TOP

جريدة المدى > عام > فصول من كتاب.."عــالــم إيــزابيـــل أللينـــدي السحـــري" | 3 |

فصول من كتاب.."عــالــم إيــزابيـــل أللينـــدي السحـــري" | 3 |

نشر في: 29 يونيو, 2015: 12:01 ص

تقول ماري أوليفر(شاعرة أمريكية – م) في إحدى قصائدها، "قل لي، ما الذي تخطط لعمله في حياتك الجامحة والثمينة؟" بالنسبة لي، أنا أنوي العيش بعاطفة متقدة وحماسة. متى تبدأ الشيخوخة؟ المجتمع هو الذي يقرر متى نبدأ نكبر، عادة في حوالي سن الخامسة والستين

تقول ماري أوليفر(شاعرة أمريكية – م) في إحدى قصائدها، "قل لي، ما الذي تخطط لعمله في حياتك الجامحة والثمينة؟" بالنسبة لي، أنا أنوي العيش بعاطفة متقدة وحماسة. متى تبدأ الشيخوخة؟ المجتمع هو الذي يقرر متى نبدأ نكبر، عادة في حوالي سن الخامسة والستين ، عندما نبدأ بتلقي العناية الطبية، ولكن في الحقيقة نحن نبدأ نكبر منذ الولادة. نحن نتقدم في العمر الآن، و جميعنا يمر بهذه التجربة بشكل مختلف. نشعر بأننا أصغر سناً من عمرنا الحقيقي، لأن الروح لا تكبر أبدا. أنا اشعر بأني ما زلت في السابعة عشرة من العمر.

 

ماذا فقدت في العقود الماضية؟ فقدت اناسا ، بطبيعة الحال، واماكن، وطاقة لا حدود لها من شبابي، و بدأت افقد استقلاليتي، وهذا الامر يخيفني. يقول رام داس (عالم روحي امريكي ومؤلف العديد من الكتب – م)بعد اصابته بجلطة دماغية شديدة، إن الاعتماد على الآخرين يؤلم ، ولكن إذا كنت تتقبله، فستكون هناك معاناة أقل. ، روحه التي لا تكبر تراقب التغيرات في جسمه بكل حنو، وهو ممتنّ للناس الذين ساعدوه.
ما الذي ربحته؟ الحرية: لست مجبرة على إثبات أي شيء اطلاقا. ولست عالقة بفكرة ما الذي كنته، وما الذي أريد أن أكونه، أو ما الذي يتوقعه الناس الآخرون مني أن أكونه.. انا مستمرة في الاستمتاع بما لا يزال عندي من اشياء . قد يكون جسدي قد بدأ يضعف ، ولكن عقلي لم يضعف بعد ،. أنا أحب عقلي. أشعر بأنني أخف وزنا. انا لا أحمل احقادا ، ولا مطامع، ولست مغرورة، ولا عندي أياً من الخطايا المميتة التي لا تستحق العناء. انه لشيء رائع أن نتركها. وكان علي البدء بذلك في وقت مبكر. . لقد ازددت احساسا بالروحانية. وأنا أدرك ، ان الموت كان يسكن من قبل في حيّنا .أما الآن، فهو في البيت المجاور ، أو في بيتي. انا أحاول أن أعيش متيقظة وحاضرة في اللحظة التي اعيشها. بالمناسبة، لقد عاش الدالاي لاما سنوات طويلة و كبر بشكل جميل ، ولكن من ذاك الذي يريد أن يكون مثله نباتياً وعازباً متعففاً؟ 
فكيف يمكنني البقاء متحمسة ؟ لا أستطيع أن أرغم نفسي على ان اكون متحمسة وقد تجاوزت السبعين من العمر ، لقد تدربت لبعض الوقت على ذلك،. كيف يمكنني ان اتدرب ؟ أتدرب بالقول نعم لكل ما يأتي في طريقي: الدراما، الكوميديا، المأساة، والحب، والموت، والخسائر. نعم للحياة. وأتدرب من خلال محاولتي البقاء في حالة حب. ورغم أن هذا لا ينجح دائما، ولكن لا يمكنكم لومي لاني حاولت .
تصلني الكثير من الرسائل ، من قراء واكاديميين وباحثين وصحفيين تتعلق باعمالي، والحقيقة ان من المستحيل الاجابة عن جميع تلك الرسائل،لذلك قررت تجميعها والاجابة عنها:
س: أصبحت مشهورة بكتابة الرواية ، ولكن هل انت مهتمة باستكشاف انواع اخرى من الكتابة ؟
ج. كتبت في شبابي المسرحيات، وقد أحببتها. كما أنني حاولت ايضا كتابة قصص الأطفال عندما كان أبنائي صغارا. كنت احكي لهم قصصا كل ليلة، وكان ذلك تمرينا رائعا و قد بقيت محافظة عليه. في عام 2001، ، كتبت (مدينة الوحوش)، روايتي الأولى للأطفال والشباب. كتبت مواضيع ساخرة لسنوات، وأعتقد أن الادب الساخر هو النوع الأصعب على الإطلاق. لم احاول أبدا كتابة الشعر و لا أعتقد أنني سافعل.
س. هل تكتبين باللغة الإسبانية؟
. ج : لا استطيع ان اكتب الرواية إلا باللغة الإسبانية فقط، لأنها بالنسبة لي عملية اساسية ومهمة جدا الى الحد الذي لا أتمكن من القيام به إلا في لغتي الأم. لحسن الحظ، لدي مترجمون ممتازون في جميع أنحاء العالم.
س: هل تستطيعين ان تشرحي لنا بتفصيل اكثر كيف تنشأ فكرة كتابة الرواية ،من خلال سرد الحقائق، ام سرد الاكاذيب، او من الكشف عن بعض الوقائع؟ وهل يمكنك أيضا الحديث عن كيف أن هذه الأفكار قد تعمل معا أو يعمل بعضها ضد البعض الآخر؟
الكذبة الأولى في الرواية هو أن المؤلف يضفي نوعا من الترتيب على فوضى الحياة: سواء كان الترتيب الزمني، أو أي ترتيب يختاره المؤلف. وككاتب، يمكنك اختيار بعض الاجزاء من الكل. عليك أن تقرر أن تلك الأشياء مهمة والباقي لا. وتكتب عن تلك الأشياء من وجهة نظرك. الحياة ليست بهذه الطريقة. كل شيء يحدث في وقت واحد، بطريقة فوضوية، وليس لك الخيار. أنت لست رب العمل. الحياة هي رب العمل. و عندما تؤمن ككاتب أن الرواية هي ان تكذب، حينها تصبح حرا. ويمكنك أن تفعل أي شيء. ثم تبدأ في السير في حلقة . وكلما كبر حجم الدائرة، اتسع مقدار الحقيقة الذي يمكن أن تحصل عليه. كلما اتسع الأفق اتسع مجال سيرك وكلما اكثرت من التأني في كل شيء، كان لديك فرصة أفضل لاكتشاف جزيئات من الحقيقة.
س. من أين يأتيك الالهام؟
ج. أنا مستمعة جيدة واصطاد الحكايات. كل شخص لديه قصة وجميع القصص مثيرة للاهتمام إذا ما قيلت بالطريقة الصحيحة. عندما أقرأ الصحف،يمكن لقصة صغيرة مدفونة داخل صفحة ما أن تكون مصدر إلهام لكتابة رواية.
س:كيف يتحقق الإلهام؟
ج. اقضي عشر أواثنتي عشرة ساعة في اليوم وحدي في غرفة المكتب. لا أتحدث مع احد. ولا اجيب عن الهاتف. فاصبح مجرد وسيلة أو أداة لشيء ما يحدث خارج عن ارادتي،لأصوات تتحدث من خلالي. اخلق عالما من الخيال ولكنه لا ينتمي لي. أنا لست الله. أنا مجرد أداة. وخلال تلك الممارسة اليومية الطويلة من الكتابة، اكتشف الكثير عن نفسي وعن الحياة.لقد تعلمت أنني لا أعي ما أكتب. انها عملية عجيبة فانت بفعل هذا الكذب الموجود في الرواية تكتشف أشياء صغيرة تكون حقيقية عن نفسك، وعن الحياة، وعن الناس، و عن كيف يعمل العالم.
س. وهل يمكنك الحديث عن شخصيات أعمالك؟
ج. عندما أخلق شخصية فإنني عادة ما ابحث عن الشخص الذي يمكن أن يفي بالغرض كنموذج. فإذا كان في بالي هذا الشخص ، يكون من الأسهل بالنسبة لي خلق شخصيات واقعية. شخصيات الافراد مركبة ومعقدة، فهم نادرا ما يظهرون جميع جوانب شخصياتهم. وشخصيات الرواية يجب أن تكون بهذه الطريقة أيضا.
إنني افسح المجال للشخصية ان تعيش حياتها الخاصة في الكتاب. وغالبا ما يكون عندي شعور بأنني لا اسيطر عليها. تسير القصة في اتجاهات غير متوقعة ووظيفتي هي أن ادون تلك المسارات، وليس لإرغامها على السير وفق أفكاري المسبقة.
س. هل تكتبين على الكمبيوتر؟
ج: أنا اكتب الملاحظات طوال الوقت. لدي دفتر ملاحظات في حقيبتي وعندما أرى أو أسمع شيئا مثيرا للاهتمام، اكتب ملاحظة عنه.اقتطع قصاصات من الصحف واكتب ملاحظات حول الأخبار التي أسمعها من شاشة التلفزيون. أكتب الملاحظات على القصص التي يرويها الناس لي. عندما أبدأ كتابا اخرج جميع هذه الملاحظات لأنها تحفزني. أكتب مباشرة على جهاز الكمبيوتر الخاص بي بدون استخدام أي مخطط،اتبع غريزتي فقط. وحالما تكون القصة على الشاشة، اطبعها للمرة الأولى واقوم بقراءتها. حينها أعرف موضوع الكتاب. المسودة الثانية تعالج مسائل اللغة، وتصاعد الاحداث، والاسلوب، والإيقاع.
س. كيف تكتبين نهاية جيدة للقصة؟
ج. أنا لا أعرف. فالامر يختلف في القصة القصيرة عنه في الرواية. القصة القصيرة تأتي بأكملها. هناك نهاية مناسبة واحدة فقط. وأنت تعرفها، و تشعر بها. وإذا كنت لا تتمكن أن تجد النهاية، عندها لن تكون لديك قصة. ولن يكون مجديا العمل فيها بعد الآن. بالنسبة لي فان القصة القصيرة هي مثل السهم. فلا بد أن يكون توجيهه صحيحا من البداية، وعليك أن تعرف بالضبط أين تصوب. مع الرواية انت لا تعلم أبدا. انها عمل يومي دؤوب ، مثل تطريز نسيج بالعديد من الألوان. انت تسير ببطء، لديك نموذج في بالك. ولكن وبشكل مفاجئ تدرك أنه شيء آخر. انها تجربة رائعة جدا لأن لها حياتها الخاصة بها. في القصة القصيرة لديك كل عناصر التحكم. ومع ذلك، هناك عدد قليل جدا من القصص القصيرة الجيدة. وهناك العديد من الروايات التي لا تنسى. في القصة القصيرة، ماهو أكثر أهمية هو كيف تقول وليس ماذا تقول. الشكل مهم جدا. في الرواية يمكنك ارتكاب الأخطاء وسوف لن يلاحظها إلا عدد قليل جدا من الناس. النهايات السعيدة عادة لا تعمل معي. أنا أحب النهايات المفتوحة. وأنا اثق بخيال القارئ.
س. من هم الكتّاب الذين أثّروا فيك أكثـر؟
ج. أنا أنتمي إلى الجيل الأول من الكتّاب في أمريكا اللاتينية الذين تربوا على قراءة كتاب أمريكا اللاتينية الآخرين. قبل ظهوري لم تكن أعمال كتاب أمريكا اللاتينية منتشرة بشكل جيد، حتى في قارتنا. ففي تشيلي كان من الصعب جدا قراءة اعمال كتاب آخرين من أمريكا اللاتينية. والتأثير الاكبر شكله جميع الكتاب العظام في فترة ازدهار ادب أمريكا اللاتينية (اعوام الستينات والسبعينات من القرن العشرين- م ): غارسيا ماركيز، فارغاس يوسا، كورتازار، بورخيس، باز، رولفو، أمادو، الخ
كما تأثرتُ بالعديد من الروائيين الروس: دوستويفسكي، تولستوي، تشيخوف، نابوكوف، غوغول، وبولغاروف. وكان للكتاب الإنجليز تأثير كبير خلال سنيّ مراهقتي مثل السير والتر سكوت، جين أوستن، والأخوات برونتي، تشارلز ديكنز، برنارد شو، أوسكار وايلد، جيمس جويس، ه.د. لورانس، وفرجينيا وولف. كنت احب الروايات البوليسية فقرأت كل اعمال اجاثا كريستي وارثر كونان دويل. هناك أيضا بعض المؤلفين الأمريكيين الذين حازت اعمالهم المترجمة الى اللغة الإسبانية شعبية كبيرة، مثل مارك توين، جاك لندن، و. سكوت فيتزجيرالد، وغيرهم الكثير. أتذكر الانطباع الدائم الذي تركته عندي رواية هاربر (ان تقتل طائرا بريئا). كنت اعيد قراءة هذا الكتاب كل عشر سنوات تقريبا. تعلمت من هذه الكتب معنى الحبكة والشخصيات القوية.
اكتشفت الخيال والإثارة الجنسية في( ألف ليلة وليلة)، التي قرأتها في لبنان وكنت حينها في سن الرابعة عشرة. في ذلك الوقت وذلك المكان، لم يكن لدى الفتيات الكثير من الحياة الاجتماعية عدا المدرسة والأسرة؛ لم نكن نذهب حتى الى السينما. كانت القراءة وسيلتي الوحيدة للهروب من الحياة الأسرية المزعجة. كان زوج أمي يملك أربعة مجلدات جلدية غامضة في خزانته المقفلة، وكانت تحوي كتبا لم يكن من المفترض أن نراها لأنها كانت ممنوعة فقد كانت "جنسية". وبالطبع فقد وجدت طريقة لنسخ المفتاح وفتحت الخزانة عندما كان في الخارج. استخدمت مصباحا، ولم اتمكن من تمييز الصفحات، وقرأتها بسرعة، وكنت اتخطى الصفحات بحثا عن الاجزاء المثيرة ، كانت هرموناتي قد استعرت وخيالي اصبح جامحا مع تلك الحكايات الرائعة. عندما يصفني بعض النقاد بانني شهرزاد أمريكا اللاتينية فان ذلك يجعلني اشعر بالفخر !
وكانت قراءتي ادبيات الحركة النسوية في اميركا واوربا حينما كنت في العشرينات من عمري قد زودتني بلغة بليغة للتعبير عن الغضب الذي كنت اشعربه ضد النظام الأبوي الذي كنا نعيش فيه جميعا. بدأت العمل في مجلة (باولا)، وهي مجلة نسوية تشيلية، وشحذت أفكاري وقلمي في شق عصا الطاعة للهيمنة الذكورية.و كانت تلك الاوقات هي الاروع في حياتي.
لطالما أحببت الأفلام السينمائية، وأحيانا كانت صورة ما أو مشهد أو شخصية تمكث معي لسنوات، وتلهمني عندما أكتب. على سبيل المثال: السحر في فيلم ( فاني والكسندر) أو القصة داخل القصة في فلم(شكسبير عاشقا).
س. ما ذا يحدث عندما تبدئين بكتابة رواية؟
ج. عندما أبدأ أكون في حالة سكون تام. ليس لدي أدنى فكرة الى اين ستسير القصة أو ما الذي سيحدث أو لماذا أكتب ذلك. ما أعرفه فقط - وبطريقة لا أستطيع حتى فهمها في ذلك الوقت - أنني ارتبطت بتلك القصة. و اخترت تلك القصة لأنها كانت مهمة بالنسبة لي في الماضي و ستكون كذلك في المستقبل.
س. هل تقومين بالكثير من الحذف؟
ج. قوم بحذف للغة الرواية او طولها ،نعم، ولكن ليس للحبكة. القصة أو الشخصيات لها حياتها الخاصة بها.والتي لا يمكنني التحكم بها. أنا ارغب أن تكون شخصيات العمل سعيدة، أن تتزوج، وان تحصل على الكثير من الأطفال و(عاشوا عيشة سعيدة)كما تقول نهايات القصص،و لكن ذلك لم يحدث أبدا ،.و كما قلت من قبل، فان النهايات السعيدة لا تناسبني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

فيلم
عام

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

ترجمة: عدوية الهلالييعرض حاليا في دور السينما الفرنسية فيلم "الجدار الرابع" للمخرج ديفيد أولهوفن والمقتبس من الكتاب الجميل للصحفي والكاتب سورج شالاندون - والذي يجمع بين حب المسرح والعيش في مناطق الحرب في لبنان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram