خبر لم ينتبه له احد نشر في معظم صحف الامس يقول على لسان لجنة النزاهة البرلمانية ، إن هناك اكثر من 150 الف قضية فساد لم تنظر وقد يقول البعض ان الرقم مبالغ به فلا يهم ان يكون ناقص عشرة او زائد واحد، لكن، إذا كان هناك 150 الف ملف فساد لم يحاسب اصحابها بعد ، ولن يحاسبوا فهذه كارثة، وإذا كان اصحاب الملفات قد تركوا البلاد وذهبوا الى اوطانهم "الاصلية" فالكارثة أعظم. وهناك ما هو أعظم: أن يعتاد المواطن على ان هذه هي الحياة الطبيعية.
لعل الجزء الأكبر من أخبار هذه البلاد مقلق ومخيب للآمال، لكن هناك ايضا اخبار تصنف في خانة "البلية"، وكأنما كل هذه الاخبار المحزنة والمثيرة للاسى لا تكفي، فقد طالعنا خبرا يقول ان هناك نية حكومية لاجتثاث المرحوم "ابو نواس" باعتباره عضوا في القيادة القطرية التي شكلها عبد الباقي السعدون.
في زمن النظام السابق تعرض أبو نواس وشارعه الأثير لهجوم بالغ الشدة وخصوصا خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث استنكر البعض في ذلك الوقت أن يسمى شارع في بغداد باسم شاعر مجوسي على حد قولهم، واذكر أن رأس النظام آنذاك طلب تشكيل لجنة لتغيير اسم الشارع كان احد أعضائها أستاذا في كلية الآداب كتب حينها تقريرا حاول أن يثبت فيه بان شاعرنا كان كارها للعروبة، بل ذهب خير الله طلفاح في خطبة له بثها التلفزيون الرسمي، إلى إحراق كتب أبي نواس ومعه بعض الدخلاء على اللغة العربية وذهب به الشطط بعيدا حين طالب بمنع ديوان الشاعر الذي اتهمه طلفاح بتحريف معاني اللغة العربية، طبعا أطلق طلفاح دعوته هذه دون أن يقرأ بيتا لأبي نواس.
مثيرة للأسى صورة تمثال الشاعر العراقي الفذ الذي وقف الجواهري بقامته الشامخة وتاريخة السياسي والفكري المشرف ليقول "سيدنا الحسن بن هاني" .
للأسف لم تقدم لنا أمانة بغداد مبررات وجيهة في بيانها الذي تنشره المدى في عدد اليوم عن ما جرى لتمثال ابو نواس، وإذا كان لا يحق لأحد أن يصادر حق بعض المسؤولين في أن يروا في أنفسهم ما يشاؤون ، فإن من حقنا أن نطالبهم بتقديم الدليل على أن المرحوم أبي نواس، كان جزءاً من نظام صدام، وأنه مشمول بالاجتثاث استنادا إلى كتاب هيئة المساءلة والعدالة الصادر هذا الشهر، لأننا نريد أن نعرف كيف استطاع هذا العميل الشرير أن يخدعنا كل الوقت، ويقنعنا بأنه مع العملية السياسية ، فيما هو يريد أن يقف بوجه الحملة الإيمانية التي يقودها حجاج الحكومة؟ .