تحاول الحكومة الجزائرية مواجهة السلفية التي تعتبر المرجعية الدينية للفكر الجهادي، لكنها تواجه صعوبات في استعادة السيطرة على كل المساجد التي تنتشر في البلاد.وكرر وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى مؤخرا تصريحاته بخصوص عزم الحكومة على استعادة السيط
تحاول الحكومة الجزائرية مواجهة السلفية التي تعتبر المرجعية الدينية للفكر الجهادي، لكنها تواجه صعوبات في استعادة السيطرة على كل المساجد التي تنتشر في البلاد.
وكرر وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى مؤخرا تصريحاته بخصوص عزم الحكومة على استعادة السيطرة على كل المساجد في الجزائر من الائمة السلفيين.وقال الوزير الذي تم تعيينه في هذا المنصب قبل سنة ونصف سنة ،صرح إن هناك “هجمة فكرية وإيديولوجية (…) تهدف إلى اقتلاع الشباب من حاضنتهم الدينية والوطنية وتوجيههم إلى مفهوم تدين افتراضي على غرار ما يعرف بتنظيم داعش”.
وازدادت المخاوف في بلد يقع في منطقة تعيش اضطرابات بعد ظهور تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا وتونس التي شهدت عمليتان قتل فيهما 59 سائحا في اقل من ثلاثة اشهر.وتمكن الجيش الجزائري الذي يحارب المجموعات الاسلامية المسلحة من القضاء على تنظيم جند الخلافة الذي اعلن موالاته لتنظيم الدولة واعلن نفسه من خلال خطف وذبح سائح فرنسي.في وقت تشرف الحكومة على نحو 50 الف موظف منهم نحو 17 الف إمام يعملون في اكثر من 20 الف مسجد، بحسب نقابة الائمة التي تأسست في العام 2013.
ومنذ تأسيسها أكد رئيسها الشيخ جلول حجيمي أن هدفها “حماية الإمامة من الافكار الخارجية سواء السلفية او غيرها”.وبحسب حجيمي، فإن التخلص من المتطوعين شيء صعب التحقيق لأن الوزارة ليس لديها المال ولا الموظفون لملء الفراغ الذي يمكن أن يتركه منع أئمة السلفية من المساجد.وقال “نحن أصلا لدينا عجز في عدد الائمة فهناك 22 الف مسجد و7 الاف في طور الانجاز ونقدر العجز بنحو سبعة الاف امام”.وتابع: “لا نفهم تصور الدولة فهي لا تبني المساجد ولا توظف سوى أربعة أو خمسة أئمة ومؤذنين في كل ولاية (نحو 200 في كل أنحاء البلد) وتريد أن تمنع المتطوعين”.وتريد الوزارة تعويض الائمة السلفيين بالدفعات الجديدة من الطلاب المتخرجين من المعاهد الدينية التابعة لها، إلا أن لا شيء يضمن أن “الذين يتخرجون من معاهد الدولة لا يحملون الفكر السلفي” كما يشير حجيمي.وينشط بعض هؤلاء الائمة على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الخاصة بدون أن تتمكن الوزارة من السيطرة عليهم.ومنذ تحرير القطاع السمعي بصري في 2012 وصل عدد القنوات الفضائية إلى اكثر من أربعين اضافة الى بعض الإذاعات التي تبث عبر الانترنت.وأصبح لكل قناة برنامجها الديني ومنها ما يتضمن برامج للفتوى خارج سيطرة وزارة الشؤون الدينية، التي كثيرا ما تنتقدها لكنها عجزت عن وقفها.وفي بلد ينص دستوره على أن “الاسلام دين الدولة” يغيب منصب مفتي الجمهورية في انتظار إنشاء أكاديمية للفتوى تضم 50 إماما بالتعاون مع جامعة الازهر في مصر.وفي انتظار المفتي الرسمي فإن الجزائريين يلجأون عادة إلى إمام المسجد، بدون ان ينتبهوا أن كان إماما معينا من الوزارة أو من المتطوعين السلفيين.وفي رأي الباحث في التصوف سعيد جاب الخير فان “القضاء على الفكر السلفي اكبر واقوى من برنامج الوزير، بالنظر الى تجذره في المجتمع منذ البعثات الاولى للطلاب الجزائريين الى السعودية، حيث لا يتم تدريس سوى الفكر الوهابي السلفي”.وأضاف مؤسس ملتقى الأنوار للفكر الحر أن “السلفية لديها خلفية اجتماعية كما أنها مدعومة من اشخاص في السلطة والمعارضة وحتى في الخارج”.واستخدمت السلطة هؤلاء الشيوخ الذين يعارضون ممارسة السياسة وتأسيس الاحزاب لمواجهة اليساريين، خصوصا في الجامعات خلال سنوات 1980 ثم استخدمتهم في سنوات 1990 لاقناع الجهاديين بترك السلاح.
وحذر الباحث جاب الخير من “الخطاب المزدوج” للسلفيين، “خطاب معلن لعامة الناس وفيه التسامح والوسطية وخطاب غير معلن موجه لتنظيمات سرية اكثر تطرفا”.وأشار الى انه في بعض المرات تتسرب أشياء من هذا الخطاب المتطرف “فيقومون بانكارها عبر وسائل اعلامهم وحتى بتأليف الكتب”.وذكر ان فتاوى الجهاد في الجزائر صدرت من شيوخ السلفية، “ولما شاهدوا النتائج الكارثية أنكروها”.