TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سياسية كصّة بكصّة

سياسية كصّة بكصّة

نشر في: 10 يونيو, 2015: 09:01 م

الزواج بطريقة "كصة بكصة" ارتبط اعتماده في العراق بقلة الدخل وانتشار الفقر ، وعجز الشباب عن الاقتران بإحدى بنات الحلال لتكون شريكة حياته في الحلوة والمرة وانجاب الابناء الصالحين ، الزواج من هذا النوع يعني اتفاقا بين شخصين ، على ان يتزوج الاول شقيقة الثاني وبالعكس ، وسط مباركة الاهل والاقارب وشيخ العشيرة مع دعاء بإنجاب الذرية الصالحة ، زواج "الكصة بكصة" خيار فرضته عوامل اقتصادية تتعلق برغبة الاشخاص في تقليص نفقات الزواج الى أقل من حدود الممكن ، وقاعدة التعامل بالمثل تكون سائدة ، مستلزمات العروسين متشابهة ومتطابقة ، للحفاظ على المساواة بكل شيء بدءا من اللحاف و"الدوشك النفرين " حتى العباءة و"الشحاطة" ، وحين ترصد المتزوجة بطريقة الكصة بكصة ثمة فوارق ، تبدي اعتراضها ، فيقوم الزوج بسد النقص على مضض لتفادي اندلاع ازمة عائلية قد تصل في اغلب الاحيان الى الطلاق .
من مساوئ هذا الزواج خضوعه للاضطراب المزمن ، فحين يعامل الزوج الاول شريكة حياته بطريقة سيئة يكون الثاني مضطرا لاستخدام ذات التعامل ، لان رجولته ترفض إلحاق الاذى بشقيقته المظلومة ، على هذا المنوال تستمر الحياة الزوجية بين شد وجذب ، حالها يشبه العملية السياسية في العراق ، غير مستقرة ، مهددة على الدوام باندلاع ازمات تتناسل على مدار الساعة لأن الاطراف المشاركة في الحكومة لم تصل بعد الى قاعدة مشتركة لحسم القضايا الخلافية المتوارثة منذ الغزو الاميركي للبلاد وحتى اعتماد وثيقة الاصلاح السياسي المدرجة ضمن برنامج الحكومة الحالية .
الاطراف المشاركة في العملية السياسية والمسؤولة عن ادراة الدولة العراقية من خلال وجودها في البرلمان والسلطة التنفيذية ، تحالفت او بمعنى آخر اعتمدت زواج كصة بكصة لتحقيق اهدافها في خدمة المصالح الوطنية ،ومستوى الاداء السياسي في ظل اضطراب الاوضاع الامنية وتهديد داعش ، يشير الى ان جميع الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية ، بلا استثناء تجاهلت خطورة المرحلة ، ضربت الدستور عرض الحائط بالرغم من وجود ألغام في بعض مواده ، فاتجهت نحو تحقيق مصالحها الفئوية والحزبية ، واحيانا المذهبية على حساب تحقيق حياة سياسية مستقرة في بلاد فقدت خلال عام كامل اكثر من تسعين الف شخص بين قتيل ومصاب ومفقود من منتسبي الاجهزة الامنية وفصائل الحشد الشعبي والصحوات وقوات البيشمركة منذ سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل .
المثلث الشيعي الكردي السني لايصلح قاعدة لبناء دولة مستقرة ، وزواج "الكصة بكصة" بين القوى السياسية ، اثبت فشله ، لان الخلاف وصل الى اعلان الاعتراض على تعيين شخص لرئاسة الوقف السني ، في قضية خلافية اخرى قد تصل الامور بين اطراف المثلث العراقي الى الانسحاب من البرلمان والحكومة ، وتوجيه بوري معدّل للعملية السياسية طبقا لأعراف زواج كصة بكصة القريب جدا من مفهوم التوافق في الحصول على المناصب .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram