اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كسرا للجفاء..والجفاف

كسرا للجفاء..والجفاف

نشر في: 22 يونيو, 2015: 09:01 م

بث احد مواقع الانترنت خبرا عن تمكن رجل اميركي من الاتصال بوالدته المتوفاة عبر الهاتف ..الأمر غريب طبعا فهو ليس الحديث المعروف مع الارواح الذي يجيده محضرو الارواح بل هو حديث حقيقي لكن مايخفف وطأة غرابته هو انه من طرف واحد ، فالاميركي اكتشف بعد وفاة والدته انه لم يقل لها كل مايود قوله من عبارات تعبرعن حبه لها فتوصل الى تلك الطريقة وقام بدفن جهاز هاتف مع والدته مزود بشريط تسجيل وصار يتصل بها ليحدثها بشكل يومي ...
في السنوات الاخيرة اكتشف مجتمعنا الذي كان مغيبا بالحكم الدكتاتوري وحظر وسائل الاتصالات والتكنولوجيا ان هناك مناسبات عدة يحتفل بها العالم الغربي ولاتحرك لدينا ساكنا مثل عيد الأم وعيد الحب وعيد الأب واعياد الميلاد الخاصة فقد كان للأعياد الوطنية الاولوية وكان للمرأة فقط حصة في الحصول على عيد خاص بها لكنه كان مخصصا لنساء الاتحاد العام لنساء العراق اكثر منه للمرأة العراقية ذاتها ...ثم ظهر ايضا من يصف الاعياد المستوردة من الخارج على أنها بدعة وضلالة فصار الاحتفال بعيد مولد الفرد او التصريح بمشاعر الحب للأم والحبيبة والأب حكرا على من لايريد ان يوصف بالكفر والزندقة او ( العلمانية ) ..
ليس هذا فقط بل بات الانشغال بمتاعب الحياة وهمومها ( العراقية ) جدا والتي لاتشبه هموم ابناء الدول الاخرى يجعل من يهتم بمثل هذه المشاعر ( بطرانا ) او ( اوفر ) فالحب في القلب كما علمنا اهالينا والمشاعر لاتعبر عنها الكلمات بل المواقف ...وهكذا ، بدأ الجفاف والجفاء يغزوان قلوبنا تدريجيا ، وصار يمكن ان نرى احبتنا يوميا ونلقي عليهم التحية الصباحية والمسائية ونسأل عن اخبارهم لكننا لانجرؤ ولانفكر اصلا في ان نقول لهم كم نحبهم وكم تكون الحياة بلا معنى بدونهم ..لقد علمنا من سبقنا الخجل من البوح بمشاعرنا والخشية من مطالبة الآخرين بحقنا في الحصول على اهتمامهم ، وهكذا تربينا على مجاملة او منافقة اقرب الناس الينا بدلاً من اختراق اعماقهم وانتزاع مانستحقه من مشاعرهم ..
هذا الاسبوع ، احتفل العالم بعيد الأب وهو جديد بالنسبة لنا ولم نسمع به من قبل ، لكنه اصبح فرصة للبوح بالمشاعر المخبوءة تجاه آبائنا ..وجدت صفحات الفيس بوك مليئة باعترافات بالعرفان للآباء فلم اشم رائحة ( بطر )في أي منها ..شعرت بأنها حقيقية لأنها تعكس مدى الكبت الذي رافق تربيتنا وجعل احبتنا يكبرون ويفارقون الحياة دون ان نغمرهم بمشاعرنا ونقول لهم وجها لوجه كم نحبهم وكم نقدر مافعلوه لأجلنا ..شعرت بأن من واجبنا ان نكسر حاجز الصمت والجفاف مع احبتنا ونصل الى قلوبهم قبل منازلهم وبدلاً من وضع جهاز هاتف في قبورهم نبث به لواعجنا كما فعل الرجل الاميركي ، لنحاول ان نبحث عمن تبقى من احبتنا لنبث لهم مشاعرنا قبل ان نلجأ الى استخدام تكنولوجيا مابعد الموت ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram