حين أخرج المخرج العراقي الراحل صاحب حداد فيلم (يوم آخر) كان يقصد أملا آخر..لكن اياما اخرى باتت تحمل اسماءً لمناسبات اغلبها مؤلم..مهين..ورغم ذلك يواصل الساسة تسميتها لنا لتصبح ذكرى تستحق الاحتفال في العام المقبل حتى لو خلفت وراءها دما ودموعا وحسرات...فلم تكد الاحتفالات بيوم سقوط الموصل تنتهي حتى حلت ذكرى مجزرة سبايكر في الثاني عشر من شهر حزيران، وصار على الاهالي ان تبكي بلوعة و(تمسح ايديها بالحايط)، فمرور عام على غياب اولادهم دون حقائق تدلهم على مصيرهم امر يدعو الى اليأس، وصار على الحكومة ان تمتص غضب الاهالي ليسكتوا على (سكوتها)، لذا سارعت الى اقامة حفل تأبيني لاستذكار الحادثة الاليمة تخللته كلمات ومعرض صور وقبل كل شيء اعتبرت فيه امانة مجلس الوزراء حادثة سبايكرجريمة ابادة جماعية ويوم الثاني عشر من حزيران من كل عام يوما وطنيا لإحياء ذكرى المجزرة..
لابد للأهالي إذن ان يحمدوا الله ويشكروه على فضل الحكومة فقد طالبت بتدويل الجريمة والاسراع بمحاكمة المجرمين وإلقاء القبض على المتهمين الفارين ومحاسبة المقصرين واحالتهم الى العدالة، فضلا عن حث وزارة الهجرة واللجنة العليا لإغاثة النازحين على صرف (10) ملايين دينار لعوائل الشهداء..
أمهات الشهداء المغدورين والمفقودين لاتقنعهنّ هذه المطالب والوعود لذا قررت اكثر من50 والدة مغدوران يتوجهن في قافلة حملت عنوان (جكليت عرسك فطوري) الى مكان مجزرة سبايكر لإحياء المناسبة المؤلمة..سيذرفن الدموع وينادين ابناءهنّ بحرقة الامهات عسى ان تنطق دماؤهم بأسماء المجرمين..ولن يكفيهن هذا ايضا..امهات ضحايا سبايكر لايردن ان يعثرن على جثث اولادهن في مقابر جماعية بعد عقود من قتلهم كما حصل بعد سقوط النظام السابق ثم يحاولن التعرف على رفاتهم من الملابس المهترئة او ربما من غريزة الامومة... قلوبهنّ تتمنى ان يكون اولادهن احياء في معتقلات خصصها الجناة السياسيون لدفن سر المجزرة، وتدرك عقولهن ان حتى المعتقلين من اولادهن ربما تم قتلهم لذا يواصلن مطالبتهن بجثثهم قبل ان يصبح التعرف عليها مستحيلا...
لا أظن ان موت الابناء هو مايثير في الامهات الجزع فقد بات امرا عاديا في بلدي، لكن مايؤلمهن ويغضبهن هو تشظي دماء ابنائهن بين جهات عدة فهناك من يتهم اقارب الرئيس السابق وعشائر المنطقة بتسليمهم الى (داعش) وبعض آخر يتهم البعثيين لكن تفاصيل الحدث وماقاله بعض الناجين من المجزرة والضبايبة التي احاطت بالتحقيق في الجريمة جعلت قلوب الامهات تنطق بإحساسهن الحقيقي فأشرن الى المالكي الذي يعتبر المسؤول الاول والاخير عن المجزرة.. لايكفي اذن ان يتم تخصيص يوم للاحتفال بالمناسبة، او ان تسير قافلة الامهات الى موقع الجريمة بل يقنعهن اكتشاف سر مقتل واختفاء اولادهن ثم محاسبة المسؤول عن الجريمة حتى لو كان المالكي ذاته..
ذكرى سبايكر.. ويوم آخر..
[post-views]
نشر في: 19 يونيو, 2015: 09:01 م