TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العبادي في مواجهة استحقاق الإصلاح والتغيير..

العبادي في مواجهة استحقاق الإصلاح والتغيير..

نشر في: 28 يونيو, 2015: 06:01 م
كان واضحا منذ بداية تولي السيد العبادي تشكيل الحكومة، بعد إطاحة المالكي، انه سيواجه مصاعب وتحدياتٍ لا مناص منها. وقد شخّص هو عدداً من هذه التحديات، وكاد أن يلامس خطوط التماس مع من يحرك آلة المعارضة ويسعى لإطاحته، بل قال بصريح العبارة أن حياته مهددة من طامعين ومتضررين من التغيير. 
ولم يتصور الذين تصدروا عملية التغيير الحكومي، انها ستكون سالكة دون مقاومة أو عراقيل، قد تصل حداً غير مسبوقٍ فيما مضى، من تجاذباتٍ وحراكٍ واستنكافٍ سياسيٍ ومعارضة مكشوفة، حتى في المراحل التي أوشكت البلاد فيها أن تنحدر الى حربٍ أهلية طائفية تأتي على امكانية اعادة بناء النسيج الوطني.
لكن ذلك لم يكن مثار القلق أو التردد، بقدر ما كان التساؤل حول الارادة التي ستتكون في العهد الجديد، والعزيمة التي ستواجَهُ فيها المهام والصعوبات، والوتائر المطلوبة لمعالجة القضايا العقدية التي أوصلت الأزمة الى حافة الانهيار، بعد ان اصبحت قطعان داعش على خطوط التماس مع العملية السياسية نفسها، وعلى تخوم بغداد وكردستان، وعلى مسافة مريبة وهي تفصل العاصمة عن اطرافها. 
هذا الوعي الوطني الذي تلبّس الناس، قبل القوى السياسية، وعبّأها في اتجاه دعم حكومة العبادي والصبر على خطواتها المترددة، ومحاولة تفهم مظاهر استمرار تجلياتٍ من النهج والسياسات التي قادت البلاد الى الهزيمة، كان يراهن على تجاوز ما هو قائمٍ، بعد أن تمر فترة انتقالية، يحيط فيها رئيس مجلس الوزراء بكل تفاصيل الاشكاليات وتعقيداتها في مرافق الدولة ومؤسساتها، وحجم الاضرار والخراب الذي حلّ فيها، لينتهي الى تشكيل فريقٍ قادرٍ على اعانته وتمكينه من متابعة ما ينتظره من مهامٍ، وما تتطلبه من قرارات شجاعة وجريئة لاعادة بناء القوائم المتصدعة للدولة، ومد جسور الثقة المفككة بين المكونات العراقية، بحكم ما سلف من نهجٍ مخَربٍ متهورٍ، منعدم الكفاءة والصلاحية، ومهزومٍ وطنياً.
ولا يصح أن نتجاوز، ونحن نسعى لتلمس خارطة الطريق، ما ورثه العبادي من التحدي العسكري والامني المتمثل بسيطرة داعش وحلفائه على ثلث العراق، ومن نهبٍ مستورٍ حتى الآن لخزينة الدولة وموازنتها لعام 2014، دون وجود اي وثيقة عن ابواب صرفها والتصرف بها، خلافاً لابسط القواعد المالية، والابواب المعتمدة المقرة من البرلمان، ولا التوقف عند النتائج التي ترتبت على شتى الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون، والخراب الذي حل بالدولة الفاشلة أصلاً..
كل ذلك له دورٌ دون شك، في ما كان متوقعاً من تعثرٍ محتملٍ لاجراءات وتدابير الحكومة التي تشكلت على اساس انها "حكومة للتغيير والاصلاح". وهو ما قبل به الدكتور حيدر العبادي وهو يبدأ الخطوات الاولى لتشكيل حكومته، بل ما أكد على انها مهمته التي قد تكلفه حياته، وهو مستعد لها وللتضحية في سبيلها..
ومهمٌ ايضاً، الأخذ بالاعتبار، ما يواجهه من اولوية تسبق كل اولوية أخرى، تتمثل في تعبئة كل القوى والامكانات والموارد الوطنية، المادية والبشرية، لمواجهة داعش وتحديات الارهاب التكفيري، والحاق الهزيمة بها، واعادة معافاة الحياة السياسية الوطنية، وتكريس الوحدة الوطنية، وترميم الخرائب التي تحيط بالبلاد من كل صوب..
لكن ما لم يحسب له حساب دقيق، لانجاح عملية الاصلاح والتغيير، هو مظاهر الحذر والتردد والنكوص عن مواجهة كل الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والامنية بجرأة ومضاء، دون خشية أو قلقٍ، سوى من احتمالات الانتكاس، لغياب الارادة الواعية، والاعتماد على الحس الوطني، للشعب العراقي صاحب المصلحة باصلاح ما افسده الحكم الضال والمفسد..
وقد كان ممكناً الاستنتاج أن السيد العبادي، مغيبٌ عن تشخيص ما يمكن ان يكون العامل الحاسم في فشل عملية الاصلاح وانهيار الحكومة وضياع المبادرة. لكن هذا الاستنتاج ليس وارداً مع ما رَشَح من مواقف وتصريحاتٍ مباشرة صدرت عن العبادي، في كل مرة واجه فيها البرلمان او وسائل الاعلام والمحافل الشعبية.
ردد العبادى بحزمٍ، منذ اول تصريحٍ له: التردد هو مقتل الاصلاح والتغيير، ولست في هذا الوارد تحت اي ظرفٍ أو تهديد..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram