اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > على خطى داعش بامتياز

على خطى داعش بامتياز

نشر في: 28 يونيو, 2015: 09:01 م

قبل ثمانين عاما استقبلت دار المعلمين العالية ، اول وجبة من الطالبات، وكان ذلك في عهد عميدها الراحل الد كتور متي عقراوي ، الذي كان يؤكد لكل من يسأله عن احوال التعليم في العراق أن تعليم المرأة يبقى أهم من كل قرارات الدولة ، وفيما كانت الأنظمة العربية تكبّل النساء بقوانين جائرة قرّر الوزير المعمم محمد رضا الشبيبي أن يدعم النساء.
يحار الجميع اليوم في تفسير سلوك العراق المدني آنذاك الذي جلب لياسين الهاشمي والشبيبي وعلي الشرقي عداوة المتزمتين وادعائهم ، بأن المرأة ناقصة عقل ودين ولا يجوز ان تختلط بالمجتمع.
بالأمس تذكرت موقف متي عقراوي واصرار الشبيبي ، وأنا قرأ تحقيقا مثيرا نشره الزميل عبد الجبار العتابي عن تأنيث التعليم وفيه يحاول اصحاب القرار منع الاساتذه الذكور من دخول كليات البنات، لماذا ياسادة؟ لأن الطالبة حسب رأيهم ومرجعياتهم التراثية والفكرية ناقصة عقل ودين.. فكيف يتسنّى لفتاة "ضعيفة" أن تلتقي بالأساتذة ، وما اجتمعت امرأة ورجل الا وكان الشيطان ثالثهما؟ لم يكن السادة الذين يرفعون شعار "المرأة عورة" بعيدين عن تنظيرات مسؤولينا الكبار الباسلة ، الذين اكتشفوا أن وجود استاذ يلقي محاضرات على الطالبات في الجامعة هو السبب في كل الخراب الذي نعيش فيه!
كانت الفتاة العراقية تعتقد أنّ التغيير سيحررها من صولات "القائد المؤمن"، وأن الفيلم الهابط الذي كان يشرف على إنتاجه الحاج طلفاح سيتوقف ، ولكن بعد سنوات من التغيير وجد الناس أنهم يعيشون في ظل مسؤولين يتصورون أن الاختلاط في الجامعات ومؤسسات الدولة يعني الابتذال والفجور، وحين تتحدث عن حرية الرأي والملبس يقولون لك: تريدون مجتمعاً فاجراً.. لا توجد امرأة خارج دائرة الخطيئة.. لاعلاقات عمل ولا زمالة بين الطلاب.. الكل يجب أن يوضع تحت سلطة كاميرات الرقابة التي زرعت في نوادي الكليات وحدائقها بمباركة من مسؤولين كبار يستعيذون بالرحمن من شيطان امرأة سافرة.. لكنهم لا يمانعون من إقامة علاقات سرية ومشبوهة خارج رقابة المجتمع.
كان أمام العراق بعد التغيير نموذجان : الأول سنغافورة وكوريا الجنوبية، اللتان نهضتا من ركام الخراب والفشل والفاقة في أقل من عشر سنوات لتصبحا اكبر قوتين اقتصاديتين ، والثاني افغانستان التي لاتزال تحقق شيئا واحدا ، قطع انوف النساء اللواتي يذهبن الى المدارس.
في مداخل الموصل وساحات الانبار علق تنظيم داعش قواعد السلوك واصول اللبس، فالموسيقى والكتب والاختلاط من أعمال الشيطان.
اليوم يتنازع على حرية الناس في العراق نوعان، الاول يذبح بالسيوف بحجة مخالفة الشرع والدين، والثاني يضطهد بالقوانين بحجة الاخلاق والفضيلة.. والاثنان حتما زائلان ففي النهاية هذه بلاد متي عقراوي والشبيبي والزهاوي الكبير الذي قال ثائرا :
ثوروا على العادات ثورة حانق وتمردوا حتى على الأقدار

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    اووووف اوووووف من هؤلاء القاشامر اللي قشمروا الأمة العربية كلها ونجحوا في إيهامها بخرافات وخزعبلات ما انزل الله بها من سلطان وهو البلاء وهم المصيبة الكبرى العظمى فاشية رجال الدين الارضي اللا اسلامي وحاشا الاسلام ان يطمر المرأة تحت التراب او يسلط عليها فاش

  2. ابو اثير

    كما قال المرحوم علي الوردي هناك أزدواجية في شخصية الفرد العراقي ... فتراه متزمت بالقيود ألأجتماعية وألأخلاقية في محيطه ألأجتماعي وبلده وفي الخارج تجده أنسان سوي أجتماعي يتكيف مثل المجتمع الذي يعيش فيه ... وكلنا كمواطنين رأينا وشاهدنا الملا ... لا آسف .. ا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: 21 عاماً في محبة المدى

 علي حسين إسمحوا لصاحب هذا العمود أن يحتفل مع زملائه بدخول العام الحادي والعشرين لصحيفة (المدى)، وأن يعترف علنًا أنه لم يكن يعرف قواعد اللعبة الديمقراطية جيدًا، ولا يفهم أنظمتها الجديدة التي تشكلت...
علي حسين

الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية

فاضل ثامر عندما بدأت جريدة المدى في الصدور، بعد الاحتلال وتحديدا في 5/8/2003، كنت ضمن كادر محرريها المحدود، حيث اتخذت لها مقراً متواضعاً في شارع فلسطين.. وبقيت أعمل في الجريدة تحت إشراف رئيس تحريرها...
فاضل ثامر

الـ (المدى).. أيقونة الصحافة العراقية

د.قاسم حسين صالح اوجع مفارقة بتاريخ العراقيين هي تلك التي حصلت في التاسع من نيسان 2003،ففيه كانوا قد حلموا بالافراح بنهاية الطغيان، فاذا به يتحول الى بوابة للفواجع والأحزان.فللمرة الأولى في تاريخهم يفرح العراقيون...
د.قاسم حسين صالح

الـ (المدى) وملاحقها

رفعة عبد الرزاق محمد لا ريب ان من مظاهر نجاح (المدى) في مسيرتها الصحفية الفائقة، إقبال قرائها على الاحتفاء بملاحقها الاسبوعية، اذ كان كل يوم في الاسبوع مخصصا لملحق معين. و بسبب ازمة الصحافة...
رفعة عبد الرزاق محمد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram