TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دينار لقلق زادة

دينار لقلق زادة

نشر في: 15 يونيو, 2015: 09:01 م

العاملون في مكاتب مؤسسات دولية في بغداد ، واجهوا في الايام القليلة الماضية صعوبة في الحصول على مستحقاتهم المالية المرسلة اليهم بالدولار ، فكانوا امام خيارين إما تسلم الحوالات بالدينار العراقي بالتصريف الرسمي او الانتظار ساعات طويلة لحين قيام احد العملاء بايداع مبلغ بالعملة الصعبة، مكاتب الصيرفة المنتشرة في العاصمة هي الاخرى تشكو قلة رصيدها من العملة الاجنبية ، فاجبرت مراجعيها على الانتظار ، عسى يفتح باب الفرج ، فيحصل صاحب الحوالة على المبلغ ، بعد ان شاهد نجوم الظهر في نهار قائظ بدرجة حرارة اقتربت من الخمسين مئوية .
مكاتب الصيرفة تتعامل مع الدولار بحسب سعر السوق، أما المصارف الاهلية فتعتمد التصريف الرسمي بمبلغ مئة وثمانية عشر الف دينار ، استنادا الى تعليمات البنك المركزي، تنفيذا لسياسة التقشف الحكومية ، اعداد قليلة جدا من العاملين في مكاتب مؤسسات دولية في بغداد والمحافظات ، ينتظرون العطف الحكومي الرسمي لضمان الحصول على مستحقاتهم الشهرية ، وهي قليلة مقارنة بمبالغ تدفع لاستيراد اللبن والبطيخ بنوعيه الاحمر والاصفر من دولة جارة ، اغرقت اسواقنا المحلية ببضائعها للتعبير عن دعمها الحقيقي للعراق حكومة وشعبا في حربه ضد الارهاب ، وتحرير اراضيه من سيطرة الجماعات المسلحة المتطرفة .
في زمن فرض العقوبات الاقتصادية وخضوع العراق لبنود الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة على خلفية غزو الكويت ، كانت الحكومة العراقية وقتذاك تمنح للوفود الرسمية امتياز الحصول على الدولار بالسعر الرسمي ، المعتمد منذ سبعينات القرن الماضي ، ثلاثة دولارات بدينار واحد من فئة الطبع وليس السويسري القديم على ان لا يتجاوز المبلغ 400 دولار ، هذه التسهيلات لم تكن متاحة لجميع العراقيين ، لن ينالها الا من كان ذا حظ كبير ، يلتفت اليه القدر في لحظة عابرة ، فيحافظ على دولاراته خلال السفر ، ثم يصرفها في الاسواق المحلية بعد العودة ليحصل على ثروة مالية بحسابات ذلك الزمن ، تعينه على مواجهة "الحصار الجائر" بمكرمة حكومية سخية .
عرف البغداديون مطلع القرن الماضي الفنان الراحل جعفر لقلق زادة ، بتقديم مشاهد هزلية مضحكة في مقاهي وملاهي العاصمة ، يقال ان زادة وطبقا لباحثين ودارسين ، استخدم اشبه ما يعرف بالكوميديا السوداء لتسليط الضوء على ظواهر ترسخت داخل المجتمع العراقي بفعل التقاليد والاعراف السائدة ، وحان وقت نبذها ، انسجاما مع حركة التطور ، مشاهد المرحوم زادة كانت تتضمن توجيه النقد الى اصحاب القرار لانشغالهم بقضاياهم الشخصية ، فيما يعاني شعبهم الجوع والفقر والمرض ، الكاتب المسرحي عادل كاظم وظف شخصية جعفر لقلق زادة في مسرحيته "نديمكم هذا المساء" اخراج محسن العزاوي ، قدمت على مسرح الرشيد الخرابة حاليا ، منتصف التسعينات ، في ذلك الوقت تعاطف الجمهور مع "بستة " منسوبة الى المرحوم زادة يقول فيها بطريقة اداء المربع البغدادي ( آخ يالدينار من جيبي طفر ) لإعطاء صورة واضحة عن الافلاس المزمن ، المربع ربما سيستعيد حضوره في ظل اعتماد السياسية التقشفية وشد الحزم على بطون العراقيين لحين ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram