ضيَّف اتحاد الادباء والكتّاب العراقيين الباحث والناقد ياسين النصير الذي حاضر في عدد كبير من المنتديات الثقافية والمهرجانات الأدبية والمؤتمرات في عموم البلدان العربية والأوروبية وترجمت بعض دراساته في المسرح إلى اللغات الألمانية والروسية والهنغارية وال
ضيَّف اتحاد الادباء والكتّاب العراقيين الباحث والناقد ياسين النصير الذي حاضر في عدد كبير من المنتديات الثقافية والمهرجانات الأدبية والمؤتمرات في عموم البلدان العربية والأوروبية وترجمت بعض دراساته في المسرح إلى اللغات الألمانية والروسية والهنغارية والهولندية. واعتمدت الانسكلوبيديا البريطانية كتاباته حول التعريف بالمسرح العراقي المعاصر، وذلك ضمن منهاج الاتحاد الثقافي الاسبوعي الأربعاء الماضي حيث ألقى النصير محاضرة بعنوان: (ايديولوجية تشكيل الأقاليم عالمياً). وبيّن مقدم الجلسة الناقد علي الفواز ان خصوصية المحاضرة هي محاولة للإطلال من الثقافي الى السياسي، ومن النص الى الدستور من خلال مقاربة المكان السردي بوصفه مستعملاً سياسياً وذلك لجعل العلاقة بين الثقافي والسياسي اكثر فاعلية، وان اهميتها تكمن في مقاربة الأزمات التي نعاني منها. مشيراً الى ان واحدة من المشكلات التي يواجهها العقل السياسي هي قضية الاقاليم، خاصة وان العقل العربي الاسلامي مركزي لا يؤمن بالتشظيات ويعدها مروقا ومحاولة للتمرد.
وفي حديثه ، اشار النصير الى ان الموضوع له صلة في جذر الثقافة وان بقاء دور المثقف مهمشاً يعود لعدم فاعليته سياسياً ومشاركته في بناء دولة. مبيناً ان دستور العراق كتب بعقلية براغماتية ، وقد احتوى على ألغام هائلة من بينها لغم الأقاليم. وقال: هكذا بكل بساطة تتفق ثلاث محافظات لتشكل اقليماً، في حين لو قرأنا كيف تم تشكيل الأقاليم في العالم كالاقليم الفرنسي اوالألماني اوالأميركي لوجدنا ان طرق التشكيل في القرنين السابع عشر والثامن عشر مختلفة تماماً عن ما طرح لتشكيل الاقاليم في العراق. لافتاً الى ماهية الثقافة والايديولوجية والصور العقلية التي قادت مشرع الدستور العراقي لأن يقترح تشكيل اقاليم على تشكيلات جغرافية مكانية وثقافية غير مستقرة اساساً. موضحاً ان مفهوم الاقليم لا يرتبط بالأرض فقط، وانما ينفذ بايديولوجية الطبقات المهيمنة، وقال: قُسم العالم الى سبعة اقاليم، وبطليموس اسس لهذه المواضع السبعة تعاليم لواطلعنا عليها لوجدنا ان العراق مجزأ فيها، البصرة وبغداد وديالى تنتمي الى اقليم يمتد من الصين مروراً بالهند الى البصرة وبغداد وديالى ثم تركيا وينتهي في اسبانيا. واقليم آخر يمتد من جنوب الصين ويشمل الرمادي والموصل والمناطق الشمالية. مبيناً ان بطليموس كان يضع تقسيم العالم وفق الاجناس، اقليم للجنس الاسود وآخر للأبيض ثم الأسمر. مستدركاً ان الاقليم يعني باللغة الاقتطاع من جزء اكبر، وبمساحة تضم مجموعة دول. ويعد الاقليم جزءاً من البحث عن هوية وطنية وله حدان، حد داخلي رسمته الدواعي الدبلوماسية والذرائع الخاصة والخرائط المعترف بها. ويكون الملك عنصرا اساسيا في أي تفكير اقليمي وفق مفهومين جغرافيين، الجغرافيا المادية التي تعتبر امتدادا لجسد الأمير اوالملك اوالسلطان. والجغرافيا الروحية المتربطة بالسماء وهو مفهوم ورث عن الأفكار الاغريقية إذ كانت الآلهة هي المسيطرة، ثم جاءت بعدها المرحلة الميتافيزقية التي ادخلت الطبيعة في الهيمنة على البشر، ثم المرحلة الوضعية التي ادخلت العلم والتقنية وبدأ الانسان كمركز للكون. مشيراً الى ان الجغرافيا الروحية يملكها الكهنة والبرجوازيون والاسياد والأمراء والاقطاعيون، أي انهم يملكون الأرض ومن يشتغل فيها. وقال: لذا نجد حكام القرن السابع عشر والثامن عشر هيمنوا ليس فقط الجغرافيا وانما على قطاعات هائلة من البشر. وفي المفاهيم السياسية نجد ان الملكية الشخصية للحاكم تتحكم بامور الاقاليم وتهيمن على الاسواق والاقتصاد والسياسة وتقف وراء هذه الهيمنة الكنيسة واللاهوت والتعاليم الدينية. لافتاً الى مثال ورد في ادبيات الكاتب وليم شيكسبير وهو الملك لير الذي قسم مملكته بين بناته، ثم حصل نزاع بين الاخوات نتج عنه طرد الملك لير من مملكته، حيث هام في الشوارع عارياً بعد ان مزقت ثيابه العواصف الرملية، عندها شعر بمعاناة الفقراء الذين ظلمهم واغتصب حقوقهم، حتى وجد نفسه في وضع يتوسلهم ليكون واحداً منهم. مبيناً ان ذلك يعني اتحاد الجغرافيا الطبيعية او المكانية مع الجغرافيا الروحية في الانقلاب على مالكيها فتنتصر لمالك آخر. وتابع: في القرن السادس عشر بدأت مفاهيم البحث عن الخرائط، وكان اول بلد باحث في هذا المجال هو انجلترا عام 1653. وهذا يعني البحث عن التملك أي انتزاع المللكيات من الاقطاعيين والرأسماليين والملوك وتوزيعها على البشر، وبذلك تكون للفرد مساحة من الأرض ينشئ عليها مسكناً، وعندها صار الفرد الانجليزي يشعر بانه بموازاة الملك.