قبل ثمانين عاما استقبلت دار المعلمين العالية ، اول وجبة من الطالبات، وكان ذلك في عهد عميدها الراحل الد كتور متي عقراوي ، الذي كان يؤكد لكل من يسأله عن احوال التعليم في العراق أن تعليم المرأة يبقى أهم من كل قرارات الدولة ، وفيما كانت الأنظمة العربية تكبّل النساء بقوانين جائرة قرّر الوزير المعمم محمد رضا الشبيبي أن يدعم النساء.
يحار الجميع اليوم في تفسير سلوك العراق المدني آنذاك الذي جلب لياسين الهاشمي والشبيبي وعلي الشرقي عداوة المتزمتين وادعائهم ، بأن المرأة ناقصة عقل ودين ولا يجوز ان تختلط بالمجتمع.
بالأمس تذكرت موقف متي عقراوي واصرار الشبيبي ، وأنا قرأ تحقيقا مثيرا نشره الزميل عبد الجبار العتابي عن تأنيث التعليم وفيه يحاول اصحاب القرار منع الاساتذه الذكور من دخول كليات البنات، لماذا ياسادة؟ لأن الطالبة حسب رأيهم ومرجعياتهم التراثية والفكرية ناقصة عقل ودين.. فكيف يتسنّى لفتاة "ضعيفة" أن تلتقي بالأساتذة ، وما اجتمعت امرأة ورجل الا وكان الشيطان ثالثهما؟ لم يكن السادة الذين يرفعون شعار "المرأة عورة" بعيدين عن تنظيرات مسؤولينا الكبار الباسلة ، الذين اكتشفوا أن وجود استاذ يلقي محاضرات على الطالبات في الجامعة هو السبب في كل الخراب الذي نعيش فيه!
كانت الفتاة العراقية تعتقد أنّ التغيير سيحررها من صولات "القائد المؤمن"، وأن الفيلم الهابط الذي كان يشرف على إنتاجه الحاج طلفاح سيتوقف ، ولكن بعد سنوات من التغيير وجد الناس أنهم يعيشون في ظل مسؤولين يتصورون أن الاختلاط في الجامعات ومؤسسات الدولة يعني الابتذال والفجور، وحين تتحدث عن حرية الرأي والملبس يقولون لك: تريدون مجتمعاً فاجراً.. لا توجد امرأة خارج دائرة الخطيئة.. لاعلاقات عمل ولا زمالة بين الطلاب.. الكل يجب أن يوضع تحت سلطة كاميرات الرقابة التي زرعت في نوادي الكليات وحدائقها بمباركة من مسؤولين كبار يستعيذون بالرحمن من شيطان امرأة سافرة.. لكنهم لا يمانعون من إقامة علاقات سرية ومشبوهة خارج رقابة المجتمع.
كان أمام العراق بعد التغيير نموذجان : الأول سنغافورة وكوريا الجنوبية، اللتان نهضتا من ركام الخراب والفشل والفاقة في أقل من عشر سنوات لتصبحا اكبر قوتين اقتصاديتين ، والثاني افغانستان التي لاتزال تحقق شيئا واحدا ، قطع انوف النساء اللواتي يذهبن الى المدارس.
في مداخل الموصل وساحات الانبار علق تنظيم داعش قواعد السلوك واصول اللبس، فالموسيقى والكتب والاختلاط من أعمال الشيطان.
اليوم يتنازع على حرية الناس في العراق نوعان، الاول يذبح بالسيوف بحجة مخالفة الشرع والدين، والثاني يضطهد بالقوانين بحجة الاخلاق والفضيلة.. والاثنان حتما زائلان ففي النهاية هذه بلاد متي عقراوي والشبيبي والزهاوي الكبير الذي قال ثائرا :
ثوروا على العادات ثورة حانق وتمردوا حتى على الأقدار
على خطى داعش بامتياز
[post-views]
نشر في: 28 يونيو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
بغداد
اووووف اوووووف من هؤلاء القاشامر اللي قشمروا الأمة العربية كلها ونجحوا في إيهامها بخرافات وخزعبلات ما انزل الله بها من سلطان وهو البلاء وهم المصيبة الكبرى العظمى فاشية رجال الدين الارضي اللا اسلامي وحاشا الاسلام ان يطمر المرأة تحت التراب او يسلط عليها فاش
ابو اثير
كما قال المرحوم علي الوردي هناك أزدواجية في شخصية الفرد العراقي ... فتراه متزمت بالقيود ألأجتماعية وألأخلاقية في محيطه ألأجتماعي وبلده وفي الخارج تجده أنسان سوي أجتماعي يتكيف مثل المجتمع الذي يعيش فيه ... وكلنا كمواطنين رأينا وشاهدنا الملا ... لا آسف .. ا