تقول زوجة الرجل الذي يرجع بمرجعيته الدينية إلى احد المشايخ لزوجة الرجل الذي يتبع مرجعية أخرى بان اليوم هو يوم ضربة ابن ملجم للإمام علي وليس البارحة، فتجيبها واثقة بان يوم الخميس هو اليوم الأول من رمضان، لذا سيكون يوم الوفاة بعد الغد، لكن تلك تصر على أن الأول من رمضان كان الجمعة وليس الخميس، ليس الأربعاء ..
في الأول من كل رمضان نسمع السيناريو نفسه، يصوم السنة قبل الشيعة ويكون الكركيعان يومين في الرمضان الواحد، يوم للسنة ويوم للشيعة، يوم لهذه الطائفة وآخر لتلك، وفي السنوات الأخيرة انقسم القوم الشيعة إلى أكثر من مرجع، فصام اتباع السيد الفلاني بعد يوم من صيام اتباع الشيخ الفلاني، وصار الأطفال يطرقون بيت الشيعي فيقول لهم: لا، الليلة مو كركيعان تعالوا ليلة باجر. ويطرقون ليلة الغد باب بيت السني فيقول لهم : لا، الليلة مو كركيعان، كركعنه البارحة. ويأتي العيد فيلبس الاطفال السنة ثيابهم البيض، ويملأون جيوبهم بالنقود والحلوى والكليجة لكن الأطفال الشيعة ينظرون اليهم بعين شزر وحسد. فينقل احدهم وجه نظر أبيه بان عيد اليوم باطلٌ، فلا احد رأى الهلال، ثم يقول الولد السني للشيعي: أنتم صمتم يوم عيدكم، البارحة رأى ابي الهلال وسترون كم سيكون كبيراً بعد صلاة المغرب اليوم.
أرحمونا يا ناس، نحن نشقق نسيجنا الاجتماعي مثلما يشقق مقص البزاز قطعة قماش جميلة بين يديه، ومثلما يشعل مجموعة أطفال عيدان الثقاب ويرمون بها في كل أتجاه يشعل البعض منا عيدان التفرقة بين أولادنا. التقويم الهجري هذا لم يترك لنا يوما صحيحا في تأريخنا وحاضرنا وذهب لمستقبل أولادنا فجعل من أيامهم وساعاتهم مزقاً. نختلف على يوم مولد النبي ونختلف على يوم وفاته، ثم انبرت فرقة تقول باستشهاده فيما تقول الفرق الأخرى بوفاته بالحمى التي مات فيها، ولما ماتت ابنته فاطمة اختلفت الفرق في يوم وفاتها، فصارت أياما ثلاثة بروايات فقهاء ثلاثة. وضرب ابن ملجم الأمام علي ليلة التاسع عشر من رمضان، لكننا برمضانات لا تعد رحنا نعدد الايام ونختلف على توقيتاتها حتى شطرنا روح وعظمة الامام الى ما اختلفنا عليه. يأتي المحرم فيحتفل أهل السنة ببداية العام الهجري فيما يحزن الشيعة لأنه اليوم الذي يبدأ به عاشوراء. كيف بنا يا ناس؟؟
في الوقت الذي نتحدث فيه عن تجفيف منابع الإرهاب، ويتخذ الخطباء من المنابر الفرصة للحديث عن اخفاقات الحكومة من جانب ومساندة الجيش والحشد ورجال العشائر من جانب آخر، وينبري غير واحد محذرا من مخاطر داعش ويجري الحديث في السوق والدائرة والمضيف عن ما آلت اليه احوال العراق.. نجد أن الانتباه بات ملزما على الجميع، وعليهم التنبيه الى ما يختفي بين طيات أوراق التقويم الهجري، وما يضمره لنا هذا الأصفر المعلق في السماء، هذا الذي يتمرأى لنا وجهاً نورانيا جميلا مرتين في الشهر لكنه يستحيل أيضا منجلاً من نار ورصاص يأخذ بقبضته البعض منا ليحصد به أرواح ابنائنا من الذين يحبونه ذهبيا، باسماً. في الوقت هذا نقول: تعالوا نقرر مواعيد بزوغ وأفول هذا الأصفر الدائر حولنا، لا نريده فيصلا ًفي المواعيد هو لا يصلح لأيامنا، هو متحول وهلامي، فرّق عشيرنا منذ ان صارت دماء ابنائنا لعبة بيديه، لا نريده حكماً في مواعيد سفك دمائنا، ابحثوا لنا عن نجم آخر، ابيض أو أصفر أو وردي، لا يهم لكننا نريده نجما طاهرا عفيف البزوغ بارد الغياب لا يتدخل في ما نختلف عليه. يكفينا اننا لم نتفق بعد على يوم ساعة خلاصنا.
أين يكون الهلال منجلاَ من نار
[post-views]
نشر في: 7 يوليو, 2015: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
ابو اثير
الخلاص لنا جميعا هو أبعاد ألأسلاموين السياسيين والدين عن السياسة ... لأن السياسة أفسدت الدين ألأسلامي في كل ما أحتواه من مباديء سامية وعادلة ومنصفة على مدى أكثر من الف واربعمئة وستة وثلاثين سنة ... وألا سنظل ندور في هذه الحلقة المفرغة طوال أعمارنا وأعمار