نتيجة التزامات عمل ومواعيد، بقيت ثمانية ساعات في مطار بغداد نهار الاربعاء، وانا في طريقي الى اربيل، ورحت اسجل هذه الملاحظات. وكنت فرحانا بالمطار طوال اسابيع بعد فراق دام سنتين، لم اتابع خلالها التطورات البسيطة لكن المعبرة. وكانت السفرة من اربيل الى بغداد في طائرة ايرباص نظيفة وعظيمة وجديدة، حتى انها احسن من طائرات الرويال جوردانيان والميدل ايست. ومن المصادفة ان الركاب كانوا ايضا "جديدين وعظماء" في نظافتهم وادبهم. اما الطائرة التي عدت بها فقد كانت "تعبانة" بالمعنى العراقي وضيقة المجلس ومن المصادفات ان الركاب ايضا كانوا مثل الطائرة "تعبانين ويسوون مشاكل" باستثناء الادب الجم للطاقم.
وفي كلتا الطائرتين، العظيمة والتعبانة، كان الطعام سيئا جدا، واتذكر ان وجبات الغداء كانت افضل قبل سنتين او ثلاثة!
ومن ناحية اخرى كان مؤسفا ان المطاعم والكافتريات في المطار، وفيها اشخاص طيبون، وضعها سيء ايضا. اللحوم باردة ولم يعثروا على طريقة لتسخين اي قطعة بروتين تحافظ على منظر شهي لوجبة الطعام. وقد عالجوا الموضوع ببيع جبن كرافت وصمون لامثالي المتشككين باي قطعة بروتين غير مسخنة بشكل حقيقي
وفي المطاعم خبر سيء لغير المدخنين حيث كنا نستمتع سابقا بالتدخين في الكافتريات اما الان فقد تساوينا مع المطارات الاخرى ولا توجد كافتريا تسمح بالتبغ. والقضية صارت فرصة لي كي احصي فوائد جديدة لمشروع اضطررت اليه منذ اربع شهور وهو "الاقلاع الجزئي عن التدخين" حيث ابتدعت بدعة تقضي بترك التدخين في النهار، ثم ادخن خمس سيكارات ليلا فقط. وهكذا لم اكن بحاجة الى الغرفة الخاصة بالتدخين
لكن ما ينسيك الطعام هو فرق طفيف حصل في السوق الحرة فهي متطورة اليوم مقارنة بالسابق، وبدل الموظفين المهملين الذين رأيناهم على مدى سنوات، هناك صبي وصبية عراقيين متدربين على التسويق والبيع بشكل لافت. ولم اكن تقريبا سوى راغب بالتفرج، لكن لطفهما دفعني للعثور على شاحنة موبايل خاصة بالسفر، ازعم انها من افضل النوعيات التي عثرت عليها منذ سنتين، باعتباري مدمنا على شاحنات الموبايل المتنقلة "باور بانك تريب"، وهذه النوعية كانت مما لا تجده في المنصور والكرادة كما لم اشاهدها في اسواق اربيل، واعرف فقط ان من يتسوق بضاعة جيدة مثل هذه يجعلني اشعر بالفخر وسط تجارة عراقية مخزية احيانا لا يعرف تجارها كيف يأتون لنا ببضاعة جيدة حتى مقارنة بافقر البلدان المجاورة
اما دورات المياه فهي في وضع غير سيء. لكنني افكر دوما بالاجانب وهم يزورون العراق وياخذهم الحظ العاثر الى اماكن لا حرص فيها على نظافة الحمامات. وبهذا المقياس فان حمام ترمينال نينوى نهار الاربعاء كان بحاجة الى منظف اسيوي حريص يحب عمله كي يصبح افضل ويرتقي الى نظافة اي حمام في مطار اتاتورك او الملكة عالية، لان "البنية التحتية" جيدة ومتطورة، والاجنبي الذي رأيته يدخل ثم يغادر الحمام، لم يكن مندهشا ولا غاضبا، على خلاف استاذ بريطاني زائر شاهده طلاب جامعة بغداد قبل سنتين وهو يخرج مرعوبا من وضع النظافة في حمامات "كلية الطب"!
اللمسات داخل مطار بغداد، والشارع المؤدي لها، والتحسينات على كراج عباس بن فرناس، هي اشياء تثبت فقط انه يمكن اصلاح البلاد، بقليل من الرغبة. وحاليا يمكنني ان ازعم ان معظم الوزراء والتنفيذيين ليس لديهم وقت كي يمتلكوا مجرد "رغبة" بتحسين الحال، لانهم كما يبدو مشغولين برغبات اخرى. واللوم لا يقع عليهم، بل الملام هو نقص اخلاقي وعقلي وحضاري لدى كثير من النافذين في غرفة صناعة القرار العراقية، المشهورة عبر عقود بصناعة بعض من اسخف القرارات في التاريخ.
مبروك لمطار بغداد "شوية امل"، لكن هذا يحمل الوزير الحالي وطاقم المدراء والخبراء، مسؤولية كبيرة للعناية بما تبقى من سمعة البلاد
مطار بغداد وشوية امل
[post-views]
نشر في: 1 يوليو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
بغداد
كنت على اعلى المستويات في برنامج البغدادية سحور سياسي انت وزملائك وبالأخص انت يا استاذ سرمد الطائي والأستاذ فلاح المشعل وبدون مبالغة تحدثتم وكأنكم احد ارقى مستوى من الإعلاميون في بريطانيا او استراليا لان بريطانيا وأستراليا فيها ارقى المستويات من الاعلاميو