TOP

جريدة المدى > سينما > حبي لأورسن ويلز

حبي لأورسن ويلز

نشر في: 25 يونيو, 2015: 12:01 ص

 كيف أتعامل مع الفشل ؟ اتعامل مع الفشل بأسوأ صورة ، بمرارة ، بشكل مهين ، وبدموع صبية . ذات مرّة ، شاهدت مقابلة مدتها ثلاث ساعات مع أورسن ويلز على قناة البي بي سي ، ولو كان مقدّرا الشغف برجل من رؤيته على التلفزيون ، فإن مستر ولز استولى على حبي من

 كيف أتعامل مع الفشل ؟ اتعامل مع الفشل بأسوأ صورة ، بمرارة ، بشكل مهين ، وبدموع صبية . ذات مرّة ، شاهدت مقابلة مدتها ثلاث ساعات مع أورسن ويلز على قناة البي بي سي ، ولو كان مقدّرا الشغف برجل من رؤيته على التلفزيون ، فإن مستر ولز استولى على حبي منذ ذلك الحين .

 

لويلز أسباب شتى تجعله لاذعا بشأن نكسات الحياة ، وخاصة أن براعته الفائقة ، التي لا تقبل الشك ، كصانع أفلام لم تمنع هوليوود من معاملته مثل وباء . وبعد سنوات من الاستجداء للمساعدة في تمويل مشاريع افلامه ــ جميعها غير مرغوب بها من الاستوديوهات ، وجميعها أُعترِف بها كجواهر رائعة ــ كان عليه في النهاية التعويل على الظهور في دعايات تجارية تلفزيونية ، عن النبيذ والشيري الاسباني ، لدعم آخر أفلامه.
أثناء المقابلة كان ويلز فطنا ، آسرا ، متواضعا ، حيويا ، متوهجا . من دون تجهم أو مرارة تبدو على جسده الضخم ، كان عملاقا متألق العينين ، ساحرا على نحو مغوِ ، ولاحتى خرب جزئيا من عبء العديد من النكسات والإهانات . مهنة الأفلام قادرة على دفع أي شخص الى حافة الجنون التام ــ كلما كنت مجنونا أكثر ، كلما كنت موهوبا بغرابة اكثر ، قصة أورسن ويلز توضّح بشكل حي بانها تتطلب شخصا واثقا من نفسه على نحو عاقد العزم كي يتلقى الفشل بشكل مشرّف . لا أمل بذلك للكثير منا ، وبلا شك لي .
نظرة سريعة الى تاريخ حائزي جوائز الاوسكار والمرشحين لها تبرز أن الكثير من الأفلام الرائعة كانت أُهملت من الترشيحات النهائية ، مع أن إنتاجات أقل قيمة تحصد بشكل منتظم قبولا حماسيا . منذ 1950 ، ولا أي من الأفلام التالية كانت حتى مرشحة لجائزة أفضل فلم : " شمال في شمال غرب " ؛ " البعض يحبها ساخنة " ؛ " فرتيغو " ؛ " الباحثان : حين التقى هاري وسالي " ؛ " عدّاء السيف : كول هاند لوك " ؛ " 2001 : اوديسا الفضاء " ؛ " يوم مرموط الخمائل " ؛ " لقاءات قريبة من النوع الثالث " .
بالطبع ، قد لا تتفق أن بعضا من هذه الأفلام هي متميزة بوجه خاص . برغم ذلك ، قائمة الأفلام المرشحة للاوسكار لأكثر من ستين سنة مضت يمكن أن تجعل أكثر الناس رواقية يجهش بالبكاء . هُزِم مستر ويلز ، باوسكار عن فلم " سيتزن كين " في عام 1942 ، امام فلم " كم كان أخضرا واديّ " . لكنه كان حقا عقابا قاسيا لمراسم الاوسكار ، التي تمنحنا بهجة مغثية كل عام ، أن تجعل لمرّات عديدة أفلاما عديمة القيمة مثل " أعظم إستعراض على الأرض " تهزم تحفا فنية مثل " هاي نون " في جائزة أفضل فلم .
من المحزن أنه ، في السينما كما في الحياة ، كونك الأفضل لا يكون بالضرورة سبيلا للنجاح . قبل سنوات مضت اشترينا شركة أبحاث أميركية كبيرة ، كان مجال اختصاصها العمل لسبعة أو ثمانية استوديوهات هوليوودية كبرى ، تجري اختبارا أوليا لأفلامها . كان الرجل الذي يدير هذا العمل يُعَد غورو [ معلم روحي ] كامل القدرة وسط جماعة السينما ، وتقدّم شركته فلمك على شاشة قاعة قبل عرضه على الجمهور ، ولها جمهور يسجّل نقاطا قبل مغادرته القاعة . إنهم يؤشرون بعلامة على الفلم : أ- ممتع بالكامل ؛ ب- مسلٍ الى حد بعيد ؛ ج- ممل الى حد ما ، الى آخره ؛ وكذلك ، أ- سوف يشاهَد ثانية ؛ ب- سوف ينصَح بمشاهدته ؛ ج- سوف لا ينصَح بمشاهدته ، الى آخره .
يتم تقييم كل ممثل بدرجة ، وغالبا ما يجرّبون نهايات مختلفة ، كي يروا أي الأداءات يمكن أن تُقطَع ، وأي نهاية لها الأفضلية . يمكن للاستوديوهات عندئذ تحديد أي الأفلام تستحق الدعم بميزانية تسويق كبيرة ، وأي منها يجب التخلي عنها .
اعتقدت ان اللقاء مع صاحبنا الغورو الذي يدير هذه الشركة سيضيء لي غوامض الموضوع ، وأكتشف القليل حول كيفية عمل هذه الإختبارات . المرمى الأساسي من سؤالي له كان : لو كانت كل الاستوديوهات تنتج 20 فلما في السنة ، لكن ثلاثة منها تحقق أرباحا كبيرة ، وخمسة لابأس بها ، والأخرى إخفاقات مالية ، ما هي القاعدة العامة التي يقدمها بحثه ؟ نجاح ثلاثة أفلام من عشرين ، لايبدو أثرا باهرا لمنافع الإختبار الأولي .
شرح لي شيئا واحدا بوضوح شديد . (( كل قاعة مولتيبلكس [ دار سينما بشاشات منفصلة متعددة ] لها شاشات مخصصة لكل ستوديو . هذه الشاشات تحتاج أن تُملأ ، وعلى الاستوديوهات أن تصنع منتجا يملأ شاشاتها ، وكمية المنتج الجيد محددة . لذا عليك المضي بصنع أفلام حتى لو لم تكن هناك حماسة كبيرة للمشروع ، في سبيل حماية قاعتك في تخصيص الشاشات لإتاحة المجال للاستوديو المنافس . ))
ربما سيبدو طيشا مني ان اكرر ما اكتشفته من أمور اخرى حول درجة النجاح المغمّة التي تنجزها هوليوود . لكني ، على الأقل ، أعرف الآن الجواب عن سؤال كان غالبا ما يلتبس عليّ حين أشاهد فلما رديئا ــ كيف امكنهم ن يصنعوا فلما مثل هذا ؟

* من قائمة تشارلز ساتشي لأكثر من 100 فلم كان يجب أن ترشح لجوائز الاوسكار كأفضل فلم .

عن: صحيفة الغارديان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram