ماذا يحصل للكرة العراقية وهي تواجه كل هذا الإعصار النقدي بدافع تسقيط العاملين في اتحاد كرة القدم أو المنتخب الوطني كلما تعثّر الأخير في استحقاقاته الخارجية وكأننا جاهزون لإشعال الحرائق وتعريض سمعة البلد للسخرية أمام وسائل الاعلام العربية والعالمية واظهار انفسنا اننا لا نفقه أي شيء سوى التعامل بدافع ردة الفعل المتهوّرة والانتقام من المدرب بقرار الإقالة الفوري لتبدأ رحلة البحث عن بديل يلقى مصير سلفه.. وهكذا!
لا يمكن لأي منصف ومتوازن في طرحه أن يغفل الأداء الهزيل الذي قدمه منتخبنا في يوكوهاما ومُني بخسارة اشبه بالفضيحة وهي تعرّي الأسود وتدق ناقوس الخطر لتُذكّر أن "رباعية اليابان ليست للنسيان" بعدما مثّل أحد عشر لاعباً أسوأ منتخب كرة قدم لبلدنا حتى الآن ووضعونا في موقف لا نُحسد عليه لنترقب تصفيات كأس العالم وأمم آسيا بخوف لم نتحسسه كهذه المرة، لكن هل غابت الحكمة في تصرّف القائمين على شؤون الاتحاد؟ بالطبع لا، وكان توقعي في محله إذ هاتفت عضو اتحاد الكرة فالح موسى صباح أمس السبت للاستفسار عن مدى صدقية تصريحات بعض زملائه بأنهم جادون في اتخاذ قرار إقالة المدرب حال عودته الى بغداد؟! فأجاب الرجل بمنتهى الثقة بالنفس وعقلية المسؤول الحريص على مصير المنتخب والعاملين فيه " لا قرار حتى تجتمع لجنة المنتخبات وتدرس جميع حيثيات الخسارة الطبيعية امام اليابان، مع ايماننا المطلق اننا لسنا بأفضل من الاصدقاء ولم نصل بعد الى مستوى التخطيط الذي بلغوه في اقامة الدوري وإعداد لاعبيهم فكرياً وبدنياً وما متوفر هناك من منشآت حديثة تعكس تقدم اللعبة ورقي المشرفين عليها".
هكذا نحتاج الى اناس يقيّمون الظروف بلا انفعال ويتدبرون الخطط البديلة على اساس الاصلاح من دون ان تكون حساباتهم تبادل التهم وإلقاء اللوم على الضحية الذي غالباً ما يكون المدرب الخاسر الوحيد في كرنفال المزايدات!
وهنا اتساءل باستغراب عن اسباب تولي رئيس لجنة المنتخبات مهمة الاشراف على منتخب الناشئين وابتعاده عن الوطني الذي يفترض ان يكون قريباً منه ويتفاعل مع متطلباته لاسيما في مثل هكذا أزمة يتلاقح خلالها بالأفكار مع اعضاء لجنته لمساندة الملاك التدريبي؟!
صراحة، أكرم سلمان على المحك ولم يوفق بعدما ارتكب أخطاءً جمّة، فاشراك ياسر قاسم خطوة متأخرة حرّكت الدماء في اوصال المنتخب، وعدم الانتباه لأمجد راضي "النائم" وسط دفاعات الساموراي وضع علامة استفهام كبيرة عن ماهية خطة المدرب لتطبيق الستراتيجية الهجومية، ما ادواتها ومن ينفذها، ومن المساعدون، وتوقيت زج البديل المهيأ للحسم؟!
ثمّة أمر مهم لابد الانتباه له، فـ"الجدية والانضباط" عنوان أية مباراة يلعبها أبناء الساموراي حتى لو كانت تحضيرية، وادهشني اندفاعهم امام الأسود ما أوحى لي انهم مكلفون لحسم لقب صعب امام جمهورهم المتحمّس أكثر منهم بشكل فاق التوقعات وحفزهم لتسجيل انتصار تاريخي يبقى علامة فارقة في سجل التنافس الكبير الذي يشهده كبار القارة في طريق التأهل الى مونديال موسكو.
للأسف كان حال منتخبنا يثير الشفقة ولعل لقطة تسجيل هدف كاواساكي الثالث أصدق تعبيراً عن فوضى تمركز المدافعين ولهاثهم العقيم وراء اللاعب ما يؤكد على إن الموافقة على خوض تلك المباراة جاءت بتوقيت خاطىء يتحمّل مسؤوليتها الاتحاد الذي ضغط بشكل واضح على الملاك التدريبي للقبول بها باعتبارها عربون الصداقة مع اليابانيين ورغبتهم برد الجميل لمنح العراق صوته لابنهم كوزو تاشيما في انتخابات الاتحاد الآسيوي وستليها مباراة أخرى لأولمبينا في آب المقبل.
ان التطوّر اللافت لمنتخبات شرق آسيا كما شاهدنا أمس الأول الجمعة بفوز الفلبين على البحرين 2-1 وظفر قطر بثلاث نقاط من جزر المالديف بهدف الانقاذ في الدقيقة 100!! وكسب تايلاند لقاء فيتنام بشق الأنفس (1-0) بالدقيقة 81 وغيرها من النتائج الصادمة في الجولة الأولى من المرحلة الثانية لتصفيات قارة آسيا المؤهلة لكأس العالم 2018 تسترعي الانتباه لمتابعة فرق مجموعتنا بصورة دقيقة، ونحن بانتظار قرار حكيم من اتحاد اللعبة بعد أن ترفع لجنة المنتخبات توصيتها المنصفة عمّا جرى في يوكوهاما لاسيما إعادة النظر ببعض اللاعبين ضمن القائمة 67 المعتمدة من الاتحاد الآسيوي الذين اثبتوا صلاحهم للمهام الناديوية ليس إلا!
فضيحة عربون الصداقة اليابانية!
[post-views]
نشر في: 13 يونيو, 2015: 09:01 م