TOP

جريدة المدى > عام > الحياة والحب فيها

الحياة والحب فيها

نشر في: 12 يوليو, 2015: 12:01 ص

7
إنقاذ الحياةلسنا هادئين تماماً امام الضحايا والأمواتوهم يمرون في صناديقَ خشبيةٍ رديئةِ التصميم، يُنْقَلون إلى منفى زائف،نزوره بصمت، بنوعٍ من الخوف المغطّى بالضحكبالكذب، بلا مبالاة هشة.أولاء إخوتنا افتدوا الحياةَ قبلنالسنا أبداً اقلَّ اهتماماً بالم

7

إنقاذ الحياة
لسنا هادئين تماماً امام الضحايا والأموات
وهم يمرون في صناديقَ خشبيةٍ رديئةِ التصميم،
يُنْقَلون إلى منفى زائف،
نزوره بصمت، بنوعٍ من الخوف المغطّى بالضحك
بالكذب، بلا مبالاة هشة.
أولاء إخوتنا افتدوا الحياةَ قبلنا
لسنا أبداً اقلَّ اهتماماً بالمصائر،
هي حياتُنا وهي محنتُنا الإنسانية.
ونفكر في الحالات كلها.
نحاول بما نرى وما نلمس، بما نتغذى ونشتغل،
ان نجد حلا. حلاً مؤقتا يشغلنا عن ذلك السواد الكَدِر
الذي اسمُه الموت.
نحن ننقذُ حياتَنا الباقيةَ بالعمل المشترك
ونهيّئ ما يصون حياةَ القادمين.
العمل المشترك هو حلٌّ مقبول، ممكنٌ، حلٌّ فيه شرف.
جميعنا نريد الحياة حباً وعملاً ولقاءات .
ماذا نفعل، ماذا يكون ان لم نكن كذلك؟
نضطر لمواجهة السموم والافتراس وجفافِ النهر
وتوقّفِ الشعلة وموتِ الجميع قبل وصول الحدائق المائية.
ونحن نموت لا لأنا نريد الموت، لا لأنا
لا نعبأ بالحياة، لكنا نموت مبتهجين
بالآمال بحياة مزدهرة والسنابل تلتذُّ بالزحام في الحقول.
لقد حددنا أعداءنا، الرصاص والنقص والخطأ والشراسة.
هذا يعني اننا ضد الموت، ضده حتى النهاية.
ولهذا يريد الفعلُ رصانةَ الخطو
ورصانةَ الكلام ورصانةَ النظر
ورصانةَ اليد على الماكنة، أو في الكتابة!
ربيعنا المشترك بين ايدينا،
حلُماً او حقيقة!
حفلُ الشرف
حين تكون الشجرة مشغولةً بمفاوضةِ الريح،
والنافذة تنتظر من يفتحها
والمصباح المنسيُّ غيرَ مرتاحٍ لكن يبتسم بأسفٍ
على نسيانهِ
والصبيُّ النزِق استقرَّ فوق واحدٍ من أكتاف
شجرة التوت يتحيّنُ قنْصَ الحمامة قريباً منه،
والنخلة وقفتْ لا تدري ما تفعل بعد إخلاءِ
الدار وهي ترى العائلةَ ترحل،
وهذا الرجلُ الأشيب، بجريدته تحت الإبط،
قد أضنتْ التجربةُ جذعَه وما عاد يثق بشعار
ويتمتم كلماتٍ غامضةً حين يسمع تصريحا...،
يبدأ القلق.
لكن ما يمنحني الاطمئنانَ كونُ السماء
هي نفسها فوق الوجوه والبيوت ،
السماءُ نفسها مثلما هي سقفُ عالمي الأعلى،
هي سقفٌ عالم الزهرة والطائر البحري
وهي السقف الأعلى لوحوش الغاب،
الأرنبُ ينظر إليها كأنْ يبتسم ..
أعود أرى الارض شاحبةً، تبدو خائبة المسعى،
تبدو متعبةً كأن لا ربيعَ بعدْ.
شحوبٌ على كل شيء،
الطرقِ والبيوتِ والناسِ والابواب،
شحوبٌ على كل شيء.
وفي حال كهذه مريرةٍ باهتة،
تبرز القوانين مقطِّبةً غاضبة وتنتظر تنفيذَ الأوامر.
القوة السيئةُ ذاتُ وجه الموت، ملتّمةُ القسمات
كراهتُها السُمّيةُ للحياة واضحةٌ في العيون
وواضحة على الأفواه المنحرفة.
ذلك المُسَلَّحُ الفجُّ يضحك عاليا بشدقَيْن سخيفين
يضحكُ عالياً لأن الانفجار
أطارَ كفَّ عدوِّهِ وتركَهُ بواحدة ،
لا احد يدري بعد اين سقطت الكفُّ الثانية!
الحياةُ في محنة والروح مشمئزةً تغادر
لكن حفلَ الشرف يتقدم للارض المدمَّرة.
هو لا يترك الحياةَ وحيدة ،
لا يتركُ الجمالَ للوجوه الرمادية والأسلحة.
انتبهتُ: قرب قدمي حشائشُ تستيقظ
لتستقيم ، بعد ان داستها العربات
هي تتحرك ناعمةً وطرية في الريح،
هي تَرى الحياةَ من جديد ..
تَلِفَتْ أشياءٌ كثيرة
لكن لم يتلفْ كلُّ شيء!

حياةٌ مهذبةٌ للجميع
في أزقّة بغداد او في أزقة البصرة، موتٌ واحد:
الأتربة ثقيلةٌ وتجيءُ مساحات
والوردةُ لا تسلم من كفٍّ خشنةٍ او من سَموم
والنوافذ اعتادت التآمرَ مع رمال الصحراء الحُمْر
لتصلَ حتى كوب الشاي
والوجوه المُعْتَصَرة التي امتصَّ دماءها الكدح
من صباح الله الى موت المساء.
ونساء الازقة دُفِن طويلا في الظلمة،
ليبدَأنْ الحملَ على الأكتاف والحمل في الأرحام،
حمولات مختلفات حتى يُبْهَضن. ثم يُطْرَحن
على الحصُر، يسقطن. اما يقتلهن المرض
او التعبُ او سَطوةُ الرجال المهانين او الإنجاب.
عالمنا صعبٌ. صعبٌ جدا ومؤسف.
ولا مجالَ للصمتِ على الوجع
كثيرون ادّعوا ازاحةَ الظلام ودفع الأركام،
لكنهم خلسةً، او بلا خجل، هادنوا الجريمة
وكانوا من حُماتها او من خدمِها.
القَتَلة يقفون في الشمس، هم واضحون
وبصراحةٍ يعلنون انجازاتِهم المُخجِلة،
هم يثقون بسماحتنا،
باننا سنغضُّ ابصارَنا فرصةً للإنسان لينجو،
او لينسى او ليندم، وان كنتُ استبعدُ ذلك.
ليس هذا ما أراده البرق. ليس هو هَمَّ الكتابة،
او الانسان يتقدم.
نريد الحياة مقبولةً ومهذبةً لنا ولهم!

القصيدة في الوردة
مفزعٌ تاريخُ الأرض، تاريخُ الانسان عليها
مخيفٌ عددُ القتلى محطمي السيقان أو مثقّبي الجماجم بالطلقات.
مخيفةٌ خطوط الأسرى الطويلة يدخلون الظلامَ ولايخرجون
مخيفةٌ مؤسفة جموعُ المنتظرين حصصَهم الغذائية،
رزاً فقد صلاحيته وبقولياتِ شحاذةٍ واغطيةً قد تصير من بعد أكفاناً.
وهذه الملايينُ القلقة، شاحبةُ الأوجهِ
التي لاتنام من وجع أو من مجيء البوليس،
أيّ حياة جحيم كانت حياتهم.
ياسيدةَ الجمالِ في المدن المدمرّة ،
ياروح الحياة المهمومة الثكلى ،
يا أنتِ التي علمتِني أكتب قصائد حب في أشرس الساعات موتاً،
الملايين المكومون تلالاً ينتظرون حباً وخبزاً،
ينتظرون النارَ الالهية
تزيحُ هذا الكونَ الثلجي، الذي قد يغلق السماء.
نحن نستنجدُ بالحب لابغيره،
هو الذي سيعيد القناطرَ ويفتح الطرقَ المغلقة
وهو الذي سيطعم الحياة شرفاً ويُنهِضُها على قدميها،
وسترى الانسانيةُ المعلولة الشاحبة، الراقدةُ على أسِرَّةِ زماننا،
كيف تفتح عينيها مشتاقةً الى الشمس وهي ترتفع
وكيف سيعمُّ الصباحُ ونسمع في البعيد أناشيدَ منفيين قادمين
وترى في الحقول حلقاتِ راقصين فرِحين
بعودة الحياة وشفاء المدينة واتّقاد المصابيح..
ايتها السيدةُ الأبدية،
الذين بقوا على قيد الحياة ينتظرون
يطبقون أعينَهم على ألمٍ ويفتحونها،
يريدون أن يسمعوا منكِ قصيدةَ الحب التي ضاعت من الحياة
ونسمع هنا أو هناك اصداءها من سنين...
لا، نحن لا نزيف الحقائق، لانطلي حديدَها الأسود بالفضة.
قد ندفع إيذاءها، نُعيد رسمَ الخبَرِ لنخفّف ايذاءه
ونثلم رأسَ المسمار. نضع يدَنا على نقطة الالم
وفي رأسنا السبب واضحاً يلتمع.
قد ينتهي طريقُ الموعد الى جدارٍ داكن،
قد تلمسين شارةً
وقد يوجعكِ الحبُّ في الخاتمة.
لكنه حبٌّ ومحاولةٌ للوصول الى السلام أو إلى المتعة.
هو كدحٌ روحيٌّ لكسر يباسِ الكراهة والصمت.
اما أنتَ ايها الناظر من بُعْدٍ،
فقد تظن الآخرَ يبتكر معجزات
وقدرتهُ فائقة على ادارة مركبةِ الزمن بحمولتها.
هو بشرٌ جيد ولبَّهُ ابيض وشذي،
لكنه ليس دائماً ملكَ نفسِه وهو ليس دائماً الأقوى.
ابتهاجُه بغيركَ، لايعني إثماً، مركزُ الجاذبية
في قارة حبّهِ غيَّرهُ كوكبٌ آخر،
وحتى الآن هو ليس إثماً
لكن حين لاتغفر له تحوّلاتِه الصعبةَ وتستعين
بالكراهة، أنتَ آثم بالتأكيد.
العاشق يظل ناقصَ الحب قبل أن يتمنى نظافةَ الملاك
قبل أن يُحسِنَ النظرَ الى النجوم
ويعرفَ القصيدةَ التي تتخفى في الوردة.
حبيبُك تراه في العزلة
وتراه في المطر
وتراه في الحشد
وتراه في الثلوج.
حبيبك تراه يبتسم وتراه جالساً بلا ضياء
وتراه مضحّياً وفي وجهه وقلبه الرضا.
فلا تعجب إذا رأيتَه مُعرِضاً يُعلِنُ الجفاء !
أنتَ عليك أن تُحِبَّ ان تكون سيداً عاشقاً يعرف الحياة
ولكي يكتمل درسُ الحب ، افتح النافذة وليدخل على ليلك
الفجرُ الممشوقُ اللامع.
اصطحِبْهُ الى حيث ترى نافذةَ الحبيبة، وهناك
هَبِ الروحَ للضياء . فهناك كل الشكوك تحترق
وهناك تشعر بالحياة عامرةً بالحياة!
في النزهة الثلجية، وأنتما معاً في ذلك النهار الابيض المرتعش
لذةً وبراءة،
استرضِ الحبيبة بعنقود من الندى مثلجاً كرات
هي ستمنحك كرَزاً دافئاً،
ايها الحب، ابقَ حباً!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

فيلم
عام

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

ترجمة: عدوية الهلالييعرض حاليا في دور السينما الفرنسية فيلم "الجدار الرابع" للمخرج ديفيد أولهوفن والمقتبس من الكتاب الجميل للصحفي والكاتب سورج شالاندون - والذي يجمع بين حب المسرح والعيش في مناطق الحرب في لبنان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram