مرت قبل أيام مناسبة تمس آلاف العراقيين، فمن المعروف أن الكثير منهم ولدوا يوم 1 تموز كما تشير وثائقهم. قررت إذن البحث بين مواليد هذا اليوم عن موسيقيين معروفين، فوجدت الموسيقي الألماني اليساري هانس فرنر هنتسه الذي ولد يوم 1 تموز 1926 في منطقة فستفاليا
مرت قبل أيام مناسبة تمس آلاف العراقيين، فمن المعروف أن الكثير منهم ولدوا يوم 1 تموز كما تشير وثائقهم. قررت إذن البحث بين مواليد هذا اليوم عن موسيقيين معروفين، فوجدت الموسيقي الألماني اليساري هانس فرنر هنتسه الذي ولد يوم 1 تموز 1926 في منطقة فستفاليا بغرب ألمانيا. هنتسه من أكثر موسيقيي القرن العشرين (والحادي والعشرين) غزارة في الانتاج، لديه مئات الأعمال بينها قرابة أربعين اوبرا وعملا للمسرح وعشر سيمفونيات وأربع عشرة باليه. استمر في التأليف ومارس مهنته كموسيقي حتى قبل وفاته سنة 2012 وهو في السادسة والثمانين من العمر، وكان بين آخر مؤلفاته اوبرات وأعمال كورالية.
نشأ هنتسه في بيئة ما قبل الحرب الثانية وتأثرت العائلة بالدعاية النازية رغم انفاتحها على الأدب العالمي وميلها للأفكار التقدمية. فدخل هنتسه في شبيبة هتلر وجُنّد في 1944 كضابط راديو ووقع في أسر الجيش البريطاني. عمل في 1945 بعد خروجه من الأسر عقب انتهاء الحرب كعازف بيانو في أحد المسارح وواصل دراساته الموسيقية في جامعة هايدلبرغ العريقة. تأثر في بداية حياته الفنية بالموسيقى الطليعية ثم استعمل تقنيات "سريالية" مرتبطة بالموسيقى الاثنتي عشرية (وتسمى بالدوديكافونية، ابتكرها ونظّر لها النمساوي أنتون شونبرغ)، واعتمد لاحقاً أساليب تجريبية متعددة مزج فيها الكلاسيكية الجديدة واللا نغمية وموسيقى الجاز وبعض عناصر الروك والموسيقى الشائعة والموسيقى اللاتينية وموسيقى الشعوب. وكان ذلك بدافع التزامه بالفكر الماركسي اليساري، وقد أصبح عضوا في الحزب الشيوعي الايطالي بعد تركه ألمانيا وانتقاله إلى إيطاليا في 1953 احتجاجاً على اضطهاد القوى اليسارية هناك بعد الحرب الثانية.
ألف أعمالاً "سياسية" مثل قداس تشي غيفارا ورثاء فكتور جارا والسيمفونية السادسة وعمله المسمى إل تشيمارون للأصوات والأوركسترا الذي ألفه أثناء اقامته في كوبا لمدة سنة والذي يتناول موضوع عبودية واضطهاد الزنوج في كوبا قبل مجيء كاسترو. ونجد هذا المنحى حتى في أعماله الأخيرة، مثل سيمفونيته التاسعة التي أهداها للأبطال والشهداء الألمان المعادين للفاشية.
لكن لو نأتي إلى تذوق أعماله، فسأقول بصراحة أن سماعها ثقيل على اذني، لا استمتع بها. بالطبع السماع أذواق، وكثيرٌ منا يتحمس لسماع أعمال مؤلف معين لكن يتجنب سماع مؤلف آخر. وهذا لا يعني على الاطلاق أن المؤلف الأول أفضل من الثاني، فسماع الموسيقى والتمتع بها عملية ذهنية معقدة تتداخل في تشكيلها عوامل متعددة يصعب فهمها. لذا أتمنى أن تجد أعمال هانس فرنر هنتسه من يطرب لها ويستمتع بها.