(الخلق هو أنت في الظلام ) .
ماذا تعني هذي المقولة التي عمرها عمر الحكمة على الأرض ، والتي نادى وبشر بها الأنبياء والرسل والفلاسفة ؟
….. ان تكون انت نفسك في الظلمة وفي وضح النهار . في السر والعلن ، بين جمهرة من الناس ، او مختليا بذاتك .
ماذا يعنينا من جوهر الحكمة تلك في أيامنا الملتبسة هذي؟
يعني : أن يعهد إليك بمفاتيح أقفال الخزائن ، وما من رقيب عليك سواك ، فلا تسول لك نفسك الاستحواذ او السرقة .. بزجر رغباتك الجياشة إن راودك طمع او جشع النفس اللوامة .
يعني : أن تبتلى بشتى صنوف اللذائذ والملذات ، فتتعفف ! وتمتلك مقاليد أن تبطش ، فتعف
يعني : ان تؤتمن ، فتأبى ان تخون الأمانة،
يعني : ان يخلى بينك وبين الحقائق والأباطيل ، وتترك لك حرية الاختيار ، فلا تنحاز إلا لإظهار الحقائق ، رغم اليقين بدفع باهظ الأثمان .
يعني : ان يوخزك ضميرك ، كلما هممت بعقاب بريء دون إدانة ، أو تبرئة مذنب مدان بجريمة مشهودة .
يعني : ان تقوى بمال او جاه او سلطة . فتتواضع . وأن لا تمشي في الأرض مرحا ، متحللا من كل قيد .
يعني : ان تغرى بشتى المغريات ، فتستعصم ، وترفل بالنعم ، فلا تكفر بها ولا تبطر ….
أليس في هذا الدستور كثير مشقة ؟
والله إنه لكذلك ،، وهذا هو الجوهر الكامن في فلسفة الصوم . يؤطره حديث متواتر عن النبي الكريم ( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ) .
هل يمكن هذا ؟ بلى .
هذي البؤرة من الضوء تكفي لتبديد ظلمات هندس حامت حول فريضة الصيام .
فليس الصوم جوعا لذات الجوع ، وليس هو بعطش لمجرد العطش ، وما هو بتعذيب للنفس ، لمحض التعذيب …. الصوم اختبار وامتحان للغرائز والنزعات . ورمضان يطرق على الأبواب ليوزع استمارات الأسئلة الصعبة تلك ،،،،، فيا لندرة الناجحين !
فلسفة الجوع والتخمة.
[post-views]
نشر في: 14 يونيو, 2015: 09:01 م