(1)
لا أدرى ان كنت مخطئا أم لا في عدم توجهي للقارئ العربي حين اكتب واحسب حساب القارئ العراقي فقط. اعترف هنا ان المسألة لم تخطر ببالي من الأساس وكأني على قناعة بان العرب لا يتابعون ما نكتبه نحن العراقيين خاصة في صحفنا العراقية. نعم، قد يقرأون لكتّاب منا اختصوا بالنشر في صحف عربية وربما خليجية على وجه التحديد لكن عددهم لا يزيد عن عدد أصابع نصف يد.
ما نبهني لذلك اتصال هاتفي لمثقف مصري كانت قد ربطتني به علاقة طيبة من خلال صديقنا قيس العزاوي يوم كان يمثل العراق في الجامعة العربية. انتهت مهمة قيس ورحل عن القاهرة منذ عام او أكثر فانقطعت اخباره ومعها اخبار المثقف المصري عني. فجأة واذا به يتصل هاتفيا. اول رد لي عليه: يابا جلب العضك كتلناه. فهمها دون عناء. المهم انه سألني ان كان لدي وقت لنلتقي، ليلتها، بحسب رغبة مثقف تونسي حل ضيفا عليه. شتكره منها يا ابنادم؟
الضيف التونسي لديه ولع بالهم العراقي بشكل مخيف. يعرف عن العراق ما لا يعرفه بعضنا. يتابع صحفنا واعمدتنا بالأسماء والعناوين. مغرم حد النشوة بمؤلفات مؤرخنا جواد علي وتفسيراته. فجأة انتقل ليسألني عن عمود "الفاشية الطائفية" الذي كتبته قبل أيام، وتحميلي مثقفينا واعلاميينا جزءا من أسباب هيمنتها على الواقع العراقي. وان ابدى شيئا من الإعجاب بما كتبته لكنه اشعرني بانه غير راض. ليش؟ لأنك حذوت حذو أغلب المثقفين العراقيين الذين يلامسون الحقيقة عن بعد. شلون يعني؟ تحملون المصباح بأيديكم وتؤشرون على الخلل لكنكم لا تلمسونه باصبعكم، مثل الذي يبعد عن الشر ويغني له.
شوف يا سيدي: نجاح المصريين في قبر بوادر الفاشية الدينية لم يكن الفضل فيه للجيش او العسكر أولا، بل لطلائع المثقفين المصريين الذي وقفوا بوجهها وبينهم ازهريون. كان علي عبد الرازق ثورة بوجه تلك الفاشية قبل 85 عاما. وأقول ثورة لأنه حرك شيئا مهما في ضمير وحياة الشعب المصري. لم ترعبه المقدسات التي يتفنن الفاشيون الدينيون بطشها على الطرقات وفي المدارس وداخل البيوت. كان كتابه "الإسلام واصول الحكم" بمثابة الشمعة الأولى التي فتحت طريقا سار عليه من بعده كثيرون. لا في مصر وحدها بل في العالم العربي وغيره. شمعة علي عبد الرازق هذه هي التي أخرجت ثلاثين مليونا بوجه فاشية الإسلاميين. وما كان ليستمر ضوؤها لولا ان جيلا مهما من مثقفي مصر تغذى عليها ثم غذّاها بأوكسجين التفكير الحر لتظل حية متجددة.
عدد لي أسماءهم فشعرت بطعم مرارة خجل موجع.
يتبع
جميع التعليقات 1
ابو اثير
الفاشية الدينية .... أو .. العفو أعتذر !!الطبقة ألأسلامية الدينية خط أحمر لا يمكن الكتابة عنه أو الولوج فيه في أغلب صحفنا الممولة والحكومية والمستقلة .. ومن ضمنها صحيفة المدى وألا كيف تفسر حجب عدة تعليقات تطرقت فيهاالى الفاشية الدينية الحديثة في عراقنا