TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الدينار ينهار.. لِمَ الصمت؟

الدينار ينهار.. لِمَ الصمت؟

نشر في: 16 يونيو, 2015: 09:01 م

هذا الصمت غير مفهوم، بل غير مبرر، فالدينار هو حياة العراقيين كما الدولار حياة الاميركيين واليورو حياة شعوب أوروبا والين حياة اليابانيين... لا يجوز أبداً التزام جانب الصمت عندما تنهار قيمة الدينار على هذا النحو المروّع المهدّد لحياة العراقيين في لحظة تاريخية مصيرية.
في غضون ستة أشهر انحدرت قيمة الدينار بنحو 20 بالمئة بعدما ظلّت تتعزز على مدى سنوات، ما أنعش الآمال بعودة قيمة دينارنا إلى سابق عهدها في السبعينيات من القرن الماضي وما قبلها.
ليس تدهور أسعار النفط سبباً كافياً لتراجع قيمة الدينار على هذا النحو، فالريال السعودي والدرهم الإماراتي والدينار الجزائري والروبل الروسي وسواها من عملات البلدان المنتجة للنفط، لم تنهر قيمتها.. ولا إرهاب داعش سبب كاف أيضاً، ففي غضون السنين الإثنتي عشرة الماضية شهدت البلاد ظروفاً شاقّة للغاية هي في مستوى الظروف الراهنة، لكن الدينار ظلّ صامداً في قيمته.
ثمة لعبة خطيرة تجري خلف الكواليس يديرها سياسيون وبيروقراطيون ومصرفيون وتجار، جميعهم فاسدون ومفسدون. والسؤال: لماذا البنك المركزي ولماذا الحكومة يصمتان حتى الآن صمت القبور ويتّخذان موقف المتفرج الأبله حيال هذه القضية الخطيرة التي تمسّ حياة الناس ومستقبلهم؟
موقف البنك المركزي والحكومة يساهم في الدفع باتجاه المزيد من التدهور في قيمة الدينار، لأن الناس متروكون للمعلومات المتضاربة والتحليلات والتوقعات المهوّلة من القادم. وعلى سبيل المثال صرّح عضو في اللجنة المالية النيابية (النائب مسعود حيدر) أمس بأن سبب ارتفاع سعر بيع الدولار في سوقنا المحلية يعود الى تلاعب "مافيات المصارف" المدعومة من "سياسيين متنفذين" بالأسعار، فيما مسؤول بالبنك المركزي حمّل شركات الصرافة والمضاربين المسؤولية عن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار.
عمل المافيات والمضاربين واضح وجليّ، فنظرياً يحقّ لكل مواطن شراء ما يشاء من الدولار، وبخاصة الذين يسافرون إلى الخارج للسياحة (خمسة آلاف دولار) أو للعلاج (عشرة آلاف دولار)، بسعر يزيد قليلاً عن السعر الذي تشتري به البنوك الدولار من البنك المركزي، لكنّ الغالبية الساحقة من محتاجي الدولار لا يجدونه في البنوك المخوّلة بيعه، بما فيها البنوك الحكومية، باستثناء أصحاب الواسطة، فدولارات هذه البنوك تُباع الى أشخاص لا يحتاجونها في الواقع.. تُسجّل المبالغ بأسمائهم ويُعطَون فتاتاً من هذه الدولارات، فيما يبيع موظفون في هذه البنوك الدولارات في السوق بسعر السوق، محققين أرباحاً طائلة.
وفي الآونة الأخيرة طلعت علينا معظم هذه البنوك بشكل جديد من أشكال القرصنة والعمل المافيوي.. إنها تدّعي الآن عدم وجود سيولة لديها بالدولار، فتعرض على المدّخرين والمودعين بالدولار الدفع لهم بالدينار، بسعر 1200 دينار للدولار الواحد الذي وصل سعره أمس مثلاً الى 1420 ديناراً!
البنك المركزي والحكومة يعرفان هذه المعلومات حقّ المعرفة ولا يفعلان شيئاً، وهذا مما يثير سؤالاً كبيراً مثل الذي يثيره صمت البنك والحكومة حيال الانحدار الحالي في قيمة الدينار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. hameed

    ( كلما دخلت أمة لعنة أختها ) . بالله عليكم اكشفوا لنا هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالساسة

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram