هل الإرهاب إسلامي أم الإسلام إرهابي؟
السؤال ليس حزورة، بل هو سؤال ينبثق من ملابسات ما يجري في منطقتنا والعالم، والجواب عليه ليس سهلاً، والمسلمون أنفسهم، حتى فقهاؤهم يكذبون عندما يقاربون سؤالاً، مثل هذا.
"داعش" اختصار "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الذي غير اسمه إلى "الدولة الإسلامية" لأنه لم يعد في العراق والشام فقط، بل "بقي وتمدد" وضرب في ثلاث قارات، قبل أيام، أسس "دولة" لها بنية فوقية وأخرى تحتية، سك نقوداً وأقام مؤسسات تشريعية وتنفيذية، مع أن لا وجود لتعبير "دولة" في القرآن ولا في الحديث النبوي ولا في السُّنة، كما يقول المفكر المصري سيد القمني.
لكن هل أجاب عليه المفكرون العلمانيون العرب أو من يعدون في صنف المثقفين الأحرار، المستقلين على الأقل، الموضوعيين على أقل الأقل، عدا سيد القمني!
لا في التاريخ القديم ولا في المعاصر ثمة "دولة إسلامية" بالمعنى القانوني الحديث للمصطلح، عدا دولة بلاد فارس في شرق العرب أطلقت على نفسها "دولة إيران الإسلامية" والثانية تطبق الإسلام حسب ما تراه هي وترغب به اسمها "المملكة العربية السعودية".. الدولة الأولى تقوم وتتحرك على وفق المذهب الشيعي والثانية على المذهب السني الوهابي، والحرب بينهما سجالٌ وعوانٌ.. ولا ندري أي من الطائفتين هي الباغية لنقاتلها!
أما دولة الرسول في المدينة فهي بلا معالم ولا أركان ولا ملامح.. عدا القرآن دستوراً والسيف مشهوراً، وأول ما وصل محمد المدينة بنى مسجداً، وهو أشبه بالمأوى ليقيم فيه المهاجرون الجدد بقيادة النبي، وكل ما أنجز فيه هو تقريب وجهات النظر بين المهاجرين والأنصار (المؤاخاة) ثم المعاهدة بين المسلمين واليهود والقصة طويلة تمثل الحروب والغزوات أساس بنائها السابق واللاحق، ثم بداية انهيارها بوفاة الرسول.
واليوم، على أي وجه من وجوه الإسلام المتعددة يسير الناس؟
هل على وجه:
"هُوَ الذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ" (أي البطش ببقية أهل الديانات السماوية الأخرى).
أو: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ (كل أهل الديانات الأخرى في جهنم).
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (دعوة إلى الرحمة والصلح والحوار).
أو: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وإن محمداً رسول الله - حديث نبوي (وهذا شعار "داعش" وتطبيقه بالضبط).
أو: الكلمة الطيبة صدقة - حديث نبوي (الحوار لا الحرب).
أو: وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ.
أو: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (إرهاب المختلف وابتزازه).
أو: لَّوْ يَشَاءُ اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً (وما ذنب الذي لم يشأ الله أن يهديه؟).
أو: لا إكراه في الدين (نقيض "قاتلوا الذين لا يؤمنون.... إلخ الآية).
أو: يقول ابن تيمية: إذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد، ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا، فمن امتنع من هذا قوتل باتفاق المسلمين، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمن ونحوهم، فلا يقتل عند جمهور العلماء، إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان، لكونهم مالا للمسلمين، والأول هو الصواب.
وجوه الإسلام في القرآن والحديث
[post-views]
نشر في: 6 يوليو, 2015: 09:01 م