كان جورج برناردشو في الستين من عمره، عندما كتب: "عندما يكون الشيء مثيرا للضحك ، فاعلم جيدا ان وراءه سياسي " في ذلك الحين كان ساخر بريطانيا الاكبر يوزع سخرياته على الجميع، لكنه بالمقابل كان يكدس لنا نحن قراءه ثروات أكثر بريقا من كل كنوز الدنيا..
يعلمنا برناردشو ان الانسان يتحول في ظل السلطة الجاهلة إلى جزء من آلة، ينفذ من دون تفكير. يسير ويقوم وينام من دون نقاش. لا نهاره له ولا غده ملك لأبنائه.
كان يقول عن الديمقراطية: "انهّا تتحرّر من عبثية الحزب المعارض الذي من سلبياته ان يكون هناك برلمان، يحاول نصف اعضائه الحكم ويحاول النصف الباقي منع ذلك".
باسم الديمقراطية ووسائلها يستنكر عدد من الكتاب هذه الايام ، موقف بعض ساستنا من الذين ظهرت اسماؤهم في وثائق ويكيليكس، هذه الكتابات بالتاكيد تنبع من حرص ، لكن يبدو للاسف ان اصحابها كأنهم لايعرفون طباع مسؤولينا.
توقع الكتاب ان يخرج اصحاب الوثائق بوجه عبوس ، لكنهم فوجئوا بهم، يبتسمون من على شاشات الفضائيات بل ان البعض منه سخر من المستر "إدوارد سنودن" لماذا؟ هل كان السيد سنودن ينافسهم على منصب او امتياز او مقاولة يمنحها لاقاربه؟ لا.. ثمة ما هو أكثر أهمية ، لان سنودن "كذاب" ومفبرك على حد تعبير النائب عباس البياتي الذي اطل علينا امس من على شاشة العراقية ، ليمسح الارض بصاحب وثائق ويكيليكس الذي توهم انه يستطيع ان يخدع اصحاب السيادة والفخامة والمعالي في بلاد الرافدين.
بعد حديث السيد البياتي تبين لجنابي ان الديمقراطية ليست كما بشر بها افلاطون ، وصاغ مفاهيمها واسسها ارسطو، فنحن حتى لحظة ظهور السيد البياتي لا نعرف اي نوع من الديمقراطية نبغي واي ديمقراطية سنصدر للبشرية؟ ففي الديمقراطيات الحقيقية لانسمع صوت المسؤول، بينما في ديمقراطيتنا فان صوت السياسي نذير بساعات النحس، وليس ساعة نحس التي صوّر فيها العبقري ماركيز حكاية مدينة أطاحت بها نشرات الفضائح في أسبوع واحد، فانتهى الأمر بسكانها إلى قتل بعضهم بعضاً، أما عن العدالة فيصورها صاحب مئة عام من العزلة بحسّ ساخر، فنجد أمامنا صورة العدالة عبارة عن رجل أصلع سمين مبتسم يتقاطع على صدره وشاح الرئاسة وتحته كلمات مذهّبة، السلام والعدل!!.
يستمر ماركيز في سخريته حينما تُسأل امرأة عجوز عن صحتها فتردّ: "كل يوم أتحسّن بصورة أفضل حتى أتمكن من الاقتراع!".
وعندما قال العمدة للقس: "اعطس يا أبت نحن في زمن الديمقراطية"!
الكتاب الذين كانوا ينتظرون ان تحمر خدود السادة المسؤولين خجلا مما جرى ، ويجري في البلاد، يجب أن يدرسوا جيدا ملامح النجيفي والجعفري والمالكي والمطلك ليعرفوا اننا في زمن "عطسات" الديمقراطية .
اعطس.. نحن في زمن الديمقراطية
[post-views]
نشر في: 22 يونيو, 2015: 09:01 م