TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يا،،، صاحبة الجلالة .

يا،،، صاحبة الجلالة .

نشر في: 17 يونيو, 2015: 09:01 م

كنا صغارا - إخوتي وانا - ما خلعنا كل أسناننا اللبنية بعد . يوم أعلن عن نفير صامت في بيتنا الكبير بالبصرة .. أخليت غرفة في الطابق العلوي من محتوياتها على عجل ،، جاء نفر أغراب ، يحملون صناديق كارتون وخشب ،، و(كواني ) جنفاص ثقيلة ملأى بما لا ندري ، رصفوها - بعناية - في الغرفة العلوية وأغلقوا دونها الباب .
كان حب الإستطلاع الطفولي هاجسنا .. كنا ننتظر مغادرة الوالد للعمل ، وإنشغال الأم ، لنتسلل للغرفة المغلقة ، نفتح بابها الموصود بتلصص، لنكتشف ما كان غامضا سره ،
ولكم كانت خيبتنا كبيرة ، حين لا نجد بين كل ذاك الركام لعبا ولا حلوى . بل ماكينات طباعة ، ورولات ورق أسمر وآبيض ، وكدس من كتب مهداة من آصحابها ، وآقلام وقوارير حبر ورزم صحف ودفاتر مطرز آعلاها بكلمات بدت لنا شديدة الغموض أزاء معرفتنا الكليلة باللغة ::
السجل . جريدة سياسية يومية لصاحبها : طه الفياض العاني ، تقول الحق ولا تخشى لومة لائم.
كانت رولات الورق كنزا لآخوتي الصغار ، إذ إهتبلوها فرصة لعمل الطيارات الورقية -.في غفلة من رقابة كبار الأسرة - والصعود بها للسطح العالي ، للإفلات من قيظ البصرة اللاهب ( الشرجي ) ،
عرفنا آنذاك إن السلطات الرقابية — في العهد الملكي - قد آغلقت الصحيفة ، لتجاوزها الخطوط الحمر وصاحبها مهدد بالإعتقال ، لذا أثر الإمتثال للقرار والإختفاء عن آعين السلطةء ريثما تهدأ الأمور . ولم يجد ( الفياض العاني ) غير والدي آمينا ومؤتمنا على كنزه الصحفي .
استعيد ذكرى تلك الأيام . كما لو كانت ليلة البارحة . وأهدهد خواطري ، وأعجز عن تكميم اسئلة كبرى :: كم هو باهظ الثمن الذي يدفعه الصحفي الأصيل الأعزل ليقول كلمة حق ، وليكشف آباطيل ويفضح مفسدين ؟
هل من عزاء للرعيل الأول من الصحفيين ، ولمن تلاهم ، الذين قارعوا ويقارعون الشر والأشرار ، لا بمسدس ولا بمفخخة . إنما بسن قلم رهيف كجنح فراشة ، حده أمضى من سيف مسلول ؟ وهل من يد عليا ، تنتشل من هم في عوز او عسر او ضيق ذات يد ؟؟
طوبى لصاحبة الجلالة الصحافة في عيدها ، ْعام آخر شاق - يرصع بماسته الثمينة تاجها البهي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram