الحرب ستطول. هكذا يقول الاميركان، ويسببون لبعضنا احباطا. ولكن هل تعودنا على حروب قصيرة في الماضي، لنأمل هذه المرة بحرب قصيرة، وبنهاية للمشكلة الفادحة قبل بضعة اعوام؟
دوما كنا نبالغ في قياس ثرواتنا وحجم قوتنا وتماسك تحالفاتنا. وتحت الانفعال المتجذر، اصبحت هوايتنا استنساخ النكسات.
لقد ولدنا في الحرب وكبرنا وسط الحرب وبعضنا مات ولم تنته الحرب اياها. فلماذا نستغرب من حديث البنتاغون عن حرب طويلة؟
دع عنك البنتاغون، ولكن الم يصبح واضحا ان الحرب الطويلة هي نتيجة حماقة عميقة؟ وكيف تنتهي الحروب بينما نحن غارقون في حماقات بلا نهاية، حتى اننا بعد سنة من تقدم داعش قرب العاصمة، وبعد تضحيات الالاف من شبابنا، من كل انحاء البلاد واقاليمها، لم نحقق تقدما سياسيا يذكر، ولا نمتلك توضيحا لهذا الجمود السياسي المتعاظم! وكل انتكاسة سياسية هي خيانة لدماء الشباب المقاتلين. وكيف يقصر عمر الحروب اذا كنا نجافي الصراحة، ونتشاغل بسجالات بعيدة عن جوهر انقسامنا؟ وكيف يقصر عمر الحروب وشعبنا يتبادل الاتهامات بنحو غير مسبوق، ولا احد يقبل بطرف ينصف او يحل النزاع، او ينقل لنا تجربة ناجحة من هذه الدنيا التي تنهمك بتخفيف صراعاتها كي تتفرغ للبناء، ونحن غير ابهين بكل هذا الخراب الذي يتسع، وبكل هذه الدماء التي تسيل، اذ نقف عند حافة النواح والبكاء، ولا نمنح للحكمة دورا ولا نقيم لها اعتبارا، فيتحول الوطن الى عراك قبيلتين، لا قواعد اشتباك تبرر اندلاعه، ولا صيغة معقولة تفرض نهاية له. ثم نسأل كالمتغافل: لماذا سيطول امد الحرب؟
ان في وسع المحبطين ان يرددوا، انه لم يعد لديهم فرق كبير بين ان تستمر الحروب او تتوقف. اذ لم يعد العراقي يعرف شيئا سوى انتظار النزاعات الدموية، حتى في هدنة قصيرة بين حربين. ولو عاد الموتى القدماء اليوم لوجدوا ان حكاية العراق لا تتعلق ببدء وانتهاء للحروب، بل بتعمق معانيها وتفاقم حدتها. اساسا لم نعد نعرف من معنا ومن ضدنا، بينما في حروب كثيرة مرت كان في وسع المرء ان يضع تعريفا اوليا على الاقل، لحدود الخصومة ونوعها وممثليها. لكننا اليوم صرنا في عماء رهيب. حتى ان نظامنا السياسي يدعو اهل المناطق الساخنة لمساندة الجيش، وحين يفعلون ذلك وينخرطون في الصحوات والشرطة، يجدون انفسهم فجأة بلا جيش اثر انسحابات تعبوية وتكتيكية، فلمن يقدمون المساندة؟ وحين ينزحون باتجاه العاصمة، يحتجزون عند معبر بزيبز الشهير، مع اطفالهم ونسائهم، تحيطهم اصوات الشماتة! وهل من كوميديا سوداء ابشع من هذه المفارقات، التي تسد شهية المرء للحديث عن صلح ممكن، او نهايات معقولة للصراع؟
وما جدوى ان تنتهي الحرب، اذا بقيت ارادتنا السياسية مرتهنة بنافذين ناقصي الحكمة، لا يقيمون وزنا لقواعد الحياة الحديثة، ويفهمون السياسة كعراك بين قبيلتين؟ وما جدوى سلام لن يكون سوى هدنة قصيرة، ريثما يشحذ المتحمسون المنفعلون، سيوفهم، ويستكملوا سخريتهم من كل دعوات التعقل والتوازن؟
ان العراق بلد مهم وكبير ولا شك، ومثله لا يمتلك سوى خيارين: ان يكون حاذقا حذرا بصدر رحب، لحماية نفسه. او ان ينفعل ويصرخ ويتعجل، فيغطس في حروب بلا نهاية. وها قد بلغنا مرحلة لا نمتلك فيها حتى عدوا واضحا نقاتله كي نفاوضه غدا او نشكوه الى مجلس الامن. لقد ملت الدنيا من محاربتنا، وهي تتفرج علينا اليوم ونحن نقاتل الاشباح.
ان الحرب لن تنتهي دون مراجعة صريحة لاسباب الحمق. وهذا مشروط باعترافات كبيرة ومعلنة. وعدا ذلك فاننا سنبقى عالقين مع اشباح التاريخ دونما شفقة جادة من احد.
ولماذا تنتهي الحرب؟
[post-views]
نشر في: 10 يونيو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
د عادل على
ان الحرب ضد شعب العراق بدات في 8شباط- 1963-------------------وان هده الحرب لاتنتهى الا ان يتفق السنه مع الشيعه او تجلب أمريكا 2000 طيارة حربيه على الأقل مثلما فعلت في ليبيا -فعند دلك ينتهى الداعش في اقل من أسبوع واحد------الرئيس حيدر العبادى يجب عليه نقل