TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العلمانية والانقراض امام المرآة

العلمانية والانقراض امام المرآة

نشر في: 22 يونيو, 2015: 09:01 م

جامعات "ستانفورد" و"برنستون" و"بيركلي" في اميركا، تعتقد عبر دراسة جديدة، ان الحيوانات ذات العمود الفقري، صارت تختفي أسرع بـ114 مرّة من معدلات الانقراض الطبيعي. واهم ما في القصة اننا "على مشارف سادس انقراض جماعي من الانقراضات التاريخية العظيمة". اذ مر على آخر حدث مماثل 65 مليون سنة وضحيته الديناصورات. وخلال القرن المنصرم اختفى أكثر من 400 جنس من الحيوانات، رغم كل جهود البعث والناصرية في توحيد الامة العربية من جسر بزيبز حتى حرائق مطار مصراتة الليبي. كما ان 50 نوعاً من الحيوانات تقترب من الانقراض سنويا في هذه الفترة. وبالاجمال فان 41 في المئة من البرمائيّات و25 في المئة من الثدييّات مهدّدة بالانقراض، سواء كان ساسة العراق ينفقون وقتا اطول في الحديث مع ايران او السعودية.
ولا ادري ان كان المتشددون والدواعش ومن يشبهون الدواعش من بقية الاطراف، والمفسدون والاغبياء المتنطعون وعديمو الذوق وناقصو التأهيل والتعليم ومهاجمو اتحاد الادباء، من صنف البرمائيات ام الثدييات ام القوارض. لكن المستر غيراردو سيبالوس المشرف على الدراسة المذكورة، يعتقد ان الجنس البشري سيختفي في وقت مبكر، بسبب التغير المناخي، سواء نجح حيدر العبادي في دحر برابرة داعش ام لم ينجح، وسواء امتلك الزعماء العراقيون سيادة واستقلالية تسمح لهم بان يتصالحوا، ام منعهم الخارج الاقليمي والدولي من ابرام صفقة السلام الممكن، و"اجبرهم" على التورط في "قادسية ثالثة" تجعلنا ننقرض في منتصف الطريق بين المرحلتين الخامسة والسادسة من الانقراض التاريخي العظيم.
ورغم اخبار الانقراض، وجدت ان الناشطين الشباب في كردستان لديهم الحماس الكافي لمناقشة علمانية الدولة واسلاميتها، على هامش التحضير لاعلان دستور اقليمهم. وحين سألوني كدارس للفقه، عن رأيي في الصياغات والتخريجات والتكييفات، قلت لهم: بالنسبة لمعارك العشائر التي تدور بالاسلحة الثقيلة بين الاهوار وشمال البصرة، فاننا لسنا متاكدين من امتلاك دولة بالاساس، كي نسأل: هل الدولة في بغداد والبصرة علمانية ام اسلامية؟ فنحن حاليا مجرد عربة متجولة عملاقة تبيع النفط ونتعارك على فلوسه. وهذا "الچمبر البترولي" لا يهتم بما اذا كان علمانيا ام اسلاميا، رغم ان الباعة المتجولين معروفون بحب التظاهر المنافق، بالقيم السماوية والتعاليم الربانية، ليشغلوا الناس بحديث السماء ويتفرغوا هم لنهب الارض.
وماذا بقي لنقوله في حفل الصراخ العراقي الذي لا يشبه حتى حوار الطرشان؟ وكيف نجعل جامعة برنستون تفهم نوع اسئلتنا المرتبكة التي لن نعثر على حل لها حتى بعد سبعمائة سنة من الجدل؟ وهل سنجد الوقت لتصحيح اخطاء صدام حسين قبل ان يبدأ الانقراض؟ وهل يمكن ان نعترض على من يقول ان داعش هي بداية فعلية لانقراض مؤلم لشعوب تنشغل بالمظاهر وتنسى الجواهر؟
وفي محاولة لتحديد: بأي صيغة سنواجه الانقراض؟ اهتم الشباب في العراق والخليج، بمقالي السابق "سيلفي سعودي لبغداد.." وكان يتناول مسلسل "سيلفي" للنجم السعودي ناصر القصبي، باخراج الشاب العراقي اوس الشرقي وانتاج ام بي سي. ولم اقل خلاله سوى ما احب ان اكرره اليوم ايضا، بصيغة جديدة: ليس من المنطقي ان نبقى نتساءل: هل انجز القصبي هذا العمل الناقد لداعش، بحسن نية ام لذر الرماد في العيون؟ خاصة وان الرجل ينتقد التشدد باسلوب لافت منذ ١٥ عاما عبر سلسلة "طاش ما طاش"، وقد اهدر دمه مرارا. لكن السؤال هو: هل نستطيع في العراق ان نلتقط لانفسنا "سيلفي" كهذا، ونقف امام المرايا لننجز مراجعة نصف صريحة، لانواع التشدد التي تسببت بانهيار الدولة، سواء كان ساستنا ينفقون وقتا اطول في الحديث مع طهران او مع الرياض؟ وهل يمكن لمثقفي العرب في السعودية وغير السعودية، ان يكفوا عن الهذيان الطائفي ويبحثوا عن الاسئلة المشروعة لهذا العقل السياسي والاجتماعي الذي بدأ ينقرض منذ زمن طويل؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram