمثلة بالشناشيل ، والتي كانت سمة بارزة من سمات البتاوين، المحلة الشهيرة والأشهر في بغداد، المحلة التي شكلت حالة عراقية خالصة. 

وإذا أخذنا التراث في منظور ما في أي مجتمع فهو وجه إبداعي يعدُّ جديدًا في عصْرِهِ، وإن يُنظر إليه على أنه قديم الآن، بمعنى انه كان في وقت ما عنصر حداثة وربما يكون جزءاً من التراث الإنساني المشترك للإنسانية في ارجاء المعمورة. إضافة الى كونه حالة خاصة لكل شعب وأمة تتباهى وتتفاخر بتراثها وحضارتها الشعبية، الأمر الذي يستدعي المحافظة على هذا الإرث مِنَ الضّياع والنسيان والتدمير، لكي يظلَّ حيًّا في مخزون الذّاكرةِ والوعيِ الجماعيّ، تتناقلُهُ الأجيالُ جيلاً بعدَ جيل، وهي مهمة مشتركة للجميع أفراداً ومجتمعاً ومؤسسات لكن المهمة الأكبر تقع على عاتق الدولة أو مَن يمثلها في هذا الجانب من وزارة الثقافة او العمل على تجديده وصونه بشكل لا يُغيـِّر من معالمه الرئيسة بأي شكل من الأشكال. 
البتاوين سودانية
ولأن البتاوين تشكل حالة عراقية خاصة وخالصة اذ كان عبر وجودها كمحلة في قلب بغداد، او تاريخ نشأتها وسكانها او شناشيلها وأزقتها التي تزهو بها، وهي تربط بين شارعي النضال والسعدون. في تسعينيات القرن الماضية باتت البتاوين مدينة سودانية بكل ما فيها الا تراثها العمراني، اذ يقول عنه المواطن السوادني عبدالعظيم عثمان مصلح ساعات : 
في اليوم الاول لسكني في فندق قريب من هنا، انذهلت لشكل وجمال البناء المعروف عندكم بالشناشيل. مضيفا: في اول رسالة الى اهلي ارفقت صورة لي مع الشناشيل التي اعجبتهم جدا وحسدني أخي الأكبر عليها.
متاحف مختلفة
لكلّ ثقافةٍ قِيمَها المرتبطة بجذور الأسلاف والمتأصلة في المجتمع، ذلك لأنّ تراثَ كلِّ شعبٍ وأمة وقوم هو جزء من ثقافة المجمتع المعاصرة والمتجددة على طوال الزمن، بيد ان لكل جديد بصمة من التراث، كما انه (أي التّراثُ) يُسهم في تأكيدِ الذاتِ والهُويّةِ، ففيهِ ثروةٌ يمكن ان تغني الجميع. وهذه حال شناشيل البتاوين التي من الممكن ان تتحول الى متحف او متاحف يمكن ان يكون كل واحد منها خاصة بشخصية عراقية سياسية ، ثقافية، اجتماعية ورياضية.
يقول المهندس المعماري وليد محمود: أسفاً لمن لا يرحم ويعتني بهذه الصروح الرائعة، هذه المتاحف المنتشرة في شوارعنا الحبيبة وهي تتهالك بلا رحمة، وامام أنظار الجميع من دون ان يكترث لها أحد من مؤسسات الدولة المعنية، ورجالاتها الذين يهتمون بالمنصب وبعضهم وربما النسبة الأكبر بالمنصب وشذر محابسهم وحبات مسابحهم، على حساب فــن وتراث عراقي .
اما المهندسة المعمارية شيماء سامي تقول : تمثل الشناشيل مزيجاً رائعاً بين الفن والعمارة والارث الحضاري الذي أصابه الخراب والتهميش على مرِّ الأيام وبانتظار من يُعيده إلى الحياة.
أحاديث البنات
اشتهر يهود العراق في التاريخ المعاصر ببنائهم لبيوت «الشناشيل» في أغلب مناطق سكنهم وخاصة البتاوين، التي كانت توصف بالمناطق الجميلة والغنية، لكن بعد خروجهم من العراق وسلب ممتلكاتهم، في ما بات يُعرف بـ«الفرهود»، عانت هذه المناطق الإهمال ولم تشهد أية عملية إعمار منذ أربعينيات القرن الماضي، والى يومنا الذي أزهر فيه الإهمال والتهميش!!
عبر الزجاج الملون والخشب المزخرف كانت تقف الفتيات او "الحديثات" اي ما بعد سن المراهقة بقليل، على عتبات تلك الشناشيل وهنَّ ينظرن الى الشارع والمارة، ويتبادلن الإشارة في ما بينهن عبر جهتي الأزقة، بسبب تقارب البيوت عبر الشنانشيل التي لم تكتفِ بعكس الضوء الى داخل الفناء العلوي بالوان الزجاج المحشو في قوالب الخشب المزخرفة. 
انور الغساني
وردت الشناشيل في الكثير من القصائد والقصص والروايات العراقية خاصة تلك التي تحكي عن بغداد واحياءها ، وربما في مقدمتها قصيدة بدر شاكر السياب، «شناشيل ابنة الجلبي». كما جُسّدت في اللوحات التشكيلية والأعمال النحتية في معارض خاصة بها، ناهيك عن الصور الفوتوغرافية وقد يكون الفقيد الفوتغرافي فؤاد شاكر اكثر من صوره. في احد قصائده يقول الشاعر صلاح فائق.
ذات فجر، في البتاوين ، التقيتُ انور الغساني
كان ، مثلي ، يتطلعُ الى بيوتٍ قديمة ، شناشيل
يلتهمُ خبزاً رخيصاً من الاعاشة ,
سالني اذا احملُ قنينة ماء
نعم اجبتهُ ، فاعطاني رغيفاً من حقيبته اليدوية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram