كأنما لم يعرف العراق في تاريخه سقوط طائرة عسكرية اثناء التدريب. بل كأنما تاريخ الطيران كله لم يشهد حادثا من هذا النوع، فالضجّة المُثارة حول حادث تحطم طائرة تدريب عراقية في الولايات المتحدة تكاد أن تغطّي على القضايا الكبرى التي تشغل اهتمام الشعب العراقي، من الحرب ضد داعش الى قضايا الفساد المالي والاداري الى سوء الخدمات العامة كلها من دون استثناء الى تصاعد الحرب الكلامية من جديد بين القوى المتنفذة في السلطة.
36 طيارا عسكرياً عراقياً يتدربون في الولايات المتحدة منذ أشهر على طائرة F16 التي عقدت حكومتنا صفقة مع البنتاغون على شراء عدد منها.. الحظ العاثر لأحد هؤلاء الطيارين يجعل طائرته تتعرض لخلل فني فتهوي الى الأرض ولا يُفلح الطيار في القفز من الطائرة للنجاة بنفسه.
هذا ما حدث هناك في الولايات المتحدة، ومثله يحدث شهرياً تقريباً في مختلف قارات العالم ودوله، لكن هنا في العراق اشتغلت بقوة هائلة ماكنة نظرية المؤامرة، فتقدّم الصفوف نواب وأعضاء قيادات في قوى سياسية ليقولوا بكل اليقين، أو بكثير منه، أن حادث سقوط الطائرة ومقتل الطيار راصد محمد صديق كان مدبّراً، أقلّه لعرقلة إتمام تسليم الطائرات الحربية التي اشتراها العراق.. والمعنى..؟ ان الولايات المتحدة لا تريد أن نهزم داعش!
استعنت أمس بـ "غوغل" لأعرف عدد الحوادث المشابهة التي وقعت في غضون الأشهر القليلة الماضية. وإليكم بعض الحصيلة:
قبل شهر من تحطم الطائرة العراقية، أي في مايس الماضي، تحطّمت طائرة تابعة لسلاح البحرية الأمريكية في خليج سان دييغو اثناء رحلة تدريب، وتمكن قائدها من القفز منها سالماً.
وقبل ذلك، في أواخر نيسان سقطت طائرة تدريب عسكرية سعودية تابعة لكلية الملك فيصل الجوية في الرياض، وقتل الطياران اللذان كانا على متنها، هما المدرب والمتدرب. وفي الوقت نفسه سقطت طائرة تدريب تابعة للجيش المصري في منطقة غرب مدينة العريش شمال سيناء بسبب عطل فني.
وفي مطلع نيسان تحطمت طائرة تابعة لسلاح الجو الأردني خلال رحلة تدريبية اعتيادية، ما أدى إلى مقتل الطيار الاردني المدرب وطيار متدرب عراقي.
وفي كانون الأول الماضي سقطت طائرة عسكرية مصرية بسبب خلل فني أثناء تدريبات مشتركة (مصرية/ إماراتية) داخل مصر، ما أسفر عن مقتل طاقمها المكوّن من أربعة ضباط، مصريين اثنين وإماراتيين اثنين.
حادث مقتل الطيار العراقي في الولايات المتحدة أكدت وزارة الدفاع وقيادة القوة الجوية العراقيتين أنه حادث عادي ناجم عن خلل فني، فيما أفادت السفارة العراقية في واشنطن بأنها تتابع التحقيقات بشأنه.. لكن المشكلة أن ممثلي بعض القوى المتنفذة في السلطة، ولغرض في نفس يعقوب، لا يريدون لنا أن نثق بوزارة دفاعنا وقيادة قوتنا الجوية وسفارتنا في واشنطن.. يريدوننا فقط أن نصدق بأن النائب الفلاني والقيادي العلاني وسواهما قد جمعوا إلى مواهبهم وخبراتهم وكفاءاتهم موهبة أخرى وكفاءة أخرى وخبرة أخرى في مجال الطيران الحربي والتكنولوجيا الخاصة به! فما أهنانا بهم!
نوابنا يفهمون بالطيران الحربي!
[post-views]
نشر في: 4 يوليو, 2015: 09:01 م