يعتبره اقرانه الكاتب الأكثـر أناقة في عباراته ، والأرقى بأسلوبه في الكتابة ..انه الكاتب الاميركي جيمس سالتر الذي توفي يوم الجمعة الفائت وهو في سن التسعين بينما كان يمارس جلسة العلاج الطبيعي ، فلم يكن هذا الطيار المحارب يتمنى ان يموت في فراشه ، وتحقق
يعتبره اقرانه الكاتب الأكثـر أناقة في عباراته ، والأرقى بأسلوبه في الكتابة ..انه الكاتب الاميركي جيمس سالتر الذي توفي يوم الجمعة الفائت وهو في سن التسعين بينما كان يمارس جلسة العلاج الطبيعي ، فلم يكن هذا الطيار المحارب يتمنى ان يموت في فراشه ، وتحقق له ذلك ..
ولد سالتر في عام 1925 ، وكان يحمل اسم ( جيمس هوروتيز ) ، ثم غير اسمه لينشر روايته الاولى (من أجل المجد ) بينما كان مايزال في الجيش ، وتم اقتباس الرواية للسينما في فيلم ( نيران على آسيا ) الذي مثله روبرت ميتشوم عام 1958 ..
لم يكن احد من رفاقه في السكن التابع للاكاديمية العسكرية لـ(ويست بوينت ) يعلم بانه كان كاتبا اذ كان المكان كئيبا كملجأ كبير بارد وخال من العواطف ..وكان سالتر قد خدم في سلاح الجو الاميركي وشارك في الحرب الكورية وبدلا من ان يقتل في الحرب ...اصبح كاتبا !
في عام 1957 ، القى سالتر بدلته العسكرية ليتفرغ للكتابة التي وصفها بانها ( اصعب عمل مارسه خلال حياته ) ..كان يعيش في لونغ ايسلاند ،ولم يكن وقتها راضيا عن اعماله لكنه كان مخطئا ، فقد قدمت كتبه منفعة لاتضاهى لبلده خاصة عندما نشر روايته (رياضة ومضيعة للوقت ) عام 1967 ،ثم روايته الاجمل (سعادة مثالية ) التي صدرت عام 1975ووصف فيها معاناة الازواج ..أما آخر رواياته فقد حملت عنوان ( لاشيء آخر ) والتي صدرت عام 2013 من قبل ناشر نيويوركي .. وحين تعامل مع هوليوود التي كان يزدريها ،كتب سيناريو فيلم (الهبوط الجهنمي ) لروبرت ريدفورد ، ثم فيلم (ثلاثة) للفنانة شارلوت رامبلنغ ..
امتازت عبارات سالتر بالحساسية والدقة والشاعرية وكان يغمر صفحاته بالحنين الجارف حين يتحدث عن رفاقه في المعركة او عن الخلافات الزوجية ... وتحمل رواياته براعة وحذقا شديدين لدرجة ان من الصعب اقتباسها الى الشاشة ..وكان سالتر يعشق باريس ويبدو ذلك جليا في اجواء رواياته حيث تعج بحفلات الكوكتيل والمطاعم وتعكس رواياته خليطا من اسلوب فيتزجيرالد وبروست ..
كان سالتر يغوص في تفاصيل الحياة اليومية لابطاله ..شبابهم ، زواجهم ، احلامهم ..وكان يصر على كتابة كل شيء ليقينه بأن مالايكتبه قد يختفي الى الأبد ....وكان يكتب بطاقات صغيرة تضم تفاصيل دقيقة وتقوده حساسيته المرهفة ونهمه للتفاصيل الدقيقة الى ان يصف كل شيء ..المطابخ المليئة بالفوضى ، حجرات الاطفال المليئة باللعب ، سرير الخيانة الزوجية ..وكان يستمد قوته الرومانسية من حماسته المؤثرة وعواطفه الممزقة ..فالسعادة الكاملة في رواياته تنتهي بالموت الذي يسد الطريق امام التعرف على اجوبة العديد من الاسئلة لذا يحاول الاجابة على تلك الاسئلة في كتبه ....
كان سالتر اسما كبيرا في عالم الادب المعاصر وكان كاتبا نادرا رغم انه قدم ست روايات منها رواية ( القناصة ) التي صدرت عام 1956 في الولايات المتحدة وتمت ترجمتها الى الفرنسية مؤخرا في منشورات اوليفييه ...ويمثل هذا الكتاب سيرته الذاتية التي يروي فيها يوميات طيار قناص خلال الحرب الكورية..
حاز سالتر على جائزة فوكنر للادب عام 1988عن مجمل اعماله من قبل الاكاديمية الاميركية للفنون والآداب ..وقال وقتها :" ان تكون كاتبا ، هو ان تصنع من الايام المتكدسة شيئا قابلا للاستمرار "، وفي عام 1998 ، نشر سيرته الذاتية في رواية ( في طور الاحتراق ) ..اما روايته الاخيرة (لاشيء آخر ) الصادرة عام 2014 فيستذكر فيها ايام الحرب والسعي نحو الحب المثالي مع حديث عن خيبة الامل والمجد وتفاهة الاشياء ، وقد تم اختيارها عام 2014 كواحدة من افضل الكتب الاجنبية في المكتبات الفرنسية.