غادرت ابنة ستالين الاتحاد السوفيتي من اجل تحقيق الحلم الامريكي، ولكنها لم تجد السعادة ابداً. وتقول الكاتبة روزماري سوليغان، ان ستالين كان يحب ابنته، كما تحب القطة الفأر. وتبدأ روزماري سيرة الحياة المرعبة هذه بسؤال: "ماذا يعني ان تولدي ابنة لستالين؟"
غادرت ابنة ستالين الاتحاد السوفيتي من اجل تحقيق الحلم الامريكي، ولكنها لم تجد السعادة ابداً.
وتقول الكاتبة روزماري سوليغان، ان ستالين كان يحب ابنته، كما تحب القطة الفأر.
وتبدأ روزماري سيرة الحياة المرعبة هذه بسؤال: "ماذا يعني ان تولدي ابنة لستالين؟" وبعد 539 صفحة تالية، تقم سفيتلينا ستالينا الجواب.
ان كنتِ ابنة ستالين، "فانك ميتة منذ البداية وحياتك قد انتهت منذ البدء، ولا تقدرين عيش حياتك، ولا تقدري على عيش اي حياة اخرى، بل تعيشين على صلة باسم آخر".
ولكن سفيتلانا –التي غدا اسمها عند وفاتها في ويسكونسين ، لانا بيترز، وكانت قد عاشت حياة متعبة، بحيث انها كانت تدخل في معارك يومية مع شبح والدها.
وتجاربها، حتى قبل ان تصبح أشهر منشقة روسية في العالم.
الروسية ولدت سفيتلانا عام 1926، عندما كانت الثورة الروسية تجتاز مرحلة شبابها، وقد نشأت سفينلانا في ممرات الكرملين، وكان هناك العشرات من رجال الشرطة السرية، في المطبخ، في خزانات الاواني، وحتى في صفها، كان ستالين معبوداً من قبل البلاد كعبقري بين البشر، وقد احب ابنته، وقال خروشوف بعدئذ، "مثل قطة تحب الفأر".
وعندما بلغت سفيتلانا السادسة من عمرها، اقدمت والدتها ناديهدا على الانتحار، وبعد فترة وجيزة، تم إعدام خالها وخالاتها، في خلال حملة التطهير التي كانت مرحلة الخوف الفظيعة. ثم اختفى احد الاشقاء الاقرب اليها، وقتل آخر من قبل النازيين. وبقيت هي شيوعية حتى بلوغها الـ 16 من عمرها، وارسل ستالين حبها الاول – اليكسي كابلر (38 سنة)، الى غولاغ لمدة عشرة اعوام، ويتذكر كابلر سفيتلانا فتاة متوحدة تتوق للحرية، وهذه الجوانب من شخصيتها لم تتغير قط.
وتقول سفيتلانا، انه الجانب الآخر من حياتها بدأ عندما توفيت والدتها في عام 1932، ولكن حياتها لم تنشطر الى جزئين، وقد عاشتها كسلسلة لا تنتهي، بل تتكرر بشكل دوائر كئيبة.
وعندما بلغت سفيتلانا الـ 17 من عمرها تزوجت طالباً يدعى موروزوف، وتقول: "كان لطيفا، وكنت وحيدة، وكاني يحبني"، وكان موروزف يهودياً، وكان ستالين ضد السامية بشدة، وقد رفض مقابلته، والزواج الذي امتد ثلاثة اعوام، اثمر طفلاً، وكان الثاني، بعد زواج قصير من يوري زادانوف، ابن الشخص الذي كان اليد اليمنى لستالين – طفلة.
وهكذا كانت حياة سفيتلانا وعلاقاتها تبدأ بسرعة وتنتهي بالتحرر من الوهم، وتقول: ""حياتي كانت تدور حول شخص ما" ولكنها مع ذلك لم تحقق العلاقة الحميمة قط".
وكان أحد الذين احبتهم يهودياً وشاعراً اسمه ديفيد ساميلوف، وقد وصفها بقوله، "كانت عبدة لمشاعرها، وفي داخل كل عبد يوجد طاغية "وقال ساميلوف انه لم يتاثر قط بقسوة حياة شخص آخر، كما تاثر بسيفيتلانا، ولم يحس يوماً قط بالحاجة للهروب من شخص ما غيرها".
وعندما توفي ستالين عام 1953 وصفت سفيتلانا مشاعرها، "قلبي يتكسر بالاسى والحب".
وقد لامت نفسها، كما نفعل دائما، لانها لم تكن طفلة افضل.
وكان حزنها وحبها كان قد تلوث، على اي حال، بإدراكها ان "كل ما حدث ليس في اسرتنا فحسب بل في كافة ارجاء البلاد، يعود الى والدي، وكان رنين تردد اسمه يؤذي قلبها"، وبدأت تدعو نفسها سفيتلانا الليليويفا، وتحت هذا الاسم حاولت وفشلت في تشكيل حياة لنفسها في مرحلة حكم خروشوف لروسيا.
وكان "زوجها" الثالث – وكان لا يسمح لهن بالزواج – كان شيوعيا هنديا يدعى براجيش سينغ، الذي توفي بعد فترة قصيرة من التقائه بسفيتلانا ونثرت رماده في نهر الغانغ، وقد تركت سفيتلانا الاتحاد السوفيتي وهي في الـ 41 من عمرها، وكان ذلك للمرة الاولى، وقد فعلتها بشهور، دون ان تعود الى اطفالها، وقدمت نفسها الى السفارة الامريكية في نيودلهي وطلبت اللجوء. وكانت قد اخفت مسودة كتابها: "عشرون رسالة الى صديق" في جرّة، و"الرسائل العشرون" بيعت بمبلغ مليون ونصف مليون دولار.
وبعد دخولها العالم الحر، كانت ابنة ستالين تعيش الحلم الامريكي، مذهولة، مرتبكة بالنقود – ولم يكن لديها قط، حساب في البنك، وانفقت نقودها على أعمال حسنة، ووقعت على اي وثيقة توضع امامها.
وكالعادة، وقعت في الحب مرة اخرى، وهذه المرة مع ويسلي بيترز، وكان ويسلي بيترز عضوا في جماعة تدعى (تاليسين) تعيش في صحراء اريزونا تترأسها اولغيفانا، امرأة مخيفة مثل ستالين نفسه ولذلك دامت المحبة بين الاثنين ثلاثة اسابيع، وانتهى الزواج بعد 20 شهراً.
وكان نتيجة تلك الزيجة (اولغا)، ولدت وسفيتلانا في الـ 45 من عمرها.
ولم تجد سفيتلانا الحرية في أميركا، ولكنها تمرنت على استخدام نقودها، اضافة لى لقاءات لا تنتهي مع الصحافة، واضافة الى منعها من الاتصال باطفالها في روسيا، وفي عام 1984، عادت الى موسكو للالتقاء بابنائها، ولكن الزيارة كانت بمثابة كارثة، وعادت سفيتلانا الى أمريكا، وبقيت غريبة عن اطفالها طوال حياتها، تنتقل من مكان الى آخر وهي تتطلع خلفها، وقد انتقلت من مكانها 30 مرة في اعوامها الاخيرة.
وقد وجدت نفسها امرأة سلبية، ولكن هذه النظرة لم تكن لدى المحيطين بها.
ويقول المؤرخ روبرت توكر، "كانت سفيتلانا بشكل ما مثل والدها وكانت احيانا، سفيتلانا اميرة الكرملين، ولكنها كانت تختلف عن والدها في اسلوب حياتها، وبينما كان ستالين بلا مشاعر انسانية كانت سفيتلانا حساسة جداً على العكس منه، وكانت تسيطر على مشاعرها، وقد دمرت حياتها.
ومع كل ذلك فان الكاتبة روزماري سوليفان قدمت للقارئ صورة متوازنة رقيقة ولا تنسى ،صورة امرأة شجاعة ورائعة.
عن: الديلي تليغراف