حسين علاوييؤكد اكثر من ناقد ان جبرا ابراهيم جبرا شخصية غير ملتزمة ايديولوجياً.. الا انه يرفض الفردية.. ويميل الى التمرد وحب الحرية، وجبرا يقيس جدارة الكاتب بانسانيته وغزارة ابتكاره وابداعه وكونيته معاً..
وقد ترجم لشكسبير ست مسرحيات هي: هاملت، والملك لير، وكريولانس، وعطيل، والعاصفة، ومكبث. اضافة الى كتاب جانيت ديلون”شكسبير والانسان المستوحد “.. وقد أحب جبرا هذه المسرحيات وعدها رئته الاخرى التي يتنفس بها.. وعدها جزءاً من صوره وهواجسه.. وعد خصائص الشعر الدرامي فيها وما تحتويه من عناصر فنية مركبة.. تجسيداً لإحساس الشاعر بمأساوية الحياة وصراع الخير والشر الذي يزداد مع ازدياد تقدم الانسان ونضجه العقلي والفكري.. ويرى:”ان الاهتمام المفرط بالمصلحة الشخصية الخاصة.. يفسد دوماً المصلحة العامة.. اما الاهتمام المعتدل المناسب فيبقى الاثنين .. “. (1).وينقل عن شكسبير المراحل الاخيرة لسقوط ريتشارد الثالث، فيقول:هل من قاتل هنا..؟ لا.. نعم، انا..اذن اهرب..! أمن نفسي..؟ والسبب..لئلا انتقم، ماذا، أبنفسي من نفسي..؟وا أسفاه، اني أحب نفسي.. لماذا..؟ألأي خبرٍ جاءت به نفسي الى نفسي..؟آه، لا.. واحسرتاه..! إني أكره نفسيلأفعال مقيتة اقترفها بنفسي..!لسوف أيأس، ما من مخلوق يحبني..واذا متُّ فلم يرحمني أحد!ولماذا يرحموني وانا نفسيلا أجد في نفسي رحمة على نفسي..! (2)ويعلق جبرا على مسرحية”مكبث “ بالقول: انها أعمق رؤية للشر وأنضجها عند شكسبير.. وبالامكان ايجاز المسرحية كلها بأنها صراع الهدم.. فمكبث لا يشك مطلقاً في الفرق بين الخير والشر.. ولا الليدي مكبث، حتى في ما تقوله عندما تختار الشر عامدة كواسطة لتحقيق الخير الذي هو التاج.. (3).ويرى ان هذه الأبيات ملائمة ومجسدة لـ”مكبث “:وهذه الابيات مأخوذة من مسرحية اوديب، ليسنيين.. فيقول: من يلعب دور الطاغية العاتي،ويضرب الاناس الابرياء، يخفكل الذين يخافونه..وهكذا يحط الخوف أولاًعلى المسبب الاول: نعمالانتقام اخيراً من الوالغ في الدم..(4).لأن الملك الصالح بعد حكم سعيد شهير يموت في سلام.. مبكياً من رعاياه.. وموضع الاعجاب من جيرانه.. وهو اذ يخلّف وراءه سمعة محترمة في الارض.. ويحظى بتاج السعادة الابدية في السماء..وعن الاحلام المريعة التي تقض مضجع مكبث وزوجته بعد قتل دنكن.. يستشهد جبرا بقول الناقد بلوتارك.. فيقول:ان الشر اذا يولد في داخله.. والسخط والعقاب.. لا بعد ارتكاب الجريمة.. بل حتى في لحظة ارتكابه، يبدأ بمقاساة الالم بسبب الجرم.. في حين ان الشر المؤذي يكون لنفسه آلات عذابه.. والعديد من المخاوف الرهيبة.. واضطراب ولوعات الروح المفزعة.. وتقريع الضمير والندم اليائس.. والقلق والمتاعب المستمرة..(5).ومن مسرحية”ريتشارد الثالث “ ينقل لنا جبرا هذا الحوار بين آنه وريتشارد قبل ان يخدعها..أيها الشيطان الزنيم،من أجل الله ابتعد..اخجل.. اخجل..يا كتلةً من عاهات رميمة..لأن حضورك هو الذي ينفث هذا الدممن شرايين باردة خالية لا دم يسكنها..وافعالك اللا انسانية واللا طبيعيةتستنزف هذا الفيض المنافي للطبيعة..ايها النذل، لا شريعة الله ولا الانسان تعرفها:وما من وحش، مهما استشرس، الا ويعرف مسحة من الشفقة..فيرد عليها ريتشارد بالكلمات التي من شأن شخص الرذيلة والاجرام ان يجيب عنها:ولكنني لا اعرف اية شفقة..فتجيب بمرارة:ما أروع الأمر، عندما تقول الصدق الشياطين..! (6).المصادر:1- شكسبير والانسان المستوحد، ص31.2- المصدر نفسه، ص 89، 90.3- مأساة مكبث، ص36.4- المصدر نفسه، ص44.5- المصدر نفسه، ص47.6- شكسبير والانسان المستوحد، ص85.
ترجمات جبرا إبراهيم جبرا إدانـة للديـكتـاتورية وجـبروتها
نشر في: 1 يناير, 2010: 05:21 م