منذ ثلاثة أيام وجّه المكتب التنفيذي للتيار الديمقراطي العراقي والهيئة السياسية العليا للتحالف المدني الديمقراطي، مذكرة إلى الرئاسات الأربع (البرلمان والجمهورية والحكومة والقضاء) في مناسبة الذكرى السنوية الأولى لكارثة احتلال الموصل، وهو الحدث الذي فتح أبواب جهنم علينا جميعاً.
المذكرة رأت أن الأسباب الموضوعية للكارثة تكمن في تطبيقات نظامنا السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والقومية التي أضعفت فرص تأسيس دولة مواطنة قوية قائمة على المبادئ الدستورية وحكم القانون.
بعد عرض دقيق للّوحة التي تشكلت منذ يوم احتلال الموصل وازدحمت بتفاصيل "الآلام والفظاعات الكبرى الناتجة عن هذا الغزو البربري (التي) تشير الى ارتكاب جرائم بحق كل العراقيين، على اختلاف قومياتهم وطوائفهم، وترتقي إلى مصاف جرائم إبادة ضد الإنسانية"، خلصت المذكرة الى أن "تقويم الأحداث الموجعة خلال عام يوضح بجلاء معالم الانتكاسة التي زعزعت هيبة الدولة، وثلمت سيادتها على أراضيها، وخلّفت في الجسد العراقي جروحاً عميقة".
المذكرة اقترحت خريطة طريق للخروج من المأزق الوطني الراهن ومكافحة الارهاب، تقوم على: - التعبئة العامة بجوانبها السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والإعلامية على وفق رؤية وطنية، وتوحيد الخطاب السياسي وإيقاف مسلسل الرسائل الدالة على الإحباط والتشكيك والتخوين.
- أن يكون الجيش والقوات الأمنية هما القيادة القتالية الوطنية الرئيسية للتصدي للإرهاب ومحاربة داعش.
- تكييف قانون الحرس الوطني بما يتماهى مع مبادئ الدستور وعلى أساس التطوع الذاتي لأبناء المحافظات للدفاع عن المدن بإشراف الدولة.
- التوظيف الحكيم للدعم الإقليمي والدولي، دون الوقوع في سياسة المحاور.
- عدم فصل المعركة ضد الإرهاب عن المعركة من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان واستئصال الفساد بالوسائل القانونية.
- معالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة والسياسات الاقتصادية للحكومة، ولكن ليس على حساب الفئات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والمحدود .
- تحديد المسؤولية، السياسية والعسكرية، لكارثة سقوط الموصل والمدن الأخرى وجريمة سبايكر وسواها وكشف نتائج التحقيق للرأي العام.
- تقديم مبادرات عاجلة للوصول إلى مصالحة وطنية حقيقية باتخاذ حزمة من الإجراءات من أهمها: إقرار قانون العفو العام وفق ضوابط قانونية دقيقة، وتعويض المتضررين من ضحايا الإرهاب والعمليات العسكرية بشكل عام، والنازحين بشكل خاص، وتعديل قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب وفق السياقات الدستورية، وحسم ملفات المعتقلين والمحتجزين وإطلاق سراح من يبرئ القضاء ساحته.
- حل المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان وفق الدستور.
- الادراك بأن الحكم في العراق ليس حكراً على من حصل على أكثرية المقاعد النيابية، بل ينبغي أن يوسّع الى الكتل الفاعلة الأخرى من أجل المشاركة الحقيقية في إدارة الشأن العام على قدم المساواة دون إقصاء أو تهميش.
كلام سليم يشخّص بدقة طبيعة المأزق ويضع الحلول الصحيحة، لكنّ فيه عيباً خطيراً للغاية.. إنه أشبه بنفخ في قربة مثقوبة برصاص بندقية رشاشة.
هذا الكلام الجميل الذي قيل كثيراً من قبل، لا أحد ممن يعنيهم الأمر في الطبقة السياسية المتنفذة سيهتم به، بل إنهم لا يرغبون في سماعه أو قراءته، لأن ما فيه يتعارض تماماً مع مصالحهم الشخصية والحزبية والطائفية.. الوضع القائم هو من صنع المعنيين بهذا الكلام.. بعد سنة وأكثر من الآن سنجد أن الكلام أعلاه صالح للإعادة.
كلام من هذا النوع لم يعد مُجدياً.. المُجدي مخاطبة الناس والعمل معهم لتحقيق التغيير المطلوب.. الطبقة السياسية المتنفذة لا تجد ما يرغمها على التغيير، فلماذا تستمع الى كلام التيار الديمقراطي والتحالف المدني؟
كلام سليم .. ولكن!
[post-views]
نشر في: 24 يونيو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
فرات
هذا لا يعني أن على التيار الديمقراطي أن يصمت بحجة ان ما يقوله سوف لن يسمع من قبل الأحزاب الحاكمةبل على العكس عليه ان يثبت رئيه دائما في ما يحدث في العراق كي لا يقال أن السكوت من الرضى