اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أيكون ممكنا تحقيق الإصلاح خارج بيئة الأمل..؟

أيكون ممكنا تحقيق الإصلاح خارج بيئة الأمل..؟

نشر في: 29 يونيو, 2015: 09:01 م

أعاد التغيير الحكومي الذي جاء بالسيد العبادي رئيساً لمجلس الوزراء، شيئاً من الامل بإمكانية تشكيل عراقٍ تصدّع وتداعى بنيانه، وتفككت اواصر الرحمة والتكافل الوطني بين مكوناته. والأمل في ظروف بلادٍ مقهورة مستلبة الارادة، مثل بلادنا، يشكل طاقة خلاقة تستنهض الناس المغلوب على أمرهم وتدفعهم الى صنع المعجزات ومواجهة أخطر الكوارث، وتحمل أعباءٍ تفوق في حالاتٍ استثنائية طاقة البشر الأسوياء..
ويظل الانسان المشبوب بطاقة الامل مشدوداً الى ما ينطوي عليه هذا الامل من وعدٍ وتطلعٍ بتحقيق دواعيه، والاستجابة لمتطلبات حياته ورغباته الانسانية، والتجاوب مع ما يراه حقاً له في عيش كريم وكرامة محفوظة ومستقبلٍ مشرقٍ آمن. وكلٍ من الأمل وما ينبني عليه ليس مفتوحاً على زمن ممتد بلا حدودٍ ولا آماد.
فالانسان المشدود الى القيم العليا التي تتطلب التضحية والصبر، قد تنهكه مكاره الحياة، وهو يتحمل شظف العيش والتضييق على حريته وحقوقه وانتهاك حرماته، وما يراه فساداً وتجاوزاً وتعطيلاً لمسارات الحياة الطبيعية وأسباب التطور في المجتمع والشروط الانسانية للتقدم..، وهذه كلها عوامل مميتة تستنفد مصادر الأمل وتسد باب الرجاء، وتذوي معها الطاقة على الصبر، إنتظاراً للفرج والوعد الآتي، أياً كانت المُثل والقيم العليا التي تستدعيها..
وفي التاريخ القريب، إنهارت تجارب إنسانية فرّطت بتضحيات الملايين من البشر، دون أن تحقق لهم الوعد بحياة يزدهر فيها المجتمع بخيراته وحرياته وبانفتاحه على عالمٍ آخر لا مكان فيه لاستغلال الانسان للإنسان، ولا قوانين وتقاليد وعاداتٍ تُكبّل طموحاته في أن يصبح سيد خياراته. وفي مثل هذه السيرورة، فقدت الاشتراكية التي كانت حُلماً، وقد تظل هاجساً للملايين من المهمشين والجياع، القدرة على التعبئة على الصبر في لحظة مظلمة من حركة التاريخ..
وقياساً على تجارب انسانية معاصرة لا سبيل لمقارنة تضحيات العراقيين، حتى وان كان في هذا التقدير شيئاً من المبالغة، مع معاناة شعوب، وأممٍ أكلها الضيم والأسر والحروب والنهب والكوارث التي تسببت بها الانظمة الجائرة التي استبدت في التسلط عليها. وكأن العقود الاربعة التي مرت على العراقيين منذ استيلاء قطعان الحرس القومي البعثي على مقاليد السلطة في البلاد في ٨ شباط ١٩٦٣ لم تكن كافية لهم، فبات العراق الجديد الذي أشاع الامل بحكمٍ تسوده الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة على قاعدة المواطنة الحرة، مكبّاً لتجارب من نوعٍ "وطنيٍ خالص" على صبره وتحمله انتظاراً للذي يأتي ولا يأتي..!
يستطيع البعض من الحالمين بالتغيير والاصلاح أن يتكئ على أمل التحول في منعطفٍ قادمٍ تفرضه الظروف والتحديات، فيتنبه من بيده القرار الى لزوم ما يلزم في اتخاذ خطوات ملموسة وتدابير مُحكَمَةٍ، للشروع بالاصلاح وتغيير الحالة المتردية التي يرى المتشائمون أنها بلا قاع.!
لكن من لا يدرك قياس المسافة بين الامل وتبدده، لا يستطيع أن يعرف أن بينهما خطٌاً مُموهاً، هو في واقع الحال مجرد تعبير عن الوهم لا غير، فبيئة الامل قد تتلاشى وهي تسير على رمالٍ متحركة، تنعدم في تفاصيلها الخطوط البيانية والتوجهات، ولا ينفذ من متاهاتها سوى أولئك الذين لا يحبذون الخوض في المتاهات، ويستدلون وهم يخوّضون في كثبانها على ما ينبئهم به الأدلاء المجربون، وهم أصحاب القضية وضحاياها..
في أول سؤالٍ ملحٍ يواجه من وعد بالاصلاح والتغيير: هل تحققت البيئة الدافعة للتغيير..؟
وماذا عن استشراء كل ما كان في اساس الانحطاط الذي حل بالعراق طوال سنوات الانفلات والتعدي والانفراد والفساد..
أيمكن أن يستمر الأمل رافعة لاستنهاض الناس في مثل هذه البيئة..؟
وإلى متى..؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    اولا ان السيد العبادي لم يغير شيئا بل اعاد العراق الى الوراء اكثر من سلفه المختار ولايوجد اي منجز لهذا الرجل لحد الان لا على صعيد القوة العسكرية ولا على صعيد المؤسسة الامنية عندما انهارت بانهيار الحكم المالكي الهش انذاك ولا اعتقد انه يستطيع اعادتها لانه

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram