بعد ان نجح في ارضاء الغريزة المعرفية لدى الجميع كان لابد ان يوقع هذا الغزو الالكتروني متمثلا بالانترنت والهواتف الذكية والالعاب، العديد من الضحايا في اسره بصورة تلقائية، ومنهم الاطفال الذين وجدوا في الانترنت والموبايل ساحة رحبة لتفريغ طاقاتهم والترويح عن انفسهم، وهكذا تحول مضمار اللعب من الحدائق والملاهي الخاصة بالاطفال، الى اجهزة الحاسوب والموبايل، ذلك الامر الذي اصبح يشكل مشكلة كبيرة مفادها انشغال الاطفال عن التزاماتهم المدرسية وانقيادهم لغرائزهم المعرفية وراء الانترنت بصورة عمياء، ناهيك عن اضراره الصحية الجمة، التي تخلفها ساعات النظر على مرأى ومسمع من كل الثقافات الدخيلة على مجتمعنا المحافظ، ماقديهدد البنية النفسية للطفل، وامام هذا الوضع ستتضاعف مهمة الابوين في كيفية احتواء هذا الموضوع وايقاف الطفل عند حدود معينة للتسلية والتعلم .

 

 

امراض مزمنة

ام محمد ربة بيت ووالدة لاكثر من طفل تقول: لقد فقدت الامل في علاج حالة ابني المدمن على استخدام اجهزة الموبايل والاجهزة الالكترونية. مبينا انه فقد قدرته على النوم تدريجيا الامر الذي اصابه بالصداع المزمن، بعدها اصيب بمرض الصرع، واعاني الان من حالة هستيرية وانا ارى ابني والذي لم يتجاوز الـ 5 اعوام يعاني من كل هذه المشاكل وضياعه من بين يدي اضافة الى شعوري بالذنب تجاهه.

الاعلامي صبيح المرياني تحدث عن مشاهدته لهذه الظاهرة وما ينجم عنها قائلا لــ (المدى) بحسب مشاهداتي اليومية، لاحظت ان اغلب الاطفال يتسابقون في الحصول على اجهزة الموبايل من الأب والأم، في حالة عدم امتلاكهم لها. لانجذابهم الشديد للالعاب التي تحتويها. مضيفا: ان هذه الحالة فيها ايجابيات كثيرة، منها تنشيط فكر الاطفال وتطور معلوماتهم التي تسهل لهم العمل على اجهزة الحاسوب، سواء في الوقت الحالي ام في المستقبل. مبينا: ان الادمان عليها مضر صحيا، وبحسب رأي احد اطباء العيون الذي اكد ان هذا الجيل من الاطفال والمراهقين المدمنين على استخدام اجهزة الجوال باستمرار، احتمال اصابتهم بمرض جحاظ العين .

سرقة اموال

من جهته يقول ابو همام لـــ (المدى) ان هذه المشكلة اصبحت مشكلة عامة، ولايخلو منها كل بيت عراقي، وان الاطفال اصبحوا يقضون الليل في السهر واستخدام اجهزة الموبايل والانترنت، والنهار يستغلوه في النوم، وهناك حالات كثيرة لاصابات بامراض العيون والعصب السمعي. مسترسلا: لقد اصيبت ابنة اخي البالغة من العمر (4) سنوات بحالات الارق، وعند عرضها على الطبيب المختص، نصحهم بابعادها عن اجهزة الموبايل والانترنت، لان الدماغ يوجد به ايعاز يتغير بعد الساعة (12) ليلا، وانه يتأثر بأي خلل بوظائف الجسم، وبعد وقت طويل جدا، تمت معالجتها بالادوية.

وزاد بالقول: وللاسف الشديد هناك بعض الاطفال يقومون بسرقة المال من اهلهم من اجل شراء كارتات تعبئة الموبايل لاكمال تحميل الالعاب التي تحتوي على مراحل ومستويات، وهي من اسباب ادمان الانترنت.

امراض مسرطنة

من جانبه يقول الطبيب محمد رشاد جاسم لـــ (المدى) بشكل عام التلفزيون واجهزة الموبايل تعتبر نعمة ونقمة، نعمة انها من الممكن ان تعلم الاطفال الالعاب بعمر مبكر، وتزيد من مستوى ذكائهم. ونقمة اذا كان هناك ادمان للطفل عليها، وبالاخص برامج الكارتون والانميشن فانها ستقلل من نباهته وقوة ملاحظته وتركيزه الذهني. مضيفا: ومن خلال استخدامه للانترنت والفيس بوك سيكون له تواصل مع اناس واصدقاء غير صالحين، ويتعلم منهم اشياء مضرة وغير مناسبة بالنسبة لعمره، وبحسب بعض البحوث التي اجريت بهذا الخصوص، فان الموجات الكهرومغناطيسية الصادرة عن جهازه الجوال لها تاثير سلبي على دماغ الطفل، وخاصة في اعوامه المبكرة ومن الممكن ان تؤثر بشكل عام على تركيزه .

واوضح رشاد: يكون الطفل خاملا وقليل الانتباه وتؤثر بشكل مباشر على العصب السمعي والبصري له، مما يؤدي الى ضعف السمع او البصر لاسامح الله، وهناك نظريات ايضا انه من الممكن ان تكون هذه الاشعة مسرطنة لدماغ الطفل مستقبلا. ومن الممكن استبدالها بالعاب افضل تفيد الطفل وتزيد وتنمي ذكاءه، مثل العاب الميكانو والالعاب التفاعلية مؤكدا ان هناك بحوثا ربطت متابعة التلفزيون وبرامج الكارتون للطفل، بظهور اعراض مرض التوحد وفرط الحركة لدى الاطفال لجلوسهم لفترات طويلة جدا عليها،وان استخدام الطفل لالعاب العنف من الممكن ان تسبب له كوابيس تستمر معه لاشهر .

ودعى الطبيب محمد رشاد جاسم الاهل ان يبعدوا اطفالهم تدريجيا عن الهواتف الذكية، مؤكدا على استخدامها بانتظام وتحت رقابة الاهل من الممكن ان تنمي ذكاؤه وقدراته العقلية. ناصحا بعدم السماح باقتناء الجوال للاطفال تحت سن الـ (12) عاما.

الطاقة الفكرية

هناء نعمة موظفة بينت لــ (المدى) ان ادمان الطفل على اجهزة الموبايل والانترنت يعد من الظواهر السلبية والضارة للطفل والمجتمع لما تسببها الاشعاعات الصادرة عن هذه الاجهزة من اذى على الدماغ والعيون، كما تحد من الطاقة الفكرية للطفل، وتبعده عن التفكير والابتكار وعن ممارسة هويات نافعة مثل القراءة. مضيفة: كما تمنعه ان يكون عضوا فاعلا في المجتمع كما تكسبه وتعلمه عادات وتصرفات غير لائقة ان لم يكن هناك رقابة من قبل الاهل على سلوكه ومن يتعامل معهم وايضا تؤدي الى تفكك العلاقات والروابط الاسرية للطفل مع اهله، كونه مشغولا طوال الوقت مع الانترنت والالعاب الالكترونية.

واوضحت نعمة: لابد ان يكون للاهل دورا و يساعدوا ابنائهم على ادراك ان هذه الاجهزة انما هي وسيلة وفرتها التكنلوجيا الحديثة، لتكون اداة نافعة نستخدمها للاحتياجات الضرورية وليست وسيلة للتسلية والعبث. مبينة: لابد ان تكون هنالك توعية بمخاطر هذه الاجهزة وللاسف الكثير من اولياء الامور لايمتلكون الوعي والمعرفة، لحجم هذه المخاطر على الطفل فيعتبرونها وسيلة للتسلية بدل ان يقضي الطفل وقتا في اللعب خارجا، ويفسحون له المجال للادمان عليه وبالنتيجة سنصل الى هذه السلبيات والامراض.

مستوى الدراسة

من جانبها تقول ام مصطفى مديرة روضة وحضانة (ماما انو) في الزعفرانية ببغداد لــ "المدى" ان الجزء الاكبر من الاطفال والطلاب في الدار لديهم هوس وادمان كبير على استخدام اجهزة الموبايلات الذكية، وادمانهم على الالعاب التي تحتويها هذه الاجهزة، وهذا الامر يؤثر وبشكل سلبي على مستوى دراستهم وعلى تركيزهم الذهني، وهناك مخاطر جدية على صحة صغار السن من مستخدميها . مضيفة: من خلال عملي كمديرة للروضة، ألاحظ الكثير من الاطفال يمتلكون اجهزة هاتف ذكية ويشغلون معظم وقتهم في استخدامها، وانا انصح الاهل دائما بمنع اطفالهم من استخدام الموبايلات بكثرة بل يجب ان يكون هناك تنظيم ووقت محدد لاستخدامها لانها تؤثر على صحتهم وعلى ممستوى تعليمهم،ولها اثار سلبية على تركيبة الطفل النفسية والاجتماعية.

وتابعت مديرة الروضة قولها: ان الاطفال المدمنين على اجهزة الموبايل يكونون اكثر عزلة وانطوائيين،ويعانون من الخمول وضعف التركيز، معربة عن اسفها عن وجود جيل من الاطفال ينمون ويترعرون على ادمان الاجهزة الذكية والالكترونيات، وان الاطفال صغار السن يعرفون بتطبيقات هذه الاجهزة اكثر من الكبار ،لاستخدامهم لها ولفترات طويلة.

احتلال العقول 

ويقول علاء العقابي صحفي، لــ (المدى) ان ادمان الاطفال على اجهزة الموبايل والانترنت ،احتلال لعقول الاطفال وسجنهم في شاشة قد لاتنمي عقولهم بالمستوى المطلوب، لاستخدامها في غير المجالات العلمية واختصارها على الالعاب، وابعادهم عن الجو الاسري، فضلا عن بقائهم لاوقات متأخرة من الليل مما يؤثر على صحتهم. مضيفا: اما الاثار الايجابية لهذه الحالة فانه يفيد بمواكبة التطور التكنلوجي اذا تم اعتماد تطبيقات تنمي الذهن وتقوي من القدرات العقلية ومن الضروري تحديد اوقات معينة لاستخدامهم لهذه الاجهزة، ومتابعتهم باستمرار، وان الاهل هم السبب لادمان الطفل على هذه الاجهزة، لانهم ولمجرد ان يلهوا الطفل ويسكتوه، يكون الشئ الوحيد الذي يهدئ من حركته هي الالعاب الالكترونية والايباد والانترنت.

وتقول الباحثة الاجتماعية صفا محمد: لــ (المدى) ان استخدام الاطفال المفرط للهواتف الذكية واجهزة الانترنت، له اثاره السلبية، فهي تجعل الاطفال منعزلين عن العائلة وغير اجتماعيين وانطوائيين، نتيجة جلوسهم لفترات طويلة على هذه الاجهزة،وقد انتشرت هذه الظاهرة بعد العام 2003، بعد الانفتناح التكنلوجي على هذه الاجهزة .مبينة: ان السبب الاساس لانتشار هذه الحالة هو الاهل، فيجب عليهم منع اطفالهم تحت سن ال13 عاما، من الجلوس على هذه الاجهزة لفترات طويلة، والسماح لهم لاوقات محددة وامام انظارهم، لانها ستجعله يحتك بمجتمع متنوع الفئات وواسع، ويتعلم سلوكيات وافعال غير محببة وغير جيدة، وعلى الاهل الهاء اطفالهم وشغل وقت فراغهم ،ببرامج مفيدة ومسلية في نفس الوقت.