بغداد/ وكالاتقفزت ظاهرة التصحر في العراق لتتصدر أولويات وزارة الزراعة خصوصا مع اتساع نطاق تلك الظاهرة وتزايدها عاما بعد عام. وتقول الأرقام إن مساحة العراق -التي تقارب 444 ألف كلم مربع- 48% منها مناطق بواد وصحراء و5% جبال و15% هضاب و32% سهول رسوبية وأهوار.
وعن بداية مشكلة التصحر في العراق يقول المدير العام لمكافحة التصحر في وزارة الزراعة الدكتور فاضل الفراجي: إنها تعود إلى تسعينيات القرن الماضي. ويرجع السبب الرئيس إلى تدهور الزراعة منذ التسعينيات، والحصار الذي فرض على البلاد والحروب التي مرت بها. ويرى أن هذه العوامل أدت إلى تدمير القشرة الأرضية وجعلتها عرضة للتعرية. وان العواصف الرملية غير المسبوقة التي تعرضت لها البلاد في السنتين الأخيرتين ساهمت في زيادة التصحر. ويقول: إن تلك الظاهرة انعكست على الأمن الغذائي للبلد وعلى المواطن، من خلال التأثير السلبي على الزراعة، وغلق الطرق والسكك الحديد، إضافة إلى الأضرار الصحية للمصابين بداء الربو. أما خبير الشؤون المائية عباس الصكب فيقول: إن العراق عانى في العقود الأخيرة من مشكلة التصحر، «التي تعود إلى فعل الإنسان وعدم وجود سياسة رشيدة للحكومات العراقية المتعاقبة». ويضيف إن المشكلة أخذت بالتفاقم في مطلع السبعينيات من القرن الماضي. وتابع أن هذه المشكلة تفاقمت بعد شح المياه وبروز ظاهرة جديدة وهي العواصف الترابية بعد حرب الكويت عام 1991 ، بسبب قطع الري عن الأراضي، والآليات العسكرية التي قامت بتكسير الطبقة الحامية للأراضي. ويشير الخبير إلى أن البادية الغربية (صحراء النفوذ) كانت تأتي منها عواصف رملية، وسكان الجزيرة في الموصل كانوا يقومون بحراثة الأرض وهي أرض هشة بانتظار نزول الأمطار وعند عدم تساقط أمطار يبقى غطاء الأرض متهشما، ما أدى إلى تغطيتها بالرمال المتحركة، ولا سيما في تلول البعاج. ويعزي الصكب أسباب تفاقم هذه المشكلة إلى الحروب التي مر بها البلد منذ الحرب العراقية الإيرانية، التي سحبت كل الجهد الهندسي لوزارتي الزراعة والري، وتجفيف الأهوار، وطبيعة التربة العراقية الخصبة، لكنها في الوقت نفسه مرتفعة الملوحة، كذلك عدم اهتمام المواطن باحترام البيئة، وأخيراً شح المياه في السنوات الأخيرة. ويؤكد عدم وجود اهتمام جدي من الحكومة لمعالجة هذه الظاهرة ويدعو المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة إلى ضرورة التعاون لحل هذه المشكلة الخطيرة التي يواجهها العراق. أما فاضل الفراجي فيشير إلى أن وزارة الزراعة اتخذت إجراءات للحد من هذه الظاهرة، وتولت الهيئة العامة لمكافحة التصحر من خلال تنمية الموارد المائية تثبيت الرمال المتحركة التي تقدر بحدود أربعة ملايين متر مربع في وسط العراق وجنوبه. ويضيف أن الهيئة قامت بمشاريع زراعية في منطقة الفجر تقدر بحوالي نصف مليون متر مربع، من خلال تحويل تلك المساحات إلى أراض زراعية منتجة، بعد تهيئة واحات مائية لها، للوصول إلى كثافة تنموية تشجع على الاستثمار وتنمية النباتات الطبيعية. ويتوقع الفراجي أن تكون هذه السنة سنة رطبة من خلال توفر المياه نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت على العراق. وبشأن الإجراءات الأخرى للحد من ظاهرة التصحر يقول إنه تم إصدار قوانين تمنع قطع الأشجار ومنع الحراثة في حال حصول جفاف وعدم تساقط الأمطار، لمنع حدوث تصحر وتعرية للتربة.
التصحّر.. يهدد الامن الغذائي
نشر في: 30 ديسمبر, 2009: 06:08 م