عبّرت "المدى" منذ تشكيل حكومة الدكتور حيدر العبادي، عن تطلّعها إلى تجاوز محنة العراق التي باتت كما لو انها قدر العراقيين. وكانت تعبيرات "المدى" عن هذا التطلع أقرب ما تكون، دون اعلان صريح، الى "التشاؤل" المحكوم بمظاهر خطيرة سلبية تسود كل ميدانٍ حيوي وغير حيوي.
وعلى مدى الاشهر التي مضت على تشكيل حكومة "الاصلاح والتغيير"، ظل الامل يراودنا ونحن نتابع بقلق ما يدور في البلاد وما يتربص بها من مخاطر وتحديات، متمسكين بأذيال الصبر الحكيم، بالاعتماد على الوعود والتأكيدات الجازمة لرئيس مجلس الوزراء في النهوض بعملية الاصلاح وتحمل تبعات ما يتطلبه ذلك، حتى وإن أدى الى "التضحية بحياته".!
وقد كان ما كان، من دورة جديدة لحياة سياسية متآكلة، الابرز فيها التعثر والتلكؤ، وسوء الادارة، ومظاهر التراجع والنكوص سوى ما يُساق من وعودٍ بان ما هو قائم لن يظلّ على حاله.
لكن الحال القائمة لا تنبئ بغير ما كانت عليه، فالأزمة السياسية ظلت تشتد وتمتد لتطغى على المشهد العراقي بكل تفاصيله.
وهي تظل تتفاعل مع استمرار تدهور الاوضاع الامنية، ليس بمعزل عن عدم معالجة الاسباب التي كانت في اساس تفاقمها، وتتعمق مع التصدع والتآكل الذي تعاني منه العملية السياسية، في غيابٍ لمصالحة وطنية مجتمعية حقيقية تعيد الاعتبار للمواطنة وللعدالة الاجتماعية والمساواة، وتكرس ما هو اساسٌ لدولة المؤسسات والقانون وحقوق الانسان.
وتستكمل الازمة مظهرها السائد بالتخبط المالي والعجز الذي تعاني منه الموازنة الحكومية، والتراجع الشامل في عمليات الاعمار والاستثمار وتكبيل المحافظات بما تعانيه من خلو صناديقها من استحقاقاتها المالية الاستثمارية من موازنة الدولة، مما يضعها في مواجهة اضطراباتٍ واحتجاجاتٍ شعبية مطالبة بالحدود الدنيا من متطلبات الحياة المعيشية التي تليق بالبشر، ناهيكم عن حياة في بلد يعوم على ثروة يبددها الفساد ويعبث بها شُذاذ الآفاق..
عند حدود ما كان، لا تتوقف التساؤلات الممضة.
فالاصلاح "الأُمنية"، كإمكانية، بات مهدداً بالتراجع الى تخوم "التشاؤل"، بعد ان أُعيدت تدابير وقراراتٍ حكومية كانت في اساس الاطاحة بولاية "ما ننطيها". وليس اقل تلك القرارات اهمية في ازاحة الامكانية التي بُنيَت على قاعدتها تطلعات الاصلاح، العودة الى قرارات "التعيين بالوكالة"، وتدوير عوامل "أزمة المصالحة الوطنية" ليبقى من آثارها الماضية مجرد الشعارات التي تلوكها الالسن التي تفتقر الى فهم معانيها وجوهرها. واخطر من كل ذلك، الحدود التي رسمت لمواجهة داعش، وعقابيلها المنفلتة التي تعيث فساداً وخراباً وجريمة في ارجاء العراق المدمى، والادوات التي سُميّت لالحاق الهزيمة بها، وهي حدودٌ قاصرة، مموهة وأدواتٍ تقتصر على السلاح واثارة الهمم، دون خلق البيئة الوطنية الشعبية وما تتطلبها من ستراتيجية، شخصها السيد العبادي في اول اطلالة له عبر جريدة "المدى"، تتحدد فيها الاولويات على الصُعد السياسية والعسكرية والاقتصادية والقانونية، وطائفة الاصلاحات التي شملت كل ميادين الدولة والمجتمع.
أطل رئيس مجلس الوزراء أمس من منبرٍ، يُذكر الاعلاميين بالخراب الذي حلّ بالبلاد، ومظاهر الفساد التي تتحكم بمفاصلها، وتجعل اليأس "شارة" للعراقيين الذين ابتلوا باغتصاب ارادتهم على غفلة منهم، بتصدر المشهد السياسيي والاعلامي، ليبدو للعراقيين كما لو ان عدي صدام حسين وازلامه هم الذين يقودون الحملة الوطنية ضد داعش..!
وماذا يبقى من صبرٍ على استمرار الانحدار والفساد الذي بات عنواناً يفرض حضوره علينا اينما توجهنا او حللنا..؟
يا له من وضعٍ لا يمنحنا الصبر حتى على "تشاؤلنا"، لعل في تجاوزه الى "امكانية" الحديث، مجرد الحديث عن الاصلاح والتغيير، ولو فسحة لا تزيد سعتها عن "خرم ابرة"....
زمن الهزائم، ومركب الإصلاح المأزوم...!
[post-views]
نشر في: 27 يونيو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
خليلو...
التشاؤل اشتقاق لغوي ذكي صيغ مما ورد في سورة الكهف وهي فيها ذات دلالة على مدلول لا يجهلها كثيرون ولكن تلك الدالة في متنها الأصل فقدت مدلولها لكثرة توضيفها في معنى التأميل فما عادت الا لتفيد المماطلة والتأييس فلو قال قائل معاصر وهو يؤمل صاحبه بأمرفهم منه
خليلو...
لكثرة توظيفها لا توضيفها الخطأ راجع الى موااقع الحروف في my ipad ........لقد تأخر التصويب !!!!