بعد سنة كاملة من بدء أعمال دورته الحالية، يوشك مجلس النواب على أن يلفظ مجموعة جديدة من أعضائه بقرار من المحكمة الاتحادية التي قررت إبطال عضوية 28 نائباً والاستبدال بهم أعضاء جدداً ممن شاركوا في انتخابات العام الماضي، بحسب ما أفاد به أمس أحد أعضاء اللجنة القانونية البرلمانية.
الإبدال والإحلال صار من الممارسات الروتينية لبرلماننا، وهي ممارسة سيئة بطبيعة الحال، لكنّها تستمدّ سوءها من السوء غير المحدود في قانون الانتخابات الذي لا يوجد مثيل له في أي من الدول الديمقراطية أو نصف الديمقراطية أو حتى ربع الديمقراطية.. انه قانون مفصّل على وفق مصالح مجموعة من القوى والأحزاب والأشخاص الذين شاء الحظّ العاثر للشعب العراقي والنظرة القاصرة للولايات المتحدة، منذ إثنتي عشرة سنة، أن يوضعوا في سدة الحكم في واحد من أغنى بلدان العالم، ليحيلوه، في نهاية المطاف وفي فترة قياسية، إلى واحد من أكثر الدول فقراً وبؤساً وتخلّفاً وعدم أمان.
النواب الذين سينبذهم المجلس اكتشفت المحكمة الاتحادية، بعد النظر في طعون مّقدّمة من مرشحين منافسين، أن وجودهم في مجلس النواب غير شرعي.
السؤال الآن: من المسؤول عن هذه "المسخرة" المتكررة؟ وعن هذا التجاوز على إرادة الشعب؟ .. أشخاص يقعدون تحت قبة البرلمان كل هذه المدة.. ينطقون باسم الشعب ويشرّعون باسمه أيضاً قوانين أو يُبطلون قوانين أو يمنعون تشريع قوانين، ثم نكتشف أنهم ما كان يجب أن يكونوا في هذا المكان ليشرعوا القوانين أو يُبطلوا القوانين أو يحولوا دون تشريع القوانين، وإلى جانب هذا ينفخون في نار التعصب الطائفي والقومي، فيسقط بسببهم المئات من الناس الأبرياء قتلى وجرحى، وتتخرب أملاك.. وفوق هذا كله يتحصّلون على رواتب خرافية ويتمتّعون بالحصانة وبامتيازات لا نظير لها في كل برلمانات العالم... إنها مسخرة نخب أول ولا شك... صناعة عراقية فقط من عهد المحاصصة!
من المسؤول؟
المسؤول الأول، دون شك، هي مفوضية الانتخابات التي ما كان لها، لو كانت مهنية وحيادية ومستقلة عن حقّ، أن تسمح لرؤساء الكتل بتعيين النواب "بكيفهم" من دون التدقيق بدل المرة مئة مرة لكي يحتلّ المقعد النيابي من يستحقه. ومفوضية الانتخابات مسؤولة أيضاً لأنها لو كانت مهنية وحيادية ومستقلة عن حق لأوضحت لمرجعيتها، مجلس النواب، ولمرجعية الجميع، الشعب العراقي، أن قانون الانتخابات سيئ ولا يتيح الحؤول دون وصول مَنْ لا يستحق تمثيل الشعب الى البرلمان.
وأكثر من مفوضية الانتخابات، مجلس النواب نفسه المسؤول عن هذه وسواها من مساخر حياتنا المتعددة ونكباتها المتنوعة، لأنه يصرّ على تشريع القوانين السيئة، وقانون الانتخابات واحد منها، ويتمسّك بعدم الوفاء بواحد من أهم واجباته والتزاماته الدستورية، وهو تعديل الدستور.. هذا الاستحقاق القائم منذ العام 2006!
جميع التعليقات 1
ابو اثير
هذه هي واحدة من مساوي الديمقراطية التي جاءت مع المحتل ألأمريكي وواحدة من أفظع مساويء مفوضية ألأنتخابات الغير مستقلة في العراق ما بعد ألأحتلال ... وألآن ماهو الحل ... الحل يبقى دائما في يد الشعب العراقي ولا أحد غيره وعليه ألأستفادة من تجارب الشعوب في العال