صفية المغيريفي ظل الظروف التي مر بها بلدنا العزيز إلى جانب غياب فرص العمل في المؤسسات الحكومية اضطر العديد من الشباب أن يتخذوا من الإشارات الضوئية ومفارق الطرق ونقاط التفتيش أماكن للعمل يلوذون بها من اجل كسب لقمة العيش حيث تحولت تلك الأماكن إلى سوق للباعة المتجولين مستغلين حالة الازدحام
لكي يقوموا بعرض بضاعتهم وبيعها إلى أصحاب السيارات المتوقفة هناك غير أبهين بالمرة بما قد يلحق بهم من مخاطر التواجد قرب تلك المناطق وللوقوف على هذه الظاهرة اطلعنا عن كثب على إبعادها والسبل الكفيلة بالحد منها. يقول المواطن ( جعفر صادق ) موظف : بالتأكيد كل تصرف في الحياة له ما يبرره اما بخصوص هذا الموضوع فمتطلبات المعيشة هي عنوان يدفعنا إلى التواجد في تلك الأماكن وذلك لتحقيق مكاسب مادية من خلال بيع تلك البضائع على المواطنين الذين يرومون العبور من تلك الأماكن . أما ( سعد كاظم ) وهو بائع مناديل ورقية فيقول : أقوم ببيع المناديل الورقية في التقاطعات وعند مفارق الطرق وفي الكراجات مستغلا توقف السيارات حتى يتسنى لي الحصول على رزقي ورزق عائلتي، وفي بعض الأحيان اضطر لتغيير مكان عملي للتجوال عند نقاط التفتيش عندما أحس بان عدد الباعة المتجولين في تلك الأماكن قد ازداد عن الحد المطلوب مما يجعل مهمة الحصول على الرزق صعبة . فيما قال المواطن ( ماجد فاضل ) بائع صحف : يقينا ان العمل شرف ولكن ثمة تداعيات تدعوك إلى التذمر والسخط لما نلقاه من ألوان الكلمات والنظرات المحتقنة بالازدراء . فعلى سبيل المثال انا أجوب المنطقة طولا وعرضا من اجل أن أبيع الصحف وفي اغلب الأحيان لايتسنى لي بيع العدد المطلوب لتوفير قوت عيالي بينما هناك الكثير من المخاطر التي نتعرض إليها من بعض الصبية والشباب الذين ارتقوا الدراجات والسيارات . وعلى الرغم من ذلك ومن غيره يبقى هاجس الاستمرار في العمل عنوان يقض مضجعنا وهو بالتأكيد العلامة الأبرز التي تمنحنا الصبر على تحمل تلك المخاطر علما باني احاول الحصول على فرصة عمل في المؤسسات الحكومية ولكن لم تأت الفرصة لحد ألان . أما ( حسن عبد علي ) أبو زهراء وهو بائع سكائر اكد : أن الظروف هي التي تدفع بنا إلى هذا الاتجاه وهي التي تحتم علينا أن نسلك الطرق الصعبة من اجل كسب لقمة العيش . ولكن هناك إرادة تدفعنا بالتشبث بالحياة من خلال ديمومة التواصل بالعمل كي لانعطي لأعدائنا فرصة التشفي في إيقاف عجلة التطور والبناء والعمل، لذلك نحن مصرون على مواصلة خلق الحياة بأساليب مختلفة مهما كانت تلك السبل . محطتنا التالية كانت مع الأستاذ ( طالب علي ) ماجستير علم اجتماع وقد اوضح : أن حياتنا تشهد حالة من الصراع الحقيقي بين الاستمرارية في الحياة أو النزوع إلى حالة اليأس والاستسلام وبين كلا الموقفين هناك ثمة دلالة أكيده وإشارة واضحة، والساحة العراقية هي خير دليل وشاهد بان الموت والقتل وهو العنوان الأبرز الذي يخلف اليوم وراءه أمنيات تتلاشى بفعل الصوت المدوي للمفخخات . وهذا الأمر لزاما يضع جملة من العراقيل أمام عملية النهوض والبناء والتطور فضلا عن كونه يرسم صورة مشوشة وضبابية عن المستقبل. ولكن تبقى إرادة الحياة من خلال التواصل في مسيرة العمل ورفض حالة التقاعس والانهزام . وما يشير إليه التقرير العالمي من أن نسبة البطالة في العراق لهو أمر طبيعي في ظل الظروف الصعبة التي مر بها العراق والتداعيات الخطرة التي تحيط بواقع بلدنا العزيز . ولكن يبقى هاجس العمل وهو مسيرة العراقيين جميعا من اجل النهوض بالواقع العراقي من خلال سد جميع المنافذ أمام كل الحاقدين وخلق جيل يؤمن بان العمل رسالة إنسانية وخلقية يحرص العراقيين على تأديتها مهما كانت الصعاب.
الباعة المتجولون: شظف العيش لم يفقدنا الأمل باستمرار الحياة
نشر في: 1 يناير, 2010: 06:19 م