اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > مزيد من الأسئلة الإشكالية حول شعر السياب!

مزيد من الأسئلة الإشكالية حول شعر السياب!

نشر في: 30 ديسمبر, 2009: 04:18 م

حاتم الصكراكتملت أربعة عقود ونصف على غياب بدر شاكر السياب، الذي نستذكره دوماً مقترناً بتحديث القصيدة العربية، والدخول بكتابتها في أفق جديد لم تعهده في دورة حياتها الطويلة. كما تحفّ باستذكاره فكرة «الريادة» والجيل الذي ارتبط وجوده الشعري بها في تاريخ الشعرية العربية المعاصرة،
والشعر العراقي بخاصة. وكأي شعر لا يكرر بل يبتكر، ولا يصالح بل يصدم، ولا يختبر بل يبتدع، فإن شعر السياب يثير مزيداً من الأسئلة كلما كرّت عليه قراءة القارئ، ويحرّض على مزيد من الكشف والتعرّف، وبهذا يمنحنا متن السياب الشعري - على رغم عمره المحدود (1926 - 1964) مناسبة أو فرصة البحث عن حداثته المتجددة، ذلك ان «شاعرية» السياب تخترق قوانين الطبيعة المتمثلة بالميلاد والموت، فهو ذو حضور يتعمق كلما أوغل في الغياب. والأسئلة التي يثيرها متن السياب لا تزال ماثلة على رغم دخول الشعر العربي بعده مناطق بعيدة في التحديث، أكثر عمقاً وغرابة ومغامرة، أسئلة من صنف: ثنائية الموروث والتجديد، المؤثر المعرفي الرمزي والاسطوري، أشكال الشعر المقبلة - والمستلفة - من الغرب، الالتزام والحرية، مشكلة الموت والانبعاث، الريف والمدينة، تمثل الحرمان واليتم وتمثيلهما شعرياً، ولكن تلك الثنائيات التي ولّدت قصائد السياب في مراحل تطوره الشعري من العمود حتى قصائد الرمز الأسطوري، تخفي كذلك ثنائيات «ظلّية» تحكمت في بناء قصيدته، سأحاول - لمناسبة استذكاره هنا - أن أتوقف عند واحدة من أبرزها هي: ثنائية «الشاعرية» و«الشعرية».الشاعرية - وهي ملكة أو مقدرة منظمة ذات فاعلية نصية مولّدة - أكيدة في جسدية السياب، وبها ومنها يُحال دوماً الى منجزه النصي المتحقق، حتى اذا شئنا أن يكون منجز السياب منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي في حداثة الشعر العربي مرجعاً لشاعريته ذاتها.فالهدم الذي رافق بناء قصيدة السياب الحديثة لا يمكن إقصاؤه في قراءة استعادية كهذه، إنه الهدم اللازم والضروري للتقاليد الشعرية السائدة حتى ببعض أدواتها أحياناً وملفوظاتها ووسائلها البلاغية... ذلك الهدم المتمثل في احتشاد القصيدة بثقافة لم يعهدها قارئ الشعر العربي ولم يتسع لها بناء القصيدة ذاتها، في عمل السياب النصي، وهو أكثر من بطانة أو داخل يشف عنه نسيج قصيدته...نقترح هنا إذاً قراءة السياب بمنافذة «شاعريته» - وهي مقدرة ذاتية - مع شعرية نصه: أي نظامه الداخلي وقوانين بنائه، مما يوصلنا الى التعرف على قدرته في تنظيم الانجاز، تلك التي أدارت خطابه وميّزته على أقرانه المصطفين تحت لافتة الريادة التحديثية الأولى بعثراتها ومصاحبات الولادة المعتادة... وحماستها...تعود الشاعرية الى صاحبها: السياب محصوراً بين قوسي ميلاده وموته، أما الشعرية فتؤول الى نصّه: تمتماته الأولى تقليداً وابتداعاً، في إطار الحاضنة الشعرية الموروثة، مروراً بتجاربه الشكلية والموضوعية أو المضمونية، وترقيق أو تخفيف ثقل الشكل الخارجي للنص وايقاعه وابتداع القصيدة الحرة مبكراً، وصولاً الى «أنشودة المطر» كلحظة تحديث ناقصة يعوزها الوعي بما وراء الشكل الحديث من مشغّلات وفواعل فنية وجمالية، تخص الكتابة وتلقيها في شكل خاص.وإذا كانت الشاعرية كقدرة على التنظيم تخفي نفسها وراء أسماء كالموهبة والمهارة الذاتية والقدرة والملكة والاستعداد، فإن الشعرية كمظهر لقوانين ذاتية نصية تثير مشكلات الأداء والتشكّل واتخاذ هيئة أو بنية نصية ما.نشير بذلك الى الصراع المحتدم بين قدرة نص السياب على التموضع في الشعر خطاباً، وتحويل الموقف من الحياة والمجتمع والذات الى حال شعرية، وبين الانجاز النصي الذي تتنازعه رغبة الهدم والبناء البديل بابتكار وسائل فنية...وحدها القراءة ستمنحنا فرصة التعرف الى برنامج السياب التحديثي، فما يعلنه السياب من تفوّهات حاولت بعض الدراسات لملمتها وتوليفها لا ترقى الى مفردات برنامج شامل وواضح. علينا هنا أن نلتفت الى زوايا مهمّشة في شعره، ثانوية وبعيدة من الإنارة بالدرس النقدي المعتاد.ومن ذلك نقترح هنا:- اختراق واقعية العالم وخارجيته بالبديل الرمزي الاسطوري.- استبدال الشخصيات بالأقنعة.- تخفيف الغنائية بالسرد.- التنبه الى العتبات النصية والهوامش.- الانزياحات الصورية القائمة على تراسل الحواس.وهي مناطق لا نحتكم فيها الى (موهبة) السياب - كما يصر دارسوه من جهة تغييب أو تقليل دوره التحديثي كما يفعل الشاعر سامي مهدي مثلاً، أو الى (العفوية) بتعبير مقدم أعماله الكاملة ناجي علوش، ولا حتى قوة الانبعاث بتعبير أدونيس في مقدمة «مختاراته» من شعر السياب، أو «الصراخ الجريح» كما يسمّي أنسي الحاج وهو يرثيه في مجلة «شعر»...إن تلك التسميات تذكّر بالاندفاعة الشعرية التي تكتنزها قصيدة السياب، مما يعيد الى منطقة القراءة مشكلة (القصيدة والشعر) والكمّ اللازم للشعر أو منه في داخل القصيدة... وهي ثنائية غريبة تنبثق من ثنائية الشاعرية كقدرة، والشعرية كإنجاز... ولعل التفريق بين الشعر والقصيدة وعلاقتهما البنائية سيأتي من طرف شاعر ه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram