أدق وصف للانتحاري، برأيي، هو الذي رسمه بذكاء الكاتب اللبناني سمير عطا الله. شبهه بالنعجة التي يسمنها راعيها لا اكراما لعينها بل استعدادًا للإفادة من لحمها وعظامها وجلدها. اتخذ من مفجر مسجد الامام الصادق بالكويت مثلا ليقول عنه: "نقله راعيه في سيارته. وسمنوه بالمتفجرات الناسفة. وتركه الراعي لموته ولقتلاه، ومضى في هدوء إلى منزله ليتتبع أخبار المجزرة بالبث المباشر". صدق عطا الله.
الارهابيون هكذا هم: رعيان يجيدون غسل دماغ الفرد بحرفية عالية ليحولوه خروفا طائعا لا يقاوم ولا يمعمع حين يساق الى الذبح. لذا تصبح كل الخطوات التي تتبعها الدول لحماية مواطنيها او زائريها او مؤسساتها من الخرفان المفخخة لا تنفع. الذي ينفع هو استهداف الرعيان أولا وحرق حقول "حشيشهم" الذي يطعمونه لخرفانهم وتجفيفها.
كان الأسبوع الفائت مرعبا حيث أرعبت داعش العالم بتفجيراتها الانتحارية في اكثر من قارة: الكويت وتونس ومصر وفرنسا. انصبّ تحرك المسؤولين في هذه الدول على حماية الناس من الخرفان أكثر مما انصب على الكشف عن الرعيان. اللهم الا في المغرب. وهنا يستحق المرسوم الملكي المغربي الجديد الذي منع على رجال الدين المغاربة ممارسة أي نشاط سياسي او اتخاذ موقف نقابي، وقفة احترام كبيرة. تفاصيل المرسوم قفزة نوعية مهمة على طريق الحد من تنامي الأفكار المتطرفة. لم يغفل المرسوم تأكيد علمانية الدولة وذلك بتشديده على احترام ممارسة الشعائر الدينية وحمايتها. واهتم باحترام المساجد، بشكل خاص، حيث منع استخدامها "للإخلال بالطمأنينة والسكينة والتسامح والإخاء". وحتى لا تفقد هيبتها فرض القانون الالتزام بالزي المغربي على من يرتادها. وهذه تعني منع ظاهرة ارتداء انصاف الدشاديش وما شابهها من الجبب والجلابيب الأفغانية او الشيشانية المقرفة.
أما الأجمل الذي اراه في هذا القانون الجديد فهو دعوة كل العاملين في الحقل الديني المغربي إلى "التحلي بصفات الوقار والاستقامة والمروءة" بالإضافة إلى منعهم من "مزاولة أي نشاط" مدرّ للمال في القطاع الحكومي أو الخاص، إلا بـ "ترخيص مكتوب من الحكومة" مع استثناء "الأعمال العلمية والفكرية والإبداعية" التي لا "تتعارض مع طبيعة" مهام رجل الدين. يا سلام.
أما كان الأولى بدولتنا وبرلماننا تشريع مثل هذا القانون قبل المغرب لإنقاذ العراق من كل هذا الخراب والفساد؟
استهدفوا الرعيان قبل الخرفان
[post-views]
نشر في: 1 يوليو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
بغداد
كما كتبت انت وكان من اهم مقال صريح ومباشر لكل من يهمه الأمر وكان بعنوان ( ما دور المثقفين من الفاشية الدينية) ارجوا ان لا اكون خطأت في نقل عنوان مقالك يا ايها الكاتب العربي الأصيل هاشم العقابي. بعدين هذولة الإمعات بهائم ومرتزقة رجال الدين النازيون الفاشي
ميفان مدحت - اقليم كردستان
استاذ هاشم ، يومية اقرا مقالاتك واني اضحك ، هالمرة صدگنی بچیت .. هاي صدگ تحچی .يعني لو يطلع هيجي قرار من ( برلماننا ! ) و الحكومة تگول على عيني وراسي ، لعد لويش كل هالمصايب واللطم والمشي حافي من البصرة للنجف وتوزيع الدولمة والشيخ محشي بالطريق ، وكل فرخ م